11-نوفمبر-2015

الفنانة دنيا بطمة أثناء تكريمها من قبل الملك محمد السادس(يوتيوب)

من يتابع كم التعليقات التي رافقت توشيح الفنانة المغربية دنيا بطمة بالوسام الملكي للمرة الثانية، في ظرف وجيز، سيجد نفسه حائرًا وعاجزًا عن استيعاب كل هذه "الهوة العميقة" بين دوائر اتخاذ القرار وبين الشعب، الذي يجد في مواقع التواصل الاجتماعي المتنفس الأكبر للتعبير عما يعكر ويكدر صفوه، وما أكثره.

يرى البعض أن تكريم دنيا بطمة من قبل الملك محمد السادس للمرة الثانية مرتبط بعلاقاتها الخليجية

يبدي الكثير من المغاربة استغرابهم من هذا الاختيار ويتساءلون "هل الوطن مصاب بالعقم ولا ينجب أسماء تبذل الغالي والرخيص في سبيل إعلاء رايته واسمه في مختلف المحافل العالمية غير دنيا بطمة؟". طبعًا، لا يمكن اعتبار إنتاج أغنية وطنية بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء تحت عنوان "المغرب مغربنا" سببًا وجيهًا ومقنعًا لإعادة توشيحها عوض آخرين مؤهلين لهذه الالتفاتة عن جدارة واستحقاق، فعشرات الفنانين يطرحون أغاني مشابهة في شتى المناسبات والأعياد، فهل هذا سبب منطقي للتكريم وإعادة التكريم؟

تقام المهرجانات سنويًا وينال الفنانون فيها جوائز نتيجة أعمالهم في ذلك العام، وفي هذا الإطار فقط يمكن تصنيف الحالة وإيجاد حجج ملموسة لها، لكن الملاحظ للتعليقات التي ملأت الفضاء الأزرق يتبين وجود بعض "الرسائل الخفية " و"الغمز من قنوات محددة" مثل "الجهات" التي تدعم الفنانة "المغربية الخليجية"، ذلك أنها متزوجة من شخصية بحرينية معروفة، فما المقصود بها يا ترى؟

قطعًا من يتحدث عن هذا المعطى فهو لا يرمي الكلام على عواهنه، كما يقال. وكلنا نعرف جيدًا الواجهة التي تمثلها صاحبة أغنية "مزيان واعر" والحظوة التي لها في دول الخليج العربي وليس مستغربًا أن يندرج التكريم في نفس هذا السياق، بمعنى إرضاء هذه "الجهات الخليجية" صاحبة النفوذ الكبير في المغرب والمقربة بشكل وثيق من دوائر صنع القرار، فهل يحتاج المغاربة للدعم الخليجي حتى في هذه المسائل؟

ولنأخذ الموضوع من زاوية أخرى، كيف سيقابل الناشئة مثلًا هذه النوعية من الفنانين التي شئنا أم أبينا لا تعكس الصورة المثالية التي يمكن أن تعطى عن بلدنا للآخر؟ هل على الآباء والأمهات أن ينصحوا فلذات أكبادهم بالسير على خطى دنيا بطمة واتخاذها قدوة ينبغي السير على خطاها مثلاً؟، هل وصلنا إلى هذا "الحضيض الفني والفكري حتى نتخذ من هؤلاء نماذج يحتذى بها؟

من يعرف المغرب جيدًا يدرك أنه غني بالمواهب والطاقات في شتى المجالات ولن يتسع هذا الإطار لسردها طبعًا، فلماذا نغير المعادلة ونقلب الصورة إرضاءً لجهات معلومة معروفة مقابل نشر مفاهيم خاطئة؟ وختامًا كان الله في عون هذا الجيل والأجيال اللاحقة طالما ستكون أقصى طموحهم اقتفاء أثر "دنيا وأخواتها".

اقرأ/ي أيضًا:

المغرب.. حرب الكأس والعمامة

المغرب.. وداعًا للمألوف الثقافي؟