18-أغسطس-2022
لوحة لـ كارلو ماتيولين/ إيطاليا

لوحة لـ كارلو ماتيولين/ إيطاليا

1

لم يفكر أحد أننا لا نشيخ حقًا

ربما الدموع تكتسب مع الوقت عمقًا

أو ماء أبيض يجعل الرؤية تميل إلى الهدوء

ما نظنه على سبيل الخطأ الشائع حكمة الزمن

في الواقع نحن نعود إلى الوراء

نتكور داخل بلورة الذكريات حتى نجد زاوية ما علي القد تمامًا

فندعي عدم القدرة على الحركة

لذلك تجيء أمي في النوم صغيرة ومليحة

تنبه حارسًا ما أن يخبر أبي فور وصوله بالذهاب اليها

المكان جميل.. لا يشبه قبرًا على الإطلاق

ولهذا أنام في المساء في وضع جنيني

وأكره أطفالي الذين يبعدونني عن هذا كله

لن أتحدث عن زوج وعائلة وأشياء تشبه ما سوف يجيء

والذي في رواية أخرى قد جاء بالفعل

نحن لا نشيخ حقًا 

ولا ينبغي أن نعير كل ما هو سيئ إلى فعل الزمن

وإلا كيف ازدادت أمي جمالًا في المنام؟

وكيف تضاعف حنان أبي؟

الأخوة في الحقيقة أقرب من الروايات والأفلام القديمة

والحقيقة محيرة أكثر من الأفلام البوليسية

والسلام ابتكار بسيط 

يصلح للسفسطائيين ومحبي الكلام الكثير

وأنا اليوم أحب الزمن بقدرته الفائقة على التصالح مع نفسه

والدأب الهادئ في السريان 

لا يشبه نهرًا ولا يهدر كبحر

فقط يصدق نفسه 

ويدق علي صدورنا علها تستقيم.

 

2

وحيد

كلما أمسكت بي يد أفلتها

أسلم جسدي لجلادي

وأدعي أن روحي طائرة

وحيد

أخاف على أحبتي من وحدتي 

من الوحش المحدق في خوفي

من الأنياب المشرعة في صمتي

أخاف على ولدي من ضمتي

من الزجاج المنثور في صدري

من الألم السائل في صوتي

الهزيمة المعلقة في عنقي مثل رأس مقطوع 

وحيد

كلما سمعت صوتًا انحسرت بالداخل أكثر

لا أحد يقول أحبك

لا أحد يقول لا تخف

لا أحد يقول لا تحزن

وحيد

لا أحد هنا

لا أحد هناك

أشباح تلم أشلائها حولي وتمضي

وحيد

صحرائي تتسع للداخل

أخاف على ولدي 

من عيني التي تكبر مثل هوة

من أصابعي

التي تستطيل كأفعي 

من حبي الذي يصير مجنونًا مثل حمى

من روحي

التي تتقشر عني مثل جرح ذابل

مني

التي تضيع كل يوم 

ولا يبق إلا رماد

بعد حريق هائل من الغضب

الهزيمة

الخذلان

الوحدة

الضياع

وحيد

وضباب ينمو كلما أمسكت بي يد

وأخاف على ولدي.

 

3

ستنامين قليلًا

مثل حبة ماء على ورقة شجر ساقطة على الطريق، ستظنين أنك تعرفين الطريق

أنا الطريق

بداخلي كل شيء

كثير جدًا حتى أني أضيع بالداخل 

أتشكل حبة ماء على ورقة شجر يافطة على الطريق

أتشكل ورقة شجر صفراء تمتلك الطريق

ستنامين قليلًا

مثل حبة ماء تائهة في بحر هائج

أنا البحر الهائج

واسع 

حتى أني أضيع بداخلي

كلما حاوطتني أرض ركلتها 

أتشكل حبة ماء تائهة

أتشكل عاصفة غاضبة

أتشكل طريق

ستنامين قليلًا

مثل حبة ماء على كف غاشم 

لست هذا الكف 

أنا عرق الضحية الخائفة

أتشكل حبة ماء على كف القاتل

أنا المقتول

ستنامين قليلًا

مثل حبة ماء على نافذة مغلقة

ستظنين الزجاج الشفاف هو العالم

أنا العالم

بداخلي يخلق كل شيء

أتشكل أطفال تضحك

أتشكل حبة ماء تائهة على زجاج نافذة العالم

أضيع في نقطة مخنوقة شكلتها يدي

ستنامين قليلًا

مثل حبة ماء ذائبة

في نور لا حد له

أنت النور

وأنا أضيع في الملكوت سريعًا

مثل حبة نور ذاهلة

أتشكل إنسان واهن

مسجون في جسد يابس

ستنامين قليلًا

مثل جناح واثق في قلب العاصفة

ستظنين الخوف هو العالم

والنور يسيل سريعًا حولك

أنا العالم

والنور يذوب على جسدي اليابس

أتشكل جناحان لا حد لهما

والخوف يتكسر على جسدي الذابل

ستنامين قليلًا

مثل نور لا حد له.

دلالات: