لو كنا شعراء! لكتبنا 

لمشينا في "منتزه السبيل"

ولاطفنا الحسناوات على خط "جوسي"، أو تحرّشنا بهن 

أو كتبنا قصائد تؤنس وحدة "كورنيش الإذاعة"

بدلًا من القناصات 

*

لو كنا نغني! 

لطفحت خمرة الحب من أقداحنا

وحضر طيف "عمر البطش" و"صبري مدلل"

ورقصنا "عربية"

وبصمنا لـ"مهرة بر الياسمين"، ع العمياني.

*

لو كنا نرسم! 

كنا عرضنا جمالك في الصالات

وأوضحنا أن نهر "قويق" هو طبيعتكِ الصامتة.

لو كنا لصوصًا

لسرقنا مئذنة "النبي زكريا" قبل وقوعها 

مجنبين ضريحه إزعاج القذائف 

واشترينا سوق "تفضلي" 

مستبدلين باعته "النسوانجية" بعرائس "باربي" 

لو امتدحك من هم أقل من المتنبي وأبي فراس وعمر أبو ريشة 

لو أطالت أجاثا كريستي إقامتها في فندق "بارون" 

لتوثق هذه الجريمة 

لو تصدح حناجر "الأهلاوية" بالشتائم من جديد

لو تبقين شرقية بأهلك 

وغربية بفخامة المنازل فقط 

لو يتابع العشاق قبلاتهم على حائط مسجد "جكارة".

لو تشبهين حجارتك

أو يشبهك المقاتلون على مرامي ذكرياتنا 

أو حتى يصدقون أن علاقتكِ بسيف الدولة لم تكن سِفاحًا 

لو يعرف أحد غير عائلة "جبيلي" كيف يصنع صابون الغار

أو نعرف كيف احتفظتِ بالحجرِ أبيضَ

لـوعدناكِ بمستقبل أنظف!!

*

هذا الغروب الأخير يا أمي

لا يوجد أحد يرقُبكِ خلف النوافذ 

الموتى نائمون، والعسكر يرعون ليلتهم

النساء جمعنَ الكحل والضفائر وتركنَ قبلاتٍ في الوداع 

الجيران همّوا بالرحيل

وبدوا متعبين لمشاهدة "دوار الموت" في المرة الأخيرة 

القبلة بدت متعبة 

والوداعات مستعجلة

و"مقصف العمارة " يمتلئ بالشبيحة والطلاب العاجزين عن إنقاذ صديقة الشبيح من عزلتها وقرفه.

*

لو كتب الغزي هذا التاريخ 

لو كان فيلم "حلب خمرة الحرب" من إخراج مصطفى العقاد

وأدى أغانيهِ محمد خيري 

أو كانت قلعتك لوحةً لـ فاتح المدرس نحفظها في متحف "اللوفر" 

لو تبقى من أسوارك غير الأجزاء التي دفنت تحت "الشيراتون"

لو يتناسى المخرج كلمة "الأخيرة" في وصف هذه الحلقة 

لسهرنا نصلي أن لا يموت بطل الحكاية 

وربما رقصنا، أو وقفنا حراسًا في الغياب. 

  • باريس - 2016 

 

اقرأ/ي أيضًا:

هناك قبر يشير إليكِ كثيرًا

أيلولُ كان وقحًا هذا الخريف