19-أغسطس-2022
لوحة لـ مانولو فالديز/ إسبانيا

لوحة لـ مانولو فالديز/ إسبانيا

لا شيءَ يحدثُ

في قلبِكَ،

ومع هذا

لا شيءَ يبدو كما هو.

 

تجري الأمورُ هناك بخفوتٍ،

كأنَّ يدًا غائمةً

تطوّقُ المكانَ،

أو حلمًا ضبابيًّا

لا يتوقّفُ عن التَّكرارِ،

كأنَّ خطى متردّدةً

تذرعُ طريقًا لا ينتهي،

أو أحدًا أدارَ القلبَ سهوًا 

على إيقاعِه الصّاخبِ

ثم رحلَ...

 

كلُّ شيءٍ يبدو خافتًا..

رَغم هذا،

صمتٌ إلا من دقّة

تخونك كلّما قطعت وعدًا.

تعبٌ

كحاجٍة جفنٍ إلى الانغلاقِ

للحظةٍ فقط.

وجعٌ،

كأنَّ كلَّ ما يخدشُ العالمَ

يمرُّ بكَ أولًا..

وكلَّ ما يمزّقُ

انسجامَ الكونِ

يسحقُ بقدمِه، قبلَ هذا،

شيئًا فيك.

 

وأنت شجاعٌ،

تعرفُ هذا القلبَ

منذ ورثْتَهُ

كشامةٍ فوق شفتِكَ،

وشبهِ غمّازةٍ في خدّكَ الأيمن،

وتعرفُ أنّ على البشرِ

أن يقبلوا بقلوبِهم

كما يقبلون بملامحِهم

وكما يرضون -أحيانًا- بأقدارهِم...

 

أنت تعرفُ قلبك،

ولم تعد تخشى

على نفسِك

الحبَّ الذي لا يتوقّفُ عن الصّعودِ

هناك

كمنسوبِ نهرٍ.

تردّدُ لنفسِك حين يهزُّها الخوفُ:

السّدودُ للمياهِ

العواطفُ وُجدتْ لتفيض!

ما همّنا بعدَها

إن سَلَّمَّنا الشّعورُ

للغرق؟

 

وأنت تشعرُ كيف ينقصُكَ الهواءُ

كغريقٍ

كلّما ارتفعَ الحبُّ قليلًا

تعرفُ جيدًا 

الرّجفةَ

الّتي تعتريكَ،

واليدَ التي تأتي معها

لتغمرَ قلبَك

كلًما تَلَقَّفَت نظرتَك الغارقةَ بالحزنِ

أشياءُ ممعنةٌ بالجمالِ،

كوقفةِ عصفورٍ على غصنٍ

أو تلويحةِ نسيمٍ

قبلَ الصّباحِ بقليلٍ..

أو كلّما تسلّلَ إلى رأسِكَ المسكونِ بالضّجيجِ

لحنٌ مجنونٌ

أو ضحكةُ طفلٍ

أو صدى قبلة..

 

تطمئن نفسَكَ الغارقةَ

أنّ الحبَّ لا يأتي إلا بالحبِّ،

لكنّكَ

تدركُ رغمًا عنك 

أنَّ رقّتَكَ

لن تصمدَ طويلًا،

وأنَّ الحبَّ

وهو يجمّلُنا

يُعرّينا..

 

أنت تدرِكُ مثلًا

أنّك حزينٌ

حزنًا لم يكسرْك يومًا

لكنَّ حزنَ من تحبّ

سيكسرُك…

أنت تعرفُ أنّكَ تائهٌ

تيهًا لم يمنعْك عن المضيّ 

وعنِ الشرودِ،

لكنّ نظرةً ضائعةً على وجهٍ تحبُّه

قد تكسرُكَ..

وأنت تشعرُ كم أنت هشٌّ،

وتعرفُ جيّدًا

كلفةَ هذا التّماسكِ،

هذا الوقوفِ.

 

لا تسهُ لحظةً

عن تذكيرِ نفسِك:

هشاشتُك لن تكسرَكَ،

إنّما

يكسرُك 

ألّا يبقى شيءٌ منها

لكَ وحدك.