11-أغسطس-2016

إحدى شركات الصرافة في مصر(ريشارد باكر/Getty)

بالنسبة إلى مجلس النواب المصري، المسؤول الأول والوحيد عن "أزمة الدولار" هي شركات الصرافة، وبعد الموافقة النهائية على مشروع قانون تعديل أحكام البنك المركزي، التفت علي عبد العال، رئيس البرلمان المصري، إلى نوابه، وطالب بسرعة إنشاء قانون لإلغاء "الصرافات". حلَّت الفكرة على رأس "النواب" بعدما سرت شائعات عن وصول الدولار إلى 13 جنيهًا مصريًّا في السوق الموازية بينما ظلّ سعره الرسميّ مثبّتًا عند تسعة جنيهات، وهناك اتجاه لـ"تعويم الجنيه"، أي زيادة سعره في البنوك المصرية.

بالنسبة إلى مجلس النواب المصري، المسؤول الأول والوحيد عن "أزمة الدولار" هي شركات الصرافة

جاء ذلك بعد سلسلة من التهديدات من جانب البنك المركزي، تؤكد أن قانون الصرافة الحالي يعطي الجهات الرسميّة الحق في وقف شركات الصرافة أو سحب تراخيصها أو شطبها نهائيًا في أي لحظة، وهو التصريح الذي جاء على لسان جمال نجم، نائب رئيس البنك المركزي.

اقرأ/ي أيضًا: مصر.. نحو إلغاء شركات الصرافة قبل غرق الجنيه

وهو ما تلاه اتجاه عام لغلق الصرافات طال 19 شركة من أصل 120 تعمل في مصر وفقًا للأوراق الرسمية، وسحب تراخيص أخرى، وقال "نجم" إمعانًا في التهديد: "المصارف المشطوبة كررت ممارساتها الخاطئة وأخلّت بسوق الصرف، ما أدى إلى الإضرار بالاقتصاد الوطني".

ارتفاع سعر الدولار إلى 12 جنيهًا في السوق الموازية دفع البرلمان إلى إعادة النظر في الأمر من جديد، خاصة بعد تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حول من "يحتفظ" بالدولار، وتهديده بأنه سوف "يجري ليفك الدولار إلى جنيه"، وهو التصريح الذي تسبَّب في شطب وإيقاف وإغلاق 34 شركة صرافة أخرى بحجة امتناعها عن بيع العملة الصعبة للجمهور وارتكابهم مخالفات وعدم التزامهم بالقواعد المنظمة لشركات الصرافة، وهو ما يزيد عدد العاملين بالسوق "تحت الموازية"، التي لا تخضع لأي رقابة من الدولة، وتمارس عملها تحت الأرض، في الخفاء، بعيدًا عن الحساب أو الضرائب أو الرقابة الحكومية أو الأمنية.

تتجه شركات الصرافة المغلقة إلى السوق تحت الموازية، وهو ما يجهز أصحاب باقي الصرافات أنفسهم له بعد صدور قانون إلغاء شركات الصرافة نهائيًا

يتجه أصحاب وأتباع شركات الصرافة المغلقة أو المشطوبة إلى السوق تحت الموازية، وهو ما يجهز أصحاب باقي الصرافات أنفسهم له بعد صدور قانون إلغاء شركات الصرافة نهائيًا، وللدقة، فهؤلاء، الذين يلتقطون الزبائن من الشوارع، وينتظرون السياح في المطارات، ويقطنون حي الزمالك نظرًا لعدد سكانه من الأجانب، هم السبب الحقيقي لارتفاع سعر الدولار، حسب عديد الخبراء الاقتصاديين.

اقرأ/ي أيضًا: مصر.. الدولار إلى 15 جنيه؟

كان هناك اقتراح من جانب الشعبة العامة للصرافات بالغرف التجارية بإغلاق شركات الصرافة لمدة 3 أشهر لتهدئة الأجواء في السوق الموازية، وتمَّت مواجهة الفكرة باستنكار شديد في القاهرة، حيث قال علي الحريري، سكرتير عام شعبة شركات الصرافة في تصريحات صحفية، إنّ "الصرافات تتبع السعر الرسمي الذي يقرّه البنك المركزي المصري، كما أنها تلتزم بكافة تعليمات الدولة". إذًا من أين جاءت التجاوزات؟ الإجابة لدى "الحريري": "تقتصر على بعض تجار العملة الذين يلجأون للتلاعب بسعر الدولار سعيًا لجني المزيد من المكاسب وهؤلاء لا ينتمون للشركات الأعضاء في الشعبة".

واعترض متعاملون بالدولار على أنّ غلق الصرافات سيؤدي إلى انخفاض سعر الدولار، خاصة أنه تمّ إغلاق ما يقرب من 50 صرافة ولا يزال سعر العملات الصعبة في تصاعد مستمرّ، وأرجعوا سبب الأزمة إلى ارتفاع الطلب مع نقص المعروض مع استمرار حالة الخوف التي تسيطر على السوق نتيجة الحملات الأمنية المكثَّفة التي تهدد العمل، وتدفع المتعاملين إلى السوق "تحت الموازية"، التي تعتبر، فعليًا، سوداء، وتؤدي إلى معاملات بعيدة عن الرقابة الحكومية.

لا تجد الحكومة المصريّة مخرجًا من ورطة الدولار، الأسعار في تزايد والمواطنون على عتبات البرلمان ومجلس الوزراء للاحتجاج، فالمسألة هذه المرة تتعلق بعملة أجنبية لا سيطرة لمصر عليها. السلطة تشعر بالعجز فلأول مرة لا تجدي قوتها، وحقها في استخدام القوة دون حساب، في تغيير مسار قضية، فاتجهت إلى القرارات المجنونة لتمريرها عبر البرلمان، وكل الشواهد والشهود تقول إنها على خطأ. والخطأ جاء من تصدير فكرة أن التلاعب بالدولار هو سبب زيادة سعره، بينما الحقيقة أن صفقات السلاح المبالغ فيها هي السبب الأكبر، ومليارات تفريعة قناة السويس في المرتبة التالية، وهذا ما يتناقله الكثيرون سرًا، لكن لا أحد في مصر قادر على قول ذلك.

اقرأ/ي أيضًا:

من يوقف "الدولار" عند حده في مصر؟

ثلاثة عوامل وراء عاصفة النفط العالمية