22-يناير-2016

الرئيس الصيني متحدثًا في دافوس (فابريشي كوفريني/أ.ف.ب/Getty)

الثورة الصناعية الرابعة، التكنولوجيا، النمو الصيني، تحدّيات الدول الناشئة، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. هذه هي العناوين، مبدئيًا، التي تحتل صدارة المنتدى الاقتصادي العالمي الذي بدأ أعماله في الـ20 من كانون الثاني/يناير الجاري في منتجع دافوس بسويسرا، في ظل حضور ما يقرب من 2600 شخص، من بينهم رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون.

يتوقع خبراء الاقتصاد زيادة تسريح العمالة وزيادة فجوة الدخل وعدم المساواة بين الجنسين 

وعلى رأس لائحة المواضيع المطروحة على طاولة النقاش هذا العام "الثورة الصناعية الرابعة" بالإشارة إلى ظهور تكنولوجيات متغيرة من الناحية الاقتصادية، وبدأت الابتكارات الحديثة تلقي بظلالها بالفعل على جميع مناحي الاقتصاد والحياة العامة. تتزايد أعداد البشر باستمرار ويؤدي ذلك إلى تزايد الاعتماد على التكنولوجيا والروبوت، وتقلّص دور الإنسان. وتتعاون شركات مثل "جوجل" مع أخرى متخصصة في صناعة السيارات لإطلاق مركبة ذاتية القيادة، كما تتوقع "تويوتا" إطلاق نسختها بحلول 2020 كما جاء على لسان الرئيس التنفيذي للشركة كارلوس غصن.

هذا وتترك هذه الثورة تحدّيات جسيمة لكافة الاقتصادات مع توّقع خبراء الاقتصاد زيادة تسريح العمالة وزيادة فجوة الدخل وعدم المساواة بين الجنسين، فيما أشار تقدير موقف صادر عن جامعة "كسفورد" إلى أن حوالي 45% من الوظائف في الولايات المتحدة معرضة لاستبدال البشر فيها بالروبوت.

أمّا الموضوع الثاني الذي يتبوّأ مكانة مركزية في سلّم أولويات المنتدى الاقتصادي العالمي هو تسارع نمو الاقتصاد الصيني الذي بلغ متوسطه 10% في العقد الأول من القرن الحالي مع انحسار قد يجعل النمو يقارب الـ7% حسب البنك الدولي. خفض الصين لقيمة اليوان الذي أدّى إلى هبوط حاد في سوق الأسهم إضافة إلى تعرّض الأسواق لموجة هبوط أخرى في بداية 2016، مما يترك أثره على الدول النامية والصناعية، لذلك كان جديرًا بالنقاش بين الدول والشخصيات النافذة التي تواجدت في دافوس.

يبدو أن شره الصين للمواد الخام من أجل صناعاتها الثقيلة وقطاع البناء لديها بدأ في التراجع

ولعلّ اقتصادات الدول الناشئة التي كانت تسير عكس تيار الأزمات التي ألّمت بالعالم منذ عام 2008 من أدسم المواد في أطباق التداولات بين المؤتمرين. إذ شهدنا في الأعوام المنصرمة نموًا غير مسبوق لدول البريكس (البرازيل – روسيا – الهند – الصين – وجنوب أفريقيا) وكان لهذا النموّ ارتدادات عالمية. تعرضت الأسواق الناشئة لسلسلة من الضغوط في العام الماضي، وهو اتجاه ربما يستمر هذا العام، وبدا أن شره الصين للمواد الخام من أجل صناعاتها الثقيلة وقطاع البناء لديها قد بدأ في التراجع، وعلى أثر ذلك انخفضت أسعار السلع إلى أدنى مستويات في عشر سنوات. كلّ هذا من شأنه تحديد موازين القوى العالمية ووجهة الاستثمارات مع تراجع نمو اقتصاديات الدول الناشئة.

أمّا المحور الرابع من المناقشات فهو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي، وهو الأمر الذي قد يهدّد مصير الاتحاد الأقوى برّمته. إذ من المتوقع أن تعقد المملكة المتحدة استفتاء هذا العام بشأن البقاء أو الخروج من الاتحاد الأوروبي مما أثار عدم يقين بشأن مستقبل الاقتصاد البريطاني والاتفاقيات التجارية المبرمة مع تكتل القارة العجوز، ولكن أغلب الخبراء يرون أن خروج بريطانيا سوف يسبب أضرارًا على المدى المتوسط. ولعلّ عدم التوازن الاقتصادي والسياسي بين دول الاتحاد الاوروبي هو ممّا دفع بالمملكة المتحدة لطرح هذا الملّف موضع نقاش لا سيّما في ظل تصاعد أزمة اللاجئين والأزمات التي ضربت اليونان وإيطاليا وسواها من أسواق القارة العجوز.

مواضيع شتى، ظاهرها اقتصادي وتداعياتها سياسية كانت كفيلة بجعل دافوس محجًّا لأهم الاقتصاديين والسياسيين ورجال الأعمال ومكان نقاش لمّا سيحدّد شكل العالم في العقود القادمة.

إقرأ/ي أيضًا:
أيها الزبائن.. الشركات تلهث خلفكم!
هل يودع العرب "زمن النفط الجميل"؟