29-أكتوبر-2023
دخان يتصاعد بعد غارة إسرائيلية على قطاع غزة

يرفض زعماء المملكة المتحدة دعم وقف إطلاق النار الشامل في غزة (Getty)

دعا طبيب بريطاني محاصر مع عائلته الصغيرة في غزة، التي وصل إليها في زيارة عائلية، القوى السياسية البريطانية إلى اتخاذ موقف موحد للدعوى إلى وقفٍ فوريٍ لإطلاق النار في غزة.

وقال الطبيب إن: "الطريقة التي يسمح بها زعماء المملكة المتحدة والعالم بقتل المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك الأطفال، سوف تُسجَّل في التاريخ باعتبارها وصمة عار على جبين الإنسانية".

وتقول صحيفة "الغارديان" في تقرير لها عن الطبيب، الذي لم يرغب في الكشف عن اسمه خوفًا من استهدافه من قِبل الإسرائيليين، إنه وصل إلى غزة مع زوجته وأطفاله الثلاثة المراهقين قبل ثلاثة أيام من عملية "طوفان الأقصى"، التي أسفرت عن مقتل حوالي 1300 إسرائيلي، واحتجاز أكثر من 200 رهينة.

رفض زعماء المملكة المتحدة الدعوة إلى وقفٍ فوريٍ لإطلاق النار في قطاع غزة وصمة عار على جبين الإنسانية

وقبل ساعات من قيام الإسرائيليين بقطع الاتصالات عن غزة، مساء الجمعة الفائت، قال الطبيب لصحيفة "ذا أوبزرفر"، إن أطفاله والعديد من الأطفال الآخرين الذين كانوا يعيشون جميعًا في المنزل نفسه، أصيبوا بالصدمة والرعب الشديد في الليل: "الأطفال هنا مرعوبون، ويقولون بالضبط: دعوهم يقتلوننا حتى ينتهي هذا. كانوا يقولون ذلك، بما فيهم ابنتي، كانوا يتحدثون وهم جميعًا متفقون على ذلك، بدلًا من الاضطرار إلى الانتظار حتى الصباح فيهدأ القصف".

يصف الطبيب المشهد قائلًا: "عندما تأتي طائرات F-16، يكون الأمر مخيفًا وصادمًا حقًا. ثم تسمع هسهسة الصاروخ ثم الانفجار الكبير، وبعد ذلك يمكنك شم رائحة البارود". كما يتحدث عن تدمير منزل والديه في وقت مبكّر من القصف، وعن أخته التي أصبحت يائسة للغاية لدرجة أنها تحدثت، في إحدى ليالي القصف، عن تخيّلها موت أفراد الأسرة واضطرارها للبحث عن أجزاء أجسادهم.

تقول "الغارديان" إن مثل هذه الشهادة المروعة من مواطن بريطاني داخل غزة، والذي اضطر بالفعل إلى التنقل خمس مرات، ستزيد الضغوط على السياسيين في المملكة المتحدة لمطالبة الإسرائيليين بضبط النفس، وإيجاد طرق لتسريع دخول المساعدات الإنسانية.

وفي السياق، واجه زعيم "حزب العمّال" كير ستارمر ضغوطًا في نهاية هذا الأسبوع من حزبه لدعم وقف إطلاق النار. وفي يوم السبت، انشق ما لا يقل عن ثلاثة من أعضاء الحزب القيادة لينضموا إلى حوالي اثني عشر عضوًا سبق أن انشقوا عن الحزب بسبب رفض زعيمه الدعوة إلى وقف القصف.

وقالت ناز شاه، وزيرة الظل للحد من الجريمة، على موقع "إكس": "ما نراه ليس دفاعًا، إنها هجمات غير متناسبة على السكان المدنيين.. لا يمكننا أن نلتزم الصمت".

كما دعا عمدة لندن صادق خان، وزعيم "حزب العمال الإسكتلندي" أنس ساروار، الجمعة، إلى وقف إطلاق النار. وقد فعل أكثر من 50 نائبًا من "حزب العمال" وحوالي 200 مستشار الشيء نفسه.

وقد قاومت حكومة المملكة المتحدة والولايات المتحدة الدعوات لدعم وقف إطلاق النار الشامل في غزة، واقترحا بدلًا من ذلك وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار بهدف السماح بوصول المساعدات إلى من هم في أمس الحاجة إليها. وقد ظل "حزب العمال" متمسكًا بنهج وزارة الخارجية ساعيًا إلى إظهار الوحدة بين الأحزاب البريطانية.

يُقارن الطبيب البريطاني ردود أفعال قادة المملكة المتحدة على الهجمات التي قامت بها "حركة حماس" بتلك التي تلت قيام الجيش الجمهوري الإيرلندي بقتل الأبرياء خلال اضطرابات السبعينيات والثمانينيات. وتساءل: "لماذا لم يعلق السياسيون أبدًا على هجمات الجيش الجمهوري الإيرلندي وقصفه للمناطق المدنية في بلفاست، بينما كانوا على استعداد لرؤية الهجوم على غزة؟".

وأضاف أنه لا يمكنك أن تتخيل القادة البريطانيين يقولون: "إن الجيش الجمهوري الإيرلندي منظمة إرهابية، لذا فإننا سوف نقتل كل هؤلاء الأشخاص، كل هؤلاء المدنيين". وتابع: "أعتقد أن هذا أمر مثير للغضب حقًا، كيف يمكنهم اتخاذ وجهة نظر مختلفة تجاه أولئك الموجودين في غزة. لا أفهم كيف يسمحون بحدوث ذلك".

تشير الصحيفة البريطانية إلى أن الطبيب بعد أن وجد أن وزارة الخارجية غير مفيدة، اتصل بالنائب الخاص بمنطقته، جيرينت ديفيز، الذي يمثل سوانزي ويست. وكتب ديفيز بدوره إلى كل من ريشي سوناك وكير ستارمر، لتسليط الضوء على محنة ناخبيه، وتعزيز الدعوات لوقف إطلاق النار.

يقول الطبيب إنه يعتقد أن تقديرات مقتل ما بين 6000 إلى 7000 فلسطيني حتى الآن منخفضة للغاية، مشيرًا إلى أن كثيرين آخرين ما زالوا عالقين تحت الأنقاض، ولا توجد وسيلة لانتشالهم، بالإضافة إلى أن الكثيرين فرّوا ونزحوا، لذا فإنه من المستحيل معرفة أعداد المفقودين حقًا.

يواجه زعيم "حزب العمّال" كير ستارمر ضغوطًا من حزبه لدعم وقف إطلاق النار في غزة

وأوضح الطبيب أن القصف استهدف مراكز مدنية، حيث قال: "ليس لدي أدنى شك في أنها ليست عشوائية، كل هدف يضربونه يكون متعمدًا، حتى المخابز أو الأبراج السكنية، حيث أعداد الضحايا مرتفعة جداً".

أما المنازل التي كان يسكنها عادة 10 أشخاص، فقد أصبحت الآن مكتظة بما لا يقل عن 70 شخصًا، وفي بعض الحالات 100 شخص. وكان يقضون الليالي مستيقظين، في حالة من الرعب، محاولين العثور على الماء والطعام، وهو أمر في غاية الصعوبة.

ويوضح الطبيب أنه: "من الصعب جدًا علينا النوم، نرى مثل وميض من الضوء ثم نسمع الانفجار. لم ننام. لذلك، بحلول الصباح، سوف تكون متعبًا حقًا، سوف تحتاج إلى النوم فقط".