23-يوليو-2016

الجيش اللبناني يعتقل أحد أفراد العصابات المحمية من حزب الله في الضاحية الجنوبية(أ.ف.ب)

يُمنع التّعدي على الأرصفة العامة، أو تسخيرها للمنفعة الخاصّة. الأرصفة ملكٌ للدولة وموضوعة بتصرف دافعي الضّرائب، لكن البعض في لبنان، من شماله إلى جنوبه مرورًا بالعاصمة، وجد بالأرصفةِ مساحًة إضافيًة يستغلّها في كسب الرّزق، متعديًا على المشاع العام.

يُمنع التّعدي على الأرصفة العامة، أو تسخيرها للمنفعة الخاصّة لكن البعض في لبنان، وجد بالأرصفةِ مساحةً إضافيةً يستغلّها في كسب الرّزق

قرّر اتحاد بلديات الضّاحية الجنوبية لبيروت، بدء حملةٍ لنزع التّعديات عن الأرصفة والباحات في مناطق الضّاحية المختلفة. وجّهت شرطة الاتحاد، الذّراع الأمني، إنذاراتٍ وإخطاراتٍ للمقاهي بضرورة إزالة التّعديات تحت طائلة المحاسبة القانونية. غير أن الأحداث تبدّلت، وإزالة التّعديات كانت البوابة لتفجير ثورةٍ افتراضية على الشّرطة وتجاوزاتها تحت مسمّى تطبيق القانون في الضّاحية، فـغزوة "القهوة" التي استعملت فيها الشّرطة الأسلحة على أنواعها، من مسدّساتٍ إلى عصي وصولاً للأيدي، كانت القشّة التي قصمت ظهر البعير.

اقرأ/ي أيضًا: انفجار الضاحية الجنوبية.. الموت على دفعات

كثُرت في الآونة الأخيرة الشّكاوى من انقطاع المياه الصالحة للشرب لأكثر من شهر عن منطقة برج البراجنة، مع أن الماء متوفر في مناطق أخرى بشكلٍ طبيعي. أزمة المياه هذه، وتّرت الجو بين أعضاء بلدية البرج التّابعة لحزب الله، فانقطاع المياه سببه جشع التّجار، وتّجار المياه يعمدون لقطعها بالتّنسيق مع بعض النّافذين في البلدية، تمهيداً لبيعها للمواطنين لاحقاً بأسعارٍ جنونية!

يعاني لبنان من أزمة كهربائيةٍ منذ التّسعينيات، مع أن الدّولة تخسر في كل عامٍ ملياريّ دولار على قطاع الكهرباء، دون أن يطرأ أي تغييرٍ أو زيادة في ساعات التّغذية الكهربائية، وحده التّقنين سيّد الموقف، ما استدعى إيجاد حلولٍ من قبل المواطنين، أبرزها المولدات واشتراكات الكهرباء، في الضّاحية، تتراوح التّكلفة بين 50$ و80$ لـ5 أمبير، أي بزيادة قد تصل 50 ألف ليرة لبنانية، قرابة 33$، عن تسعيرة البلدية الرّسمية، يعتمد أصحاب الاشتراكات معايير عشائرية أو حزبية، تسمح لهم بتجاوز القانون والتّحكم بالأسعار كيفما شاؤوا، من يجرؤ على مساءلة أو محاسبة مالك مولدٍّ من العشيرة الفلانية أو الحزب الفلاني؟ عدا عن مالكي المولّدات من أعضاء البلديات في الضّاحية أو المحسوبين عليهم.

يعاني لبنان من أزمة كهربائيةٍ منذ التّسعينيات، مع أن الدّولة تخسر في كل عامٍ ملياريّ دولار على قطاع الكهرباء دون أن يطرأ أي تغييرٍ

اقرأ/ي أيضًا: لبنان.. موسم الهجرة مِن الشمال

بعض شوارع الضّاحية، باتت تشبه شوارع الضّواحي/"فافيلا" في ساو باولو البرازيلية، أو الأحياء الفقيرة في نيو مكسيكو الأمريكية، لكل حيٍّ عصابةٌ و"فتوّة" يحميه، يعتاش الفتوّة من "الخُوات" المفروضة على المحال التّجارية في الضّاحية، تحت مسمّى الحماية، الحماية من مَن؟ من عصابة "الفتّوة" الذي في حال لم يقبض ما يفرض، سيفتح المجال لرجاله بالتّعدي والتّكسير والضّرب.

لم تتحرّك شرطة الاتحاد لتمنع أيٌ من هذه المخالفات، لا لأن الشّرطة لا تريد ذلك، بل خوفًا من المنتفعين والمحسوبيات السّياسية والعشائرية، في حين أنّها تضرب بيدٍّ من حديدٍ على ممتلكات غير المدعومين وأجسادهم، كما حصل في مقهى "القهوة"، "باحة الشّورى، حارة حريك" منذ يومين، نفّذت قوات الشّرطة بالعشرات غزوةً للمقهى، طلب صاحبه ووالده، وهو رجل دين معمم، التزام عناصر الشّرطة بالمهلة الممنوحة لنجله، أي 24 ساعة، لكن رفضت العناصر الأمنية ذلك، تصاعد الوضع، فما كان من العناصر إلّا أن هاجموا الشّاب، مالك المقهى، وانهالوا عليه بالضّرب الوحشي، قبل أن يهاجموا المقهى وما فيه، كسّروا الكراسي والطّاولات، وحتّى الآلات، من سوء حظّهم أن الكاميرات سجّلت كل شيء.

لم تعد الحياة في ضاحية بيروت الجنوبية تُطاق، بحسب تعليقات العديدين على مواقع التّواصل الاجتماعي، فالتّجاوزات القانونية والمحسوبيات، حوّلتها لغابةٍ كبيرة، يسرح فيها مجرمون صغار، همّهم إمّا الاتجار بالمخدّرات أو تعاطيها، يأخذون "الخوّات" في ظلّ بلديةٍ تشرّع المخالفات، خوفًا من الأحزاب أو العشيرة.

مشهد غزوة القهوة(فيسبوك)

اقرأ/ي أيضًا:

بيروت مدينة من؟

صيفٌ ساخن في لبنان: جيوبنا احترقت!