01-أبريل-2020

غودوفريدو أورتيجا مونوز/ إسبانيا

لي مع هذا الرّاهن الوقتيّ مشكلتان، معضلتان

النّحت والاشتقاق

ومشاكلُ جانبيةٌ أخرى:

إنبات قاموس تسلّق في الشّفاه

إحياء اللّفظِ على هذا القدر من النّباهة في الإعلام

ونقل الدّلالات من حقل الحرب إلى سرير المصاب

واختلاط الاختلاط بين كلّ اللّغات

يخلق الرّاهن الوقتيّ جهازه المغلق المعتلّ

مثل حرف الياءِ في آخر الأسماء

لا بدّ من أنّ التّخمة تحتاج بعض "مكسّرات"

فلنتذكّر القاموس العسكريّ قليلًا في نهاية النّشرة

نكاد ننسى أنّ ثمّة حربًا تأكلنا نحن الأخوةَ الأمواتَ في هذا الترابْ

كيف تبدّل القاموس فجأةْ؟

العالَم اللّغويّ الآنَ على مفترق من الحرب الضّروس

حرب بلا أضراس

بلا مدافعَ أو خطط ومؤامرات

حرب بلا مكانٍ أو زمن

ليس فيها وسطاء

اشتباك دون حبّات رصاص

حرب الخروج من الخروج

حرب تعبّئنا بالنفي والعزل والانفصال

حرب من الصمت إلّا في ضجيج الموتْ

كلما زفّت لنا الأخبار أرقام الضّحايا

نصر الله الهلع

وهُزمنا بالفزع

ونسينا لغة أخرى عرفناها في الكتب المدرسيّة

والمعاجم مذ خلق الله اللّغةْ

أين يا ألله قاموسي

لم أعد أذكرُ شيئًا ممّا علّمتني جدّتي

لم أعد أفهم شيئًا من هذي اللّغات "الحرشفيّة"

رُدّني يا ربُّ بالحسنى إلى أسمائيَ الحسنى

إلى ألفاظيَ الفضلى

وشعر الشعراءْ

ردّني نحو أبي الطّيب أحمدَ بنَ الحسينِ

ولهو النّواسيِّ وشكّ أبي العلاءْ

رُدّ لي يا ربّ كلّ الشتائم "البلديّة" الّتي اعتدت عليها عند سماع التّلاميذ المجتمعين عند أبواب المدارسِ وقت الانصرافْ

اشتقت إلى معاركهم بعراكهم

وشكل الاصطفافْ

ردّ لي يا ربُّ سفر النّكات البذيئة في المقاهي

نسيت يا ألله نهر المفردات الغزليّة

لم تعد "هندٌ" تراني

منذ ابتلينا لم أجد لي امرأة أبثّها وجدي وآهاتي

لم أعد أحلم يا ربّ

وماتت رغبتي في الاغتسال

نسيت شكل أجسام النّساءِ

لون عيونهنّ وملمس الجلد

والشَّعْر والجيد والنّهدين والسّرّة

وفيضَ "المحبرةْ"

نسيت طعم حكايتي

ونباهتي

وضلالتي

وصهلة المهرة

ردّني يا ربّ نحو السّيرة الأولى

أقبّل من أشتهيها كلّما عنّت على بالي صباحًا أو مساءً

ومتّعني بسوق الخانِ والحانات وازحام الازحام

لأشعر أنّني إنسيّْ

لا شيء يهزمني من هذا الرّاهن اللّغويّ

وفُضَّ العقدة الكبرى من القاموسْ

لتولد من جديدٍ لغةٌ مطهّرةٌ بنضج الثّمرةْ

 

اقرأ/ي أيضًا:

وللكتابة أشواكها

صرت نبيًّا