16-مايو-2018

النيش عقدة الزواج في مصر وأشهر قطعة في جهاز العروس (مواقع التواصل الاجتماعي)

شوار العروس أو جهازها، هو ما تتجهز به للزواج. وجرى العرف قديمًا أنّ جهاز العروس من المهر الذي يدفعه الزوج. والآن يختلف الأمر باختلاف الأقاليم والمحافظات، لولا أن الشائع، أن جهاز العروس هو كُلفة أهلها.

جهاز العروس، ويسمى في مصر أحيانًا "شوار" العروس، هو ما تتجهز به للزواج، أحيانًا من مهر الزوج، وأحيانًا بكلفة أهلها

وجهاز العروس كبير، وقطعه متعددة، ولأسمائها دلالات ضاربة في عمق أعراف المجتمع المصري. هنا، في هذا الجزء الذي نستعرضه من رحلة جهاز العروس، اخترنا من بين جهازها، غرفة النوم الرئيسية، حيث يبيت العريس والعروس، وبعض أواني الطبخ. سننطلق معها في الرحلة التي ستأخذنا فيها من قديم إلى حديث.

غرفة النوم.. نمارق وسرير ودولاب وناموسية

في الماضي كانت غرفة النوم تتكون من سرير ودكة ودولاب وأريكة، وصندوق توضع فيه الأغراض المهمة أو الثمينة. وكان الصندوق في بعض الفترات بديلًا عن الدولاب، الذي جاء متأخرًا بعض الشيء. وكانت أغلب هذه الأثاثات تُصنع في سوق يسمى الصناديقية بحي الجمالية في القاهرة القديمة.

اقرأ/ي أيضًا: لأجل من تقام حفلات الزواج؟

ولصندوق العروس الذي كان يصنع عادة من خشب السيسم، مكانة خاصة، حتى لُقب بصندوق أسرار العروس، وبمرور الوقت أصبح أنتيكة، غير ضرورية في جهاز العروس، خاصة بعد الاعتماد بشكل أكبر على الدولاب أو خزانة الملابس.

صندوق العروس كان بمثابة خزانة أسرارها (Getty)
صندوق العروس كان بمثابة خزانة أسرارها

وكان فوق كل سرير ناموسية، وهي قطعة قماش شفافة مسدلة فوق السرير للوقاية من الناموس/ الباعوض. حديثًا أصبحت الناموسية جهازًا إلكترونيًا يصعق الناموس بعد اجتذابه إليه بالضوء الأزرق القوي.

والناموسية، والتي كانت تسمى بالفارسية القديمة باشخناه، أي بيت الناموس. وكانت تصنع في البدء بقماش الحرير المطرز، وأحيانًا بقماش خفيف شفاف. وانتشرت في كافة المنازل من كافة الطبقات والفئات الاجتماعية. 

أما الدولاب، أو خزانة الملابس، والذي كان يسمى أيام المماليك بالقبجة. والقبجة في الأصل قطعة قماش كبيرة توضع فيها الملابس وتُلف عليها. وقد ظهرت خزانات الملابس الواقفة في مصر، مع العصور المملوكي، لولا أنها كانت محصورة بدرجة كبيرة على علية القوم. وعادة ما كانت تصنع في الحوائط. 

في بيت السحيمي، في القاهرة القديمة، وهو بيت بُني أوّل مرة في القرن الـ15، ثمة خزانة ملابس مصنوعة في الحائط، وفي غيره من البيوت الأثرية الباقية من العصر المملوكي، كبيت جمال الدين الذهبي وبيت الكريتلية.

أما الدكة فهي جسم ما بين السرير والكرسي، يُصنع عادة من الخشب المطعم بالعاج والأبنوس، وأحيانًا من النحاس.  وقد ذكر المقريزي أن العروس كانت في الزمن الماضي "تجهز في شورتها بسبع دكك: واحدة من فضة ودكة من نحاس وأخرى من خشب ودكة من الصيني ودكة من البلور".

كانت الدكة العنصر الأساسي في جهاز العروس، فمنها دكة للجلوس داخل المنزل وأخرى خارجه، ومنها دكة لوضع الأواني والطاسات والكاسات

واستخدام الدكة متعدد، فثمة دكة في غرفة النوم، وهناك دكة شهيرة تُوضع إلى خارج المنزل إلى جوار بابه، لاستقبال الضيوف والصحبة، وكذا دكك داخل المنزل، أو المجلس الداخلي، أو ما تعرف الآن بـ"غرفة الصالون" المعدة كذلك لمجالس الضيوف والزائرين.

دكة خشب للجلوس، عادة ما توضع خارج المنزل إلى جواب الباب (مواقع التواصل الاجتماعي)
دكة خشب للجلوس، عادة ما توضع خارج المنزل إلى جواب الباب

ومما استُخدم كذلك في غرف النوم من بين جهاز العروس، الوسائد، سواءً وسائد الجلوس على الأرض، أو وسائد النوم للرأس. ويُذكر أن الوسادة بخلاف "المخدة"، إذ يشيع في مصر استخدام كلمة مخدة للإشارة إلى الوسائد، في حين أن الأصل هو أن المخدة كانت تستخدم لإسناد الخد، بخلاف الوسادة التي كانت مستخدمة لإسناد الرأس أو الجلوس عليها على الأرض.

اقرأ/ي أيضًا: الزواج النوبي.. التزام بالجذور والذاكرة

ومن طرائف الاستخدامات المنزلية، وخاصة في العصور القديمة، أن الأخشاب لم تكن متوفرة بكثرة في مصر، وكانت باهظة الثمن، فتحايل المصريون على ذلك باستخدام ستائر تقوم مقام الأبواب، وحتى في بيوت كبار الأثرياء فيما مضى، كانت الستائر مستخدمة بكثرة، وتُصنع من قطع من الستور أو قماش الخيش، مطرزة بالحرير.

المطبخ والسفر: النيش الشهير وطاسة الخضّة التي تشفي كل مريض

كان لزامًا أن يتوافر في منزل العروس بين جهازها، دكة للأواني، بخلاف دكك الجلوس. وكانت هناك دكة من الفضة أو النحاس فضلًا عن الخشب، أنّ الدكة النحاس المطرّزة كانت الأكثر انتشارًا في سياق هذا الاستخدام، كـ"بوفيه"، توضع فوقه الأواني والطاسات الفضية عادةً.

هذه الدكة هي الآن ما يُعرف بـ"النيش" أشهر قطع جهاز العروس، وأكثرها عرضة للسخرية، كونه أشبه بالمتحف، حيث قطع الأواني الكاسات التي توضع فيه، تكون للعرض فقط، ونادرًا ما تستخدمها المرأة.

وقديمًا كانت من بين جملة الأواني التي تأتي في جهاز العروس، الحُق، وتوضع فيه السوائل، بما في ذلك الحُكل السائل، في حُق مخصص له. وعادة ما يكون مصنوعًأ من الفُخّار المزيّن.

ومن أدوات المطبخ أيضا طاسة الخضة، وتحتفظ بعض الجدات المعمرات في مصر بها، وهي طاسة صغيرة من نحاس، شاع استخدامها قديمًا حيث نٌقشت عليها كلمات معينة معينة وآيات قرآنية، وتُستخدم للشفاء من الأمراض كما كان يُعتقد.

طاسة الخضة، التي كان يُعتقد في قدرتها على شفاء العلل والأمراض (مواضع التواصل الاجتماعي)
طاسة الخضة، التي كان يُعتقد في قدرتها على شفاء العلل والأمراض

وطريقة استخدامها أنه كان يوضع فيها الماء أو الحليب بالتمر، وتُعرّض للندى ليلًا، وفي الصباح يشرب منها المُعتل. ويتكرر الأمر عدة مرات. ولا زالت طاسة الخضة في بعض المناطق الريفية تُستخدم لليوم.

كان بديل النيش قديمًا، الدكة النحاس المطرزة، وكانت تعرض عليها الأواني والطاسات التي كانت مصنوعة من الفضة غالبًا

وفي المتحف الإسلامي بالقاهرة، ثمة طاسة خضة، نُقش عليها: "هذه الطاسة المباركة تقاوم السموم كلها، وقد جُمعت فيها منافع مباركة، وهي للسعة الحية والعقرب والكلب، ولطلق المرأة العامل وللصداع والقولون والمغل (وجع المعدة من الطعام الفاسد)".

 

اقرأ/ي أيضًا:

العروس المصرية تتنازل عن "الشبكة"؟

الطلاق في مصر.. حالة كل 6 دقائق