أمشي جانب ظلي حذرة

 

تقول امرأة:

أنا وحيدة جدًّا

لم أعد أرى شيئًا في المرآة،

يطمئنها عابر سبيل:

بل أنا الوحيد

حتى كوابيسي المعتادة لا تزورني في المنام،

تنهرهما عجوز:

ما زلت أجمع ترابي من بين أحذية العيال

لم تترك لي السماء

موضعًا غير ملبّد بنظرات الأحباء،

وأقول إنني صنعت آباء كثرًا لأطفالي

أويت المجاذيب والأمراض تحت جلدي

وتسللت الكلاب بعظامي تحت عين أمي وأبي

ولم يبق من حياتي غير دمعة تهرب بحبيبي،

وتقول: لم تزل حكاياتك حزينة

قبلة إثر قبلة

أنا راض بميراثي من شفتيكِ،

نجمة إثر نجمة

تتساقط الليالي من عيني

ولم أستطع أن أجمعكِ في قصيدة

أو أخبركِ كيف تبتكر الوحدة

أقنعة مخيفة للظلال.

 

رماد حيوانات قديمة

 

تخيل أنكَ بلا أجنحة فعلًا

تحمل رصيف انتظار بكامل قمامته على كتفيكَ

ومارة يجلبون عناوين بيوت ضائعة

يلصقونها على أنفكَ

كذئب منتشٍ تلعقُ رماد حيوات قديمة،

العواء عندها فرصة لا تتكرّر

لإزاحة أتربة ووهن علق بقلبكَ؛

فترة نقاهة تستثمر فيها مدّخرات عاطفتكَ

من كلمات رتيبة عن الحب والجنس

وحنين يفكك سيرتكَ كشرخ قديم في جدارٍ

يضمن للبيت ألفَته وطيبةَ ساكنيه؛

الجدران أصلًا حكايات تأكل نفسها

لتربح كلّ ليلة

نافذة رطبة على لسان جفّ وقلب تحجّر،

ستأتي بالحب من ندوب رحم أمك

وبالحنين من حشرجات عقارب الساعة،

ستأتي بالموت من الهواء

والضوء المنبعث من أثر الدبابيس في عينيك،

ستأتي بغريمك

مروضك

وسائق عزلتك؛

فَكِّرْ فقط كيف تسقط الرؤوس

حين تلازمها ذكرى مسمومة.

 

بأجنحة واجفة حلقت السماء

 

أمي أخبرتني عن صرختي الأولى

عن سيل قصدير تدفّق من رحمها،

دلقت عليه القابلة الماءَ والدعاء

رقى البخور وبعض التوابل؛

أَلَمْ تكن هذه خطة الرب في إيقافي

لأكون فتاة مطيعة حقًا؟

فكرت فيما آل إليه الهدهد

بكل هذا التاريخ من الولاء والخوف؛

هو الذي قضم من حلاوة الشمس

وجه امرأة حقيقية خصّته بالمعرفة،

بخطوة إلى الخلف

غرس الظلام بذوره في قلبي

والشمس ثكلى تنتحب

ولا عربة في السماء تمر بنعشي،

بخطوة إلى الأمام

دربت أصابعي على الهرب من يدي

ووضعت أحلامي في مشنقة،

قريبة من الحزن أو أكاد

أيها التاريخ اِنْحَن

قلبي تكفل بمشقته

النهاية ليست أن أكون وحيدة

النهاية أن يصفك أحدهم لعلاج داء الأمل؛

أنا كلمة مؤلمة

مختبئة تحت رماد نظراتك.