17-نوفمبر-2015

الفيسبوك ضرورة!

من قال إن الموضة تقتصر حصرًا على عالم الأزياء وأن من لا يواكبها لا يكون عصريًا؟ عالم الأعمال يتميّز بسرعة تغيّره نتيجة اللاحتميات التي تحيط به لا سيما مع العولمة التي جعلت العوامل المؤثرة بالاقتصادات والشركات عوامل كونية، متشابكة، متشعبة وشديدة الوطأة. هذا التغيير يتطلّب شركات مواكبة كي تحافظ على مكانتها على السجادة الحمراء التي تستقطب الأضواء. ولعل السجادة الحمراء تتمثّل بالسوق حيث يلتقي العرض والطلب ولعل الأضواء تشكّل الحصة من هذا السوق التي تجسّد إيرادات هائلة.

الموضة في عالم الأعمال تتطلّب تبني التكنولوجيا التي تساهم في زيادة حجم الإنتاج لتقليل الكلفة ولتلبية الطلب العالمي أسوة بالشركات متعددة الجنسيات. غياب هذه التكنولوجيا يخفض من القدرة التنافسية وبالتالي خسارة المكانة في السوق العالمي. واللافت أن العمل اليدوي الذي كان رائجًا قبل الثورة الصناعية لم يعد بمقدوره إعطاء الشركة ميّزة تفاضلية.

ماكدونالدز يصبح أكثر التهابًا في المذاق نتيجة الإكثار من الفلفل في المكسيك ويضيف النبيذ على لائحة منتجاته في أوروبا ويراعي الشريعة في الدول الإسلامية

لا يمكنك أن تكون مواكبًا لآخر صيحات الموضة وأنت تتبنى التسويق الكلاسيكي. التسويق في السنوات القليلة المنصرمة أخذ شكلًا جديدًا مواكبًا لوسائل التواصل الاجتماعي. لا يمكن لشركة أن تغفل عن وجود جمهور يجمع معلوماته ويأخذ قراراته لممارسة قدرته الشرائية من فيسبوك مثلًا. فحسب مارك زوكربيرغ الذي أوجد هذا الموقع، فقد تخطى عدد المتابعين المليار والنصف!

 السؤال الأمثل في هذة الحالة هو هل بمقدور أي شركة أن تغيّب هذة الوسيلة الافتراضية من خطتها التسويقية وأن لا تكترث لحوالي ربع سكان الكرة الأرضيّة؟ إذا كان الجواب نعم فإنّ مثل هذة الشركات تأخذ قرارًا بالخروج من دائرة الضوء. هذا ناهيك عن الوسائل الأخرى كتويتر وإنستاغرام ولينكدإين. إننا في عصر التغريدة والهاشتاغ.. ولا شك أن لا صوت يعلو فوق صوت هذة الوسائل.

الحفاظ على القدرة التنافسية والإبقاء على مركز متقدم يتطلّب أن تحيك كل شركة سياساتها على قياس ثقافة البلد حيث تُمارس أعمالها. فماكدونالدز يصبح أكثر التهابًا في المذاق نتيجة الإكثار من الفلفل في المكسيك، ويضيف النبيذ على لائحة منتجاته في أوروبا ويراعي الشريعة الإسلامية في الذبح في الدول الإسلامية وينحو نحو النباتية في الهند. الاستراتيجيات المفصّلة هي شرط مسبق للنجاح في بعض الدول فلوغو ستاربكس الشهير المؤلف من تاجٍ ووجه يفقد الوجه في المملكة العربية السعودية وعارضو الأزياء الاصطناعيون في واجهات المحلات يخسرون رؤوسهم وأطرافهم تماشيًا مع الشريعة. ولكن لا تستطيع أي ماركة عالمية لا سيّما في المجوهرات والملابس أن تقلل من أهمية السوق الخليجي وعدم التعاطي بحساسية معه نظرًا لأنه الأقوى في العالم من حيث القدرة الشرائية في هذا المجال.

لا تستطيع أي ماركة عالمية لا سيّما في المجوهرات والملابس أن تقلل من أهمية السوق الخليجي نظرًا لأنه الأقوى في العالم

مواكبة الموضة في عالم الأعمال تتطلّب الحذر من العوامل السياسية، الاقتصادية، الثقافية، الاجتماعية، الديموغرافية، التكنولوجية، البيئية والقانونية. إنّ هذة العوامل وتغيرها الدائم يحتّم على الشركات تغيير استراتيجياتها وتطوير منتجاتها وخدماتها تماشيا مع ما يطرأ على مذاق وحاجات ورغبات جمهورها المستهدف من تغيير دائم. تجربة شركات ككوداك ونوكيا تثبت أن الفشل في المرونة والمواكبة لآخر صيحات الموضة في الأعمال يُفقِد البريق ويجعل المكانة التي كانت أيقونية في فترة خلت عرضةً للتدهور. سجادة عالم الأعمال مغرية جدًا، السير عليها مضنٍ ولكنه متاح إذا التزمت الشركات بهذة الشروط. والفيسبوك اليوم، موضة رائجة.

اقرأ/ي أيضًا:
اقتصاد الشركات يتجاوز اقتصادات الدول
"الترول" في الفضاء الافتراضي العربي