31-ديسمبر-2015

قبعة بابا نويل في ركام حمص (Getty)

تسارعت الأحداث وتزاحمت قبل إغلاق العام 2015 الباب آفلًا، يحمل في جعبته عناوين لأحداث بارزة على الساحة السورية.. تحرير إدلب في الربيع، تشريد أهالي تل أبيض في الصيف على يد مليشيات انفصالية تبعها مشهد قوافل اللاجئين العابرة للقارات، أما في الخريف فقد بدأ الغزو الروسي، وشتاءً كانت مسارات فيينا وانطلاقة الماراثون الدولي للطائرات الحربية التي تهدم بيوت السوريين فوق رؤوسهم.

 تعاقبت أيام 2015 على السوريين من سيء إلى أسوأ وازداد تشديد الخناق عليهم

هكذا تعاقبت أيام السنة على السوريين من سيء إلى أسوأ وازداد تشديد الخناق عليهم، وصولًا إلى ذروة الازدحام في الشهر الأخير (شهر توزيع الجلاءات)، وقد تصدرته عناوين مهمة .. أولها "وأخيرها المعارضة تتوحد في الرياض"، وثانيها "في إظهار نادر للوحدة بين القوى الكبرى، القرار 2254"، العنوان الملفت الذي استخدمته وكالة الأبناء العالمية "رويترز". 

وثالثها خبر اغتيال الشيخ زهران علوش قائد "جيش الإسلام"، أكبر تشكيل عسكري يقاتل النظام، عبر غارة جوية روسية على الغوطة الشرقية. مع العلم إن "جيش الإسلام" من أبرز المتصدين لتنظيم داعش وأحد المشاركين في مؤتمر الرياض لتوحيد المعارضة تمهيدًا للتفاوض، ليستحق أن يصبح العنوان "في إظهار عاهر للوحدة بين القوى الكبرى، القرار إبادة الشعب السوري". 

ويقفل العام الباب، في زحمة الموت والتجويع والتشريد، على خبر صادم خبر اغتيال أحد أبرز الوجوه المشرقة للثورة السورية وأنقى أصواتها الصحفي والناشط السياسي ناجي الجرف بسلاح كاتم للصوت في مدينة غازي عينتاب التركية على يد ملثمين واضحي الهوية "أعداء الثورة".

هكذا هو عام 2015 مرير وقاس مرّ على السوريين كسابقه مع زيادة في التعقيد وانسداد الأفق، بينما ما تزال الثورة قائمة بل تزداد قوة لكثرة أعدائها، وعلى الرغم من محاولات المجتمع الدولي وبكل مراوغاته وقراراته ومرتزقته وطائراته لإخمادها عبر اختصار ما يحدث في سوريا بـ "محاربة الإرهاب".

ربما عنوان "محاربة الإرهاب" الذي حاولت القوى الدولية تكريسه في العام 2015، هو الأبرز والأخطر والذي سيكون وبالًا على المنطقة ككل، وليس على السوريين وحدهم، لأنهم الأقدر على مواجهته لصمودهم النادر أمام كل القوى الكبرى المتنافسة على قتلهم، لتحقيق مصالحها وتقاسم النفوذ في اللعبة الدولية على حساب ثورتهم ودمائهم.

يعتبر اغتيال زهران علوش أبرز ما قدّمه الغزو الروسي لصالح النظام السوري منذ ثلاثة شهور

كثيرة هي أحداث السنة المنصرمة ولعل توحيد المعارضة والتوافق الدولي على خارطة طريق لحل سياسي في سوريا شكّل بارقة أمل، لكنها لم تدم طويلاً بسبب جرائم الإبادة التي يقوم بها الغزو الروسي بحق السوريين، وجاء اغتيال قائد "جيش الإسلام" على يد الروس لنسف أسس العملية التفاوضية المزمع انطلاقها بداية السنة الجديدة.

اغتيال علوش لم يثلج الصدور في موسكو ودمشق وطهران والضاحية الجنوبية فحسب، بل في تل أبيب أيضًا التي نسقت مع بوتين لإنقاذ الأسد. فقد وصفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الأمر بـ"الانتصار العظيم" للأسد، والنادر بعد سنتين على تهالك الأخير والانهيار الوشيك لنظامه.

بالفعل يعتبر هذا الاغتيال أبرز ما قدّمه الغزو الروسي لصالح النظام منذ ثلاثة شهور، ولكنه لم يكن الأول من نوعه على الساحة السورية بحق قادة الصف الأول لفصائل الثوار، بل سبقه اغتيال قادة حركة "أحرار الشام" قبل أكثر من عام. ومن المبكر معرفة تبعات اغتيال علوش على مسار العملية السياسية الدولية المرتقبة وعلى مجريات الأحداث على الساحة العسكرية، إلا أن كونه حادثًا مكررًا يعطي رسالة واضحة مفادها أن جميع القادة العسكريين للفصائل المحسوبة على الثورة معرضون لهكذا اغتيالات -عبر عمليات متقنة ودقيقة ومن المرة الأولى لا تحتاج إلى محاولات فاشلة كما يحدث عادة- ما يوجب عليهم التوحد وعدم انتظار ذات المصير لتصويب الرؤية وإعداد الخطط سوريًا لمواجهة التحديات التي فرضها الغزو الروسي.

بموت زهران علوش لم تمت الثورة، كما لم تمت بموت أبو عبد الله الحموي، لأنها بالأساس هي ثورة ضد حكم الفرد والشخص المتأله.. ولسان حال أبنائها يقول: اذهب يا 2015 لملم أوراقك وأرحل نحن صامدون سنمرغ أنوف الطغاة والغزاة.. وثورتنا حتى مطلع الفجر!

اقرأ/ي أيضًا:

آخر أصدقاء سجن صيدنايا

زهران علوش.. اغتيال محرج للسعودية