اعتبر المبعوث الأممي إلى ليبيا أن جولته الإفريقية التي شملت السودان وتشاد والنيجر كانت ناجحة، لأنها سمحت بتأكيد الالتزام المشترك بين ليبيا ومحيطها المباشر في مواجهة التحديات الأمنية وبناء السلام، بما في ذلك من خلال دعم عملية انسحاب منسقة للمقاتلين الأجانب والمرتزقة، حيث كان على رأس أجندة هذه الجولة التي دامت أسبوعا تقريب ملف المرتزقة والقوات الأجنبية النشطة في ليبيا.

وفور اختتام باتيلي لجولته التقى في بنغازي خليفة حفتر ورئيس برلمان طبرق عقيلة صالح حيث ناقش معهما ملف إخراج المرتزقة من ليبيا وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في ليبيا دون تأخير.

العنوان الأبرز لزيارات المبعوث الأممي إلى ليبيا، كان وجود القوات الأجنبية في داخل ليبيا

وبالتزامن مع انتهاء جولته الإفريقية، قال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا عبد اللهِ باتيلي إن "الانسحاب المنسق والمتسلسل والمتزامن والمتوازن للمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، إلى جانب تعزيز أمن الحدود، سيسهم في السلام والاستقرار والتعاون البنّاء والازدهار في ليبيا والمنطقة. كما أنه سيقلل من المعدلات المقلقة للاتجار بالبشر، وتهريب الأسلحة والمخدرات، والتنقيب غير القانوني على المعادن، وسيساعد على الحد من حركة المتطرفين".

داعيًا إلى تخصيص الموارد المالية والمساعدة الفنية اللازمة لتجنب الآثار السلبية على البلدان الأصلية، في إشارة إلى دول الطوق الليبي "السودان وتشاد والنيجر" التي قدِم جل المرتزقة منها بالإضافة إلى مرتزقة فاغنر الروس.

getty

وكان باتيلي بدأ جولته الأفريقية الخميس الماضي واختتمها الأربعاء، وقال باتيلي، في منشور عبر حسابه على تويتر، إن جولته تأتي "في إطار تفويض بعثة الأمم المتحدة لإعادة السلام والاستقرار للبلاد، لا سيما من خلال دعم اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وتسريع انسحاب المقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا".

حيث اعتبر المبعوث الأممي أن "وجود المقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية والمرتزقة في ليبيا يشكل خطرًا كبيرًا على السلام والاستقرار في ليبيا والمنطقة".

والتقى باتيلي في السودان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، الذي أعرب حسب بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عن "دعم بلاده لجهود بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا من أجل إنهاء الأزمة السياسية لأن إحلال السلام والاستقرار في ليبيا من شأنه أن يسهم في استقرار المنطقة برمتها"، مؤكدًا أن "أحد الإجراءات اللازمة لاستعادة السلام في ليبيا هو عودة المقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية والمرتزقة إلى بلدانهم الأصلية"، حسب تعبيره.

أصوات من تحت الركام

كما شملت مشاورات باتيلي في الخرطوم لقاءً مع وزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق، "حيث ناقش معه التطورات السياسية الأخيرة في ليبيا وضرورة تضافر الجهود لمواجهة التحديات المشتركة التي تواجه السودان وليبيا، بما في ذلك أمن الحدود".

وفي لقاء مع وزير الدفاع السوداني اللواء ياسين إبراهيم، "تم استعراض التقدم الذي أحرزته اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 ولجان الاتصال في كل من ليبيا والسودان وتشاد والنيجر. وأكد اللواء إبراهيم التزامه بمتابعة الانسحاب المنسق للمقاتلين والمرتزقة من ليبيا، وإعادة دمج المؤهلين منهم في المؤسسات المناسبة".

أما في تشاد المحطة الثانية من جولة باتيلي الإقليمية، فقد التقى المبعوث الأممي بالرئيس الانتقالي لدولة تشاد الجنرال محمد إدريس ديبي، الذي عبر عن "قناعته بأن تثبيت السلام والاستقرار في ليبيا يخدم أيضًا مصالح تشاد العليا، متعهدًا بمزيد من التعاون في سبيل ذلك"، حسب البعثة الأممية إلى ليبيا.

وبالإضافة لذلك اللقاء التقى باتيلي في نجامينا وزير الخارجية التشادي ووزير الأمن العام والهجرة التشادي محمد شرف الدين مارقي، ووزير الدفاع العام داود يحيى إبراهيم، حيث تم معهما "مناقشة الجوانب الفنية لعملية انسحاب المقاتلين الأجانب والمرتزقة، وسبل التوصل إلى تفاهم مشترك بشأنها"، وفقا لما نقلته وكالة البعثة الأممية في ليبيا التي أكّدت أن كلا الوزيرين أعربا "عن دعمهما لجهود الأمم المتحدة في تسهيل انسحاب منسق لهذه العناصر، مشددين على ضرورة أن تتم عمليات الإعادة إلى الوطن بالشكل المناسب وأن تترافق مع برامج لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج".

وفي المحطة الأخيرة لجولته في دول الجوار جنوب ليبيا، عقد الممثل الخاص للأمين العام سلسلة من الاجتماعات مع كبار المسؤولين في النيجر، وفي مقدمتهم رئيس النيجر محمد بازوم، ووزير دفاعه القاسم إنداتو، ووزير الداخلية والأمن العام، الكاش الهادا، حيث استعرض "آليات التنسيق الخاصة باللجنة العسكرية المشتركة 5+5 والتي تهدف إلى تسهيل انسحاب المرتزقة والمقاتلين القادمين من النيجر من الأراضي الليبية. كما ناقش معهما تعزيز الأمن الحدودي بين النيجر وليبيا لمنع التهريب والجريمة العابرة للحدود".

وبناء على هذا الحراك وتصريحات باتيلي الأخيرة تساءل بعض المتابعين للشأن الليبي "عما إذا كان بدأ العد التنازلي لإنهاء ملف الوجود الأجنبي العسكري في هذا البلد؟" وذلك في إطار "تهيئة الظروف لإجراء انتخابات قبل نهاية العام الجاري"

في المحطة الأخيرة لجولته في دول الجوار جنوب ليبيا، عقد الممثل الخاص للأمين العام سلسلة من الاجتماعات مع كبار المسؤولين في النيجر

يشار إلى أن خريطة الوجود الأجنبي في ليبيا متنوعة، حيث توجد مليشيات فاغنر التي تتمركز في أماكن مختلفة شرق وجنوب البلاد قرب حقول النفط ومرتزقة آخرون تابعون لحركات التمرد السودانية والتشادية، وهذه المليشيات الأخيرة تقاتل إلى جانب قوات حفتر.

وفور عودة باتيلي إلى ليبيا أعلن في تغريدة له أنه التقى خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، في بنغازي، حيث ركز اللقاء على "كيفية تسريع الجهود لإجراء الانتخابات دون مزيد من التأخير"، مؤكدًا أنه جرى خلال اللقاء الاتفاق "على عدم ادخار أي جهد لتعزيز الأمل والمصالحة بين الليبيين، بمن في ذلك قادة اللجنة العسكرية المشتركة 5+ 5 وقادة الوحدات العسكرية والأمنية من جميع أنحاء ليبيا، لتحقيق السلام والاستقرار".