11-مارس-2019

سخر الجزائريون من ادعاء عودة بتوفليقة من سويسرا (EPA)

ليس من عادة رئاسة الجمهوريّة في الجزائر أن تُعلن عن الخرجات العلاجيّة للرّئيس عبد العزيز بوتفليقة، غير أنّها أعلنت عن "فحوصات روتينيّة"، سيُجريها الرّئيس في سويسرا، يوم 24 شباط/ فبراير الماضي، أي بعد يومين من انطلاق الحراك الشّعبيّ السّلميّ الرّافض لولاية خامسة له.

سخر الجزائريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي من رسائل المحيط الرئاسي للرد على ما أشيع حول سبب وجود بوتفليقة في سويسرا

وتحوّلت "الفحوصات الرّوتينيّة" إلى شبه إقامة، بما فتح الباب واسعًا أمام إشاعتين: تقول الأولى إنّ الرّجل مات أو هو بصدد ذلك، فيما تقول الثّانية إنّ الحراك أرغمه على مغادرة البلاد وانتظار المآل الذّي يُمكن أن يفرضه عليه.

اقرأ/ي أيضًا: 3 سيناريوهات جزائرية معلقة بين الشارع و"الدولة العميقة"

من جانبه سعى المحيط الرّئاسيّ إلى محاولة الرد على ما أشيع، بإطلاق رسائل باسم الرّئيس، كانت أبرزها تلك التّي قرأها مدير حملته الجديد عبد الغني زعلان يوم ناب عنه في تقديم ملفّ ترشّحه لدى المجلس الدّستوريّ.

أين الرّئيس؟

سخر الجزائريّون من تلك الرّسائل، وقالوا للمحيط الرّئاسيّ، الذّي أصرّ على التّشكيك في عفويّة الحراك، إنّهم مستعدّون للكشف عن هوّيّة من يحرّك الحراك إذا أخبروه بهوّية من يكتب رسائل الرّئيس.

وفي خطوة اتّسمت بالدّعابة، أغرق آلاف الشّباب المستشفى السّويسري، الذّي استقبل الرّئيس بوتفليقة للعلاج بآلاف المكالمات، التّي تسأل عن صحّته، حتّى اضطرّت إدارة المستشفى إلى الإعلان عن حاجتها إلى خمسة أعوان متخصّصين في استقبال المكالمات.

وفي ظلّ أصعب أيّام المحيط الرّئاسيّ، الأحد، بسبب دخول البلاد في إضراب عامّ أغلقت فيه معظم المحالّ والشّركات، بما فيها كبرى الشّركات البتروليّة، التّي تزوّد الخزينة العموميّة بما يزيد عن 90% من مداخيلها، وإحباط الطّلبة الجامعيّين لقرار الحكومة القاضي بإخلاء الجامعات، والتحاق تلاميذ الثّانويّات بالحراك، تمّ الإعلان عن عودة الرّئيس إلى البلاد ليعلن عن "قرارات خاصّة".

وخلق الإعلان عن عودة الرّئيس حالة ترقّب كبيرة، خاصّة أن قطاعًا واسعًا من الجزائريّين كانوا في البيوت بسبب الإضراب، فعمدت معظم القنوات الفضائيّة المستقلّة إلى تنظيم بلاتوهات للتّحليل والنّقاش، أبدت فيها الوجوه الموالية والمعارضة معًا تفاؤلها بأن يقدّم الرئيس خارطة طريق جديدة تهدف إلى تجنيب البلاد انزلاقاتٍ هي في غنًى عنها.

وكانت قناة "النّهار" الموالية لخيار العهدة الخامسة، بحكم قربها من شقيق الرّئيس ومستشاره الخاصّ، في مقدّمة القنوات المتحمّسة لعودة الرّئيس. فراحت تُرافقها عبر منذ انطلاق الطّائرة الرّئاسيّة من مطار جنيف الدّوليّ إلى غاية هبوطها في مطار بوفاريك العسكريّ جنوب الجزائر العاصمة، في حدود الرّابعة بعد الزّوال.

أظهرت القناة الموكب الرّئاسيّ في الطّريق السّريع المؤدّي إلى الإقامة الرّئاسيّة غرب الجزائر العاصمة، ثمّ فجأةً توقّف الموكب وراح مصوّرها يُركّز على السّيّارة، التّي قيل إنّها تحمل الرّئيس العائد، من غير أن يظهر أو يلوّح. 

سلطة الشكّ

التقط الجزائريّون هذا السّلوك بنبرة ساخرة، وراحوا ينشرون صورًا لسيّارات وطائرات وتجمّعات قالوا إنّهم كانوا داخلها، في إشارة منهم إلى أنّهم لا يصدّقون أنّ الرّئيس كان داخل السّيّارة. وتأكّدت هذه الشّكوك حين لم يُعطِ التّلفزيون الحكوميّ، في نشرته الرّئيسيّة أهمّيّة للحدث.

قال الجامعيّ عمّار بني بلعيد في تدوينة له، إنّ "عودة الرّئيس بوتفليقة من رحلته العلاجيّة بجنيف، إن صحّت، تضع السّلطة الحاكمة في الجزائر أمام مهزلة حقيقيّة"، موضحًا: "ليس لأنّ قناة خاصّة مشهودًا لها بالعفن السّياسي هي التّي أخبرتنا بذلك، ولكن لأنّ أصحاب القرار تكتّموا على عودته، ولم يُظهروا صورًا له".

وتساءل: "أليس هذا إهانة للرّئيس، الذّي يستحقّ أن يُستقبل من شعبه بالزّغاريد، وهو الذّي حكم الجزائر 20 سنة؟ أليس هذا إهانة للشّعب حينما تُظهر تلك القناة الخاصّة الرّئيس في سيّارته، التّي تسير بسرعة 120 كيلومترًا في السّاعة، وتوهمنا بأنّه يُلوّح بيديه من المقعد الأمامي للسيّارة؟".

وكتب النّاشط رضا الكبير: "حيلة عودة الرّئيس إلى الجزائر لم و لن نصدّقها. ببساطة لأنّها خطّة أنجزت على السّريع، وينقصها الضّبط والإحكام بسبب المسيرات السّلميّة والاعتصامات، التّى شتّتت تفكيركم. ومع ذلك حتّى لو نزل الرّئيس يمشي على قدميه، فنحف نقول لكم لا نريد كم".

وذهب الإعلاميّ وليد عبد الله، في حسابه على موقع التّواصل الاجتماعيّ فيسبوك، إلى القول إنّ مصادره، التّي وصفها بالـ"شّخصيّة والموثوقة"، أخبرته بأنّ الرّئيس بوتفليقة لم يخرج من سويسرا، وأنّ الطّائرة التّي دخلت هي طائرة فارغة هدفها تضليل الشّعب والصّحافة.

وأضاف: "بوتفليقة متواجد بمصلحة حفظ الجثث بسويسرا، فقد انتقل إلى جوار ربّه منذ أيام . إنّها الورقة الأخيرة التّي أخرجها ناصر والسّعيد بوتفليقة، وحتمًا أنّها ورقة خاسرة. أتحمّل مسؤوليّة كلامي".

دفع الحراك السّلمي المحيط الرّئاسيّ إلى جملة من التخبّطات، التّي أظهرته في أعين الجزائريين مرتبكًا وغير واثق من خياراته

هذا ودفع الحراك السّلمي المحيط الرّئاسيّ إلى جملة من التخبّطات، التّي أظهرته في أعين الجزائريين مرتبكًا وغير واثق من خياراته. فبعد أن كان مطالبًا بأن يُقنعهم بأنّ الرّئيس قادر على أداء مهامّه، بات مطالبًا بأن يُقنعهم بأنّه على قيد الحياة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

المنظّمة الوطنية للمجاهدين في طليعة "مفاجأة" رفض العهدة الخامسة لبوتفليقة

رسائل مثقفين وإعلاميين جزائريين إلى بوتفليقة وشقيقه: "ضيّعتم كل الفرص"