12-نوفمبر-2015

يطالب البعض بتغيير العلم الموريتاني(Getty)

من حين إلى آخر، يعود الجدل لموريتانيا حول الرموز الوطنية وتحديدًا العلم والنشيد اللذين يرى البعض أنهما لا يحملان الصفات الكافية لاعتمادهما، بل ويتحدث البعض عن أن ظروف العمل بهما شابتها ملابسات تدعو بإلحاح لتغييرهما واستبدالهما في أسرع وقت. وبات هذا الجدل يتجدد منذ سنوات تزامنًا مع ذكرى استقلال موريتانيا عن المستعمر الفرنسي في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1960، إلا أنه يعود لسنوات ما بعد الاستقلال، حين دعا ممثلو بعض الفئات الاجتماعية إلى ضرورة مراجعة العلم والنشيد المعتمدين في البلاد.

يتجدد الجدل حول العلم والنشيد الموريتانيين تزامنًا مع ذكرى استقلال موريتانيا عن المستعمر الفرنسي

يتكون العلم الموريتاني من خلفية خضراء يتوسطها هلال ونجمة باللون الأصفر. أما النشيد الوطني الذي تعتمده موريتانيا فيعود إلى "أرجوزة" دينية تتضمن نصائح لأحد علماء البلاد ويوجهه إلى مقربين منه. ويرى المطالبون بتغيير العلم الموريتاني أن ألوانه لا تعبر عن الطيف الاجتماعي الموريتاني ولا تحمل دلالات محلية متفق عليها، فيما يعتبر البعض منهم أنه مستمد من العلم الباكستاني وهو ما أشار إليه الرئيس الأول لموريتانيا المختار ولد داداه في مذكراته. أما النشيد الوطني فتخلو كلماته بحسب مناهضيه من معاني الحماس والوطنية التي تحضر في صياغة الأناشيد الوطنية.

ووصل الجدل حول هذه الرموز إلى أن أنتج بعض الأدباء الموريتانيين مؤخرًا مقطوعات شعرية قدموها مقترحات لتكون بديلًا عن النشيد الوطني الحالي، كما قدمت اقتراحات أيضًا عن ألوان وأشكال علم وطني جديد. ورغم أن هذه الدعوات ارتفعت منذ فترة إلا أن النظام ظل يتجاهلها دون أي تعليق، مع أن بعضها صدر عن مستشارين في الرئاسة الموريتانية.

وتثير هذه الدعوات ردود فعل واسعة في الوسط الثقافي بموريتانيا، إذ يعتبر معارضون لها أنها ستخلق الكثير من الإشكالات التي يصعب حسمها بعد وضعها على طاولة النقاش في ظل عمق الشرخ الاجتماعي في خطاب بعض المتصدرين لتمثيل فئات ومكونات وطنية بموريتانيا. فيما يرى آخرون أن النظام يقف خلف دعوات تغيير العلم والنشيد لشغل الناس عن مطالب أساسية بدأ المواطنون يرفعونها في وجهه.

إلا أن هذا الجدل بموريتانيا حول الرموز الوطنية قد تطور مؤخرًا ليصل إلى رموز مقاومة المستعمر الفرنسي، حيث وجهت إليها أخيرا انتقادات لاذعة من العقيد المتقاعد في الجيش الموريتاني عمر ولد ابيبكر الذي نعت في مقال جديد حمل عنوان: "شكرا كبولاني" رموز المقاومة الذين يصفهم بدعاة العسكرة بأنهم ظلاميون متطرفون حطموا حلم قائد الحملة الفرنسية على موريتانيا اكزافييه كبولاني في جعل موريتانيا أكبر وأغنى دولة في أفريقيا الغربية.

كما اعتبر العقيد المتقاعد أنه تم الإضرار بموريتانيا من قبل قاتلي كبولاني في مايو/آيار 1905 في وسط موريتانيا، ووصف العميلة بالدنيئة رغم أنها تمثل إحدى أهم نجاحات المقاومة الموريتانية ضد الاستعمار الفرنسي وتدرس في المناهج التعليمية باعتبارها إحدى بطولات هذه المقاومة.

يرى المطالبون بتغيير العلم الموريتاني أن ألوانه لا تعبر عن الطيف الاجتماعي الموريتاني ولا تحمل دلالات محلية متفق عليها

في المقابل، يقول اعل الشيخ الحضرامي، عضو الرابطة الوطنية لتخليد بطولات المقاومة، لـ"ألترا صوت": إن "انتقادات المقاومة متوقعة من الأوفياء للمشروع الاستعماري"، ويضيف أن من يصفهم بـ"أتباع المستعمر"، "أصيبوا بالإحباط بسبب استعادة الشعب الموريتاني لذاكرته التي عملوا هم مع أسيادهم الفرنسيين على مس كل الحقائق المشرقة وحذفها منها". أما عن تغيير العلم والنشيد، فيعتبر ولد الحضرامي أن "البلد يحتاج إلى إعادة تأسيس شاملة متوافق عليها، مع ما يتضمنه ذلك من اختيار نشيد يخلد المقاومة وإضافة ألوان إلى العلم الوطني تمثل قيم التضحية والإباء".

أما الباحث سعدنا المصطفى، فيرى أن "موريتانيا لم تتجاوز نقطة الصفر منذ استقلالها عن فرنسا عام1960 ولا تزال في طور التأسيس و"ليس لها رمز متفق عليه، وهناك فقط ما هو مسكوت عنه"، مرجعًا ذلك إلى "فعل فاعل أو ضعف إرادة أو إمكانات أو حتى وعي". ويتهم المصطفى، خلال حديثه لـ"ألترا صوت" جهات لم يسمها بالسعي "لترويج رموز وفرضها حتى يسلم بها الجميع، داعيًا إلى تغيير العلم والنشيد واسم البلاد وكل ما لا يوجد فيه الطابع العربي الصنهاجي".

اقرأ/ي أيضًا: 

موريتانيا.. تنديد واسع إثر اعتقال محتجين سلميين

ناشطون محرومون من الحرية والعلاج في موريتانيا