17-مايو-2022
لوحة لـ فلاديمير بختوف/ أوكرانيا

لوحة لـ فلاديمير بختوف/ أوكرانيا

كان للنهرِ صوتٌ مكتوم

يشبه صوت قلبي

 حين تلقيت تعاليم القبيلة؛

الماءُ للوضوء،

شعرك مُروضٌ تحت قماشةٍ من الكتاب المقدس،

والينابيع قفرٌ لا يمسسها غريب،

وعليكِ المكوث طويلًا

تحت شمس العائلة

حين بزغت نجمةٌ في صحراء جسدك

وعليكِ الآن جزها بمنجلٍ.

*

 

ولأنني بنتُ القبيلة البارة؛

تلقيت تعاليمها بقلبٍ مذعنٍ وجسدٍ مجمد

آمنتُ بالأب والأم والمجد العائلي

فقمطتُ صدري بلثام الخوف

ووضعت حجرًا بين ساقيّ

حملتُ على رأسي نفايات حروبهم

روث الكلمات التي قذفوها ساعة الغضب

خطايا أسلافهم التي ورثوها عن قصد

ومددت جسدي جسرًا

ليعبر جنودهم نهاية النهر

وكان للنهر صوتٌ مُنكسٌ

كصوت قلبي

الذي أطاع القبيلة فنبذته

وحين حملوا كؤوس النصر

لم يحملوا عني سيوفهم

التي غمدوها على امتداد جسدي.

*

 

في بالي بلادٌ

كلما هبت ريحها أغمضت عيني؛

رأيت البلاد ركامًا

وجفّ كلام الناس على ألسنةٍ من رماد،

وكلبهم باسطٌ نباحه

فوق جسرٍ لا يصل إلى إشارة،

وكان للنهر صوتٌ رائقٌ كقلبي

حين حذف تاريخه من دفتر البلاد،

وكنت أول من نجا،

بلا جيشٍ ولا عائلة

لكن بتاريخٍ مبتورٍ يبدأ من نسلي.

*

 

نظفت عرقي من شظايا أسلافي،

من بقايا الوشوم والدم المتخثر فوق الخناجر،

وكقطع البازل

شكلتُ حمضًا نوويًا يخصني وحدي،

يتناسخ تلقائيًا فيرثه عيالي،

ورسمت النهر على عمودي الفقري

وانتميت لبرجٍ مائي

غالبًا كان العقرب

الذي خبأ مكيدة القبيلة،

وحين نجا أرغى سُمه فوق قبورهم،

ودققت فوق جلدي جغرافيا جديدة

للبلاد التي تتمدد من حمضي النووي

حتى آخر النهر،

وكان للنهر صوت طبولٍ تدقُ كقلبي

الذي صارع القبيلة فصرعته.

*

 

جففت طين البلد من مائهِ 

وسكبت مائي

وغرست في جذرها أول شجرةٍ للعائلة،

وبدلًا من انتمائي لعائلة،

كنتُ على رأس شجرةٍ

أول فرعها عند فمي

وآخرها عند النهر

وكان للنهر صوت وديعٌ

كقلبي الذي ورث الأرض.

*

 

محوت الطرقات التي بكيتُ فيها،

راكمت دمعي جبلًا من الملح،

وقدمته قربانًا إلى الله،

ليمحو أثري

لكن الله وعدني بسفينةٍ

تحط على شاطئ النهر

وكان للنهر صوت ذكر وأنثى

كقلبي الذي زاوج الماء بالطين

وانتمى أخيرًا لبلادٍ

يسكنها الغرباء والفقراء والرُحل

والذين بلا شجرة عائلة.