18-يناير-2023
ويليم دي كوننغ

لوحة لـ ويليم دي كوننغ/ أمريكا

حديث عن الحبّ

 

سوف أتحدث عن الحب

أنصِتْ

إلى كلام الذي يتحول إلى دخان

لحظة خروجه من الفم

إلى الصمت

يسحب أواخره

من المصيدة

ويحاول جاهدا ألا يرتمي فوقها مجددًا.

 

هل نُعتبر أحرارًا

حين نختار الصمت؟

حين يبقى الكلام دربًا للخروج عنه؟

حين نعتقد أن بإمكاننا أن نصف

الحب في قصيدة؟

*

 

بأي آلية ألتقط تلك الرعشة

التي لا تدرك

بالشعر والموسيقى

الرعشة التي تشبه البداية

حيث لم يكن الشيء

ولا بدائله

حين كان الحب

مفردًا

لا يعرف التعدّد

حين كان الصمت

امتلاءً

لا يفضي إلى شيء.

 

الوجه الآخر

 

وأنت تكتب نفسك انتبه

من تسرّب الحبر

إلى الصفحات التالية

في سيرتك

وأنت تصقل نفسك

احذر من خشونة المبارد

التي قد تمحو بصماتك

وأنت تكوي نفسك

لا تنسَ الثنية التي تخلفها المِكواة

على الوجه الآخر

لوجهك.

 

أغنية الحياة

 

حين تُطلب مني مشاركة شعرية

يحدث الكثير داخل رأسي:

طفلة صغيرة تقهقه بمرح

وتجري لتختبئ خلف ثوب أمها

ظنًّا منها أنها خدعت الكبار

وأوهمتهم أنَّ لها علاقة بالشعر!

امرأة حزينة بضفائر طويلة وعينين غائرتين

ترمي قصائدها

من برجها العالي وتقول:

لا أفهم احتفالنا بالأسى

لو كان حبيبي هنا

لما كنت شاعرة

وضفدع حكيم يراقبهما معًا

يغني معزوفة من نوتتين

تلخص أغنية الحياة

وينام تحت حَجَره الأملس

بأمان.

 

بدايات

 

أجد مشكلة في الكتابة عن بداية الأشياء

حين أغضب لأشياء تافهة

أنتبه لغضبي الأكبر

ولكني لا أذكر أين بدأ

ومتى توسّع

وتمكَّن

وسكن.

 

لا أعرف كيف أكتب عن حزن أمي

ربما كان هناك يوم ولدت

ربما تكاثر على مرّ السنوات

كالعشب البريّ الذي نسي أبي تشذيبه

فأكل الحديقة بما فيها

لا أذكر أين بدأ

ولا الحوارات التي مكّنته

وجعلته فردًا من العائلة.

 

لا أعرف كيف أكتب عن الخجل

ربما ظهر وأنا طفلة

ربما بدأ كشتيمة

وبدل أن أشتم السيدة التي تضايقني

اختبأتُ في ثوب أمي

فابتسم الجميع

وابتسمت أمي

وغاب الحزن من عينيها للحظات قليلة

فقررت أن أبقى خجولة

إلى الأبد.

*

 

الشعور الجيد الذي يأتي من الاختباء

لا يمكن أن يبقى أليفًا

سرعان ما يتحول الخجل إلى خزي

خزي سحيق وموجع وآمن

كخزي الطفل الذي يتدفّأ ببوله

بعد أن يبلل السرير

فيتظاهر بالنوم.

 

كل المعادلات التي تجمع بين الأمان والألم

تبقى مقفلة

ما بدأ خجلًا

يصبح ذعرًا حين ننظر في المرآة

غضبًا حين نجد امرأة راضية

ضعفًا حين نحاول أن نثبت ذواتنا

ذنبًا حين نكتشف أننا

لم نرث حزن أمهاتنا
أصبح يشبه كل ما يقزّمنا

ويجعلنا نتظاهر بالموت

ولكنه يشبه أيضًا

غيابَ الحزن عن عيون أمي.