29-مايو-2024
توغل متواصل في رفح

(Getty) نزوح متواصل للعائلات من مدينة رفح بعد توسيع الاحتلال قصفه على المدينة

في اليوم الـ236 من عدوان إسرائيل على قطاع غزة، القصف لا يتوقف على رفح، بينما تصل الدبابات الإسرائيلية إلى وسط المدينة، وتتساقط مستشفيات المدينة وتخرج عن الخدمة، وتتحرك العائلات للنزوح من المدينة التي باتت خيمة كبيرة على مدار أشهر العدوان. وتبقى كافة مناطق قطاع غزة ساحة قصف وعدوان إسرائيلي.

ويكرر الاحتلال الإسرائيلي سياسته في استهداف الخيام، وبعد أيام من قصف مخيم النازحين في رفح، استهداف الاحتلال مجموعة من الخيام في منطقة مواصي رفح، مما أدى إلى استشهاد 21 فلسطينيًا من بينهم نساء وأطفال.

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني بغزة للعربي إن أربع قذائف مدفعية إسرائيلية استهدفت خيام النازحين في منطقة مواصي رفح.

تتوقف المستشفيات عن العمل في مدينة رفح، ويتقدم جيش الاحتلال إلى وسط المدينة، بينما يتواصل القصف على أحياء رفح

وفي سياق متصل، تقدمت دبابات جيش الاحتلال الإسرائيلي تجاه وسط مدينة رفح، وأصبحت في محيط مسجد العودة في المدينة.

بدورها، قالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، إنها أخلت مستشفى القدس الميداني التابع للجمعية من منطقة مواصي رفح إلى منطقة مواصي خانيونس.

وأفادت بأن الإخلاء جاء بعد ازدياد حجم تهديدات الاحتلال الإسرائيلي واستمرار القصف المدفعي والجوي في محيطه وإخلاء المنطقة المحيطة به من السكان تمامًا.

وفي وقت سابق من يوم أمس، قالت وزارة الصحة في غزة: "لم يتبق سوى مستشفى تل السلطان للولادة يصارع من أجل البقاء في محافظة رفح".

وشنت طائرات الاحتلال الحربية غارات جوية على مناطق متفرقة وسط وغرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة. بالإضافة قصف مدفعي للاحتلال يستهدف محيط مسجد طيبة غرب مدينة رفح.

وفي ساعات الليل الأولى، تحدثت مصادر محلية عن غارات إسرائيلية ونسف لمربعات سكنية وسط مدينة رفح.

وفي مدينة غزة، أفادت مصادر محلية بسقوط شهداء وجرحى بقصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية بالقرب من العيادة الحكومية وسط حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة.

وسقط شهيد وجرحى في استهداف الاحتلال بمحيط الدفاع المدني بمنطقة الصفطاوي في مدينة غزة. كما قصفت طائرات الاحتلال الحربية منزلًا في حي الصبرة جنوبي مدينة غزة.

وشهدت المناطق الشرقية من مدينة غزة، إطلاق نار مكثف من الآليات العسكرية الإسرائيلية، بينما أغارت طائرة حربية إسرائيلية على المناطق الغربية لبلدة جباليا شمال القطاع، ما أسفر عن إصابة العشرات.

وأكدت وسائل إعلام فلسطينية، قيام قوات الاحتلال بنسف مجموعة من المنازل في مخيم جباليا شمال قطاع غزة. وسقط 4 شهداء في قصف إسرائيلي على مدرسة في جباليا البلد.

وبعد تراجع محدود لقوات الاحتلال من منطقة الفالوجا في قطاع غزة، كشف عن دمار ضخم في المكان، بالإضافة إلى جثث العشرات من الشهداء. ويواصل الاحتلال تواجده في محيط منطقة الفالوجا في جباليا.

ونفذ الاحتلال غارة على منزل في المخيم الجديد بالنصيرات وسط القطاع، مما أدى إلى وقوع إصابات. كما انتشل 3 شهداء من بينهم طفلة على الأقل، في قصف الاحتلال على منطقة معن في خانيونس.

دعوة لوقف إطلاق النار

اقترحت الجزائر، يوم الثلاثاء، مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف إطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين، ويأمر إسرائيل "بالوقف الفوري لهجومها العسكري" في رفح.

وقال سفير الجزائر لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع في وقت سابق يوم الثلاثاء، بعد اجتماع مغلق للهيئة الأمنية التابعة للأمم المتحدة المكونة من 15 عضوًا بشأن غزة، إن الهدف من هذه الخطوة هو "وقف القتل في رفح".

ويستخدم النص الجزائري الذي اطلعت عليه "رويترز" أقوى لغة في مجلس الأمن إذ "يقرر أن على إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، أن توقف على الفور هجومها العسكري وأي تحرك آخر في رفح".

كما يستشهد بحكم محكمة العدل الدولية الأسبوع الماضي الذي أمر إسرائيل بوقف هجومها العسكري على رفح على الفور.

دعا الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، يوم الأربعاء، إلى وقف إطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى قطاع غزة حيث يواجه الملايين من الجوع.

وقالت رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر كيت فوربس لـ"رويترز": "نحن في حاجة ماسة إلى حل سياسي يسمح لنا بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار لإيصال المساعدات".

وقالت فوربس: "نحن مستعدون لإحداث فرق. علينا أن نتمكن من الوصول، ولكي نتمكن من الوصول إلى هناك يجب أن يكون هناك وقف لإطلاق النار".

وأشارت فوربس التي تدير أكبر شبكة تضم منظمات إنسانية، إلى أنها شاهدت الوضع "الفظيع" في رفح خلال زيارة لها في شباط/فبراير، قبل أشهر من شن إسرائيل هجومًا عسكريًا على المدينة.

وأوضحت: "لم تكن هناك مساكن كافية. لم تكن هناك مياه، ولم يكن هناك ما يكفي من مراحيض. كان لدينا مستشفى بلا معدات... وللأسف حدث ما كنت أخشاه، وهو أنه لن يكون هناك ما يكفي من الغذاء".

واستمرت فوربس في القول: "أناشد حكومات جميع الأطراف التفاوض على وقف إطلاق النار، حتى نتمكن من إدخال المساعدات".

وأضافت: "مهمتي هي التأكد من أنه عندما يحدث (وقف إطلاق النار)، يمكننا تقديم المساعدة الضرورية. ولذلك عليهم القيام بعملهم، حتى أتمكن من القيام بعملي".

مأساة مستمرة

بدوره، قال القائم بأعمال مدير مكتب الإعلام بوكالة الأونروا للتلفزيون العربي: "حذرنا مرارًا من تفاقم الأوضاع الإنسانية بسبب إغلاق المعابر"، مشيرًا إلى أنه "لا يوجد في قطاع غزة مكان آمن ولا شخص آمن".

وفي السياق نفسه، قال مسؤول بمنظمة الصحة العالمية، يوم الثلاثاء، إن آخر مستشفى في رفح قد يتوقف عن العمل، ومن المتوقع سقوط عدد كبير من الضحايا إذا شنت إسرائيل "توغلًا كاملًا" في مدينة رفح بجنوب غزة.

وقال ريتشارد بيبركورن ممثل منظمة الصحة العالمية في غزة والضفة الغربية على هامش اجتماعات جمعية الصحة العالمية في جنيف "إذا استمر التوغل، فسنفقد آخر مستشفى في رفح".

وأضاف: "ما يقرب من 100% من الإمدادات الطبية والأدوية الأساسية والمعدات تأتي في الواقع من العريش (في مصر) عبر معبر رفح". وأضاف: "توجد حاليًا 60 شاحنة في العريش تنتظر الدخول إلى غزة". وأشار إلى أنه منذ إغلاق معبر رفح، لم تتمكن منظمة الصحة العالمية إلا من إدخال ثلاث شاحنات إمدادات طبية عبر معبر كرم أبو سالم.

وبشكل منفصل، قال المتحدث باسم اليونيسيف، جيمس إلدر، إن الشخص العادي في رفح لا يحصل إلا على لتر واحد من الماء يوميًا، "وهو أقل بشكل كارثي من أي مستوى طارئ".

من جانبه، رئيس بلدية غزة يحيى السراج للتلفزيون العربي: "نحذر من انتشار الأمراض والأوبئة بسبب انتشار النفايات ومياه الصرف الصحي في القطاع"، مضيفًا: "نقص الوقود يمنعنا من توفير المياه وتشغيل الآليات لخدمة المواطنين".

وتابع السراج: "الوضع الصحي في القطاع أصبح وكأنه هدف مشروع للاحتلال الإسرائيلي"، واستمر في القول: "هناك شكاوى كثيرة لعدم توفر المواد الغذائية للأطفال والمعدات الضرورية والوضع يزداد سوءًا".

وواصل رئيس بلدية غزة للعربي الحديث عن الوضع الصعب في قطاع غزة، قائلًا: "المواد الغذائية باتت شحيحة جدًا بعد إغلاق المعابر وأسعارها ترتفع بشكل كبير في قطاع غزة".

وفي سياق آخر، قال الهلال الأحمر الفلسطيني للتلفزيون عربي: "تجري الآن عملية نقل المستشفى الميداني من منطقة مواصي رفح إلى منطقة مواصي خانيونس"، مضيفًا: "معظم المرافق الصحية توقف عملها في مناطق شمال القطاع ووسطه".

وحذر رائد النمس في حديثه للعربي من انهيار المنظومة الصحية في مدينة رفح في ظل الأعداد الكبيرة من الشهداء والجرحى.

الولايات المتحدة.. موقف ثابت

وقالت إدارة بايدن إن العمليات والهجمات الإسرائيلية الأخيرة في مدينة رفح بجنوب غزة لا تشكل عملية برية كبيرة تتجاوز أي خطوط حمراء أميركية، وأنها تراقب من كثب أيضًا التحقيق في الغارة التي وقعت يوم الأحد على مخيم ووصفتها بـ"المأساوية".

وفي حديثه بعد رؤية الدبابات الإسرائيلية بالقرب من مسجد العودة، أحد المعالم البارزة في وسط رفح، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي للصحفيين إن الولايات المتحدة لا تغض الطرف عن محنة المدنيين الفلسطينيين. مضيفًا: "قال الإسرائيليون إن هذا خطأ مأساوي"، في إشارة إلى الغارة الجوية وإطلاق النار في منطقة مزدحمة بخيام اللاجئين.

وردًا على سؤال عما إذا كان هناك أي شيء شهده البيت الأبيض منذ يوم الأحد وحتى العمليات البرية الجارية هذا الأسبوع من شأنه أن يدفع الولايات المتحدة إلى سحب المزيد من المساعدات العسكرية، أوضح كيربي: "لقد قلنا أيضًا أننا لا نريد أن نرى عملية برية كبيرة في رفح من شأنها أن تجعل من الصعب على الإسرائيليين ملاحقة حماس دون التسبب في أضرار جسيمة، وربما عدد كبير من القتلى. ولم نر ذلك بعد"، مشيرًا إلى أن العمليات الإسرائيلية يوم الثلاثاء كانت في معظمها على مشارف رفح.

وردًا على سؤال حول وجود الدبابات الإسرائيلية في رفح يوم الثلاثاء، قال كيربي: "لم نرهم يدخلون بوحدات كبيرة، وأعداد كبيرة من القوات، في صفوف وتشكيلات في نوع من المناورة المنسقة ضد أهداف متعددة على الأرض". وهذا هو التعريف الأوضح للتصور الأميركي عن ما وصف "الخط الأحمر" من دخول رفح.

وكان البنتاغون قد قال في وقت سابق إنه يعتبر الهجوم الإسرائيلي على رفح "محدود النطاق".

وقالت المسؤولة في البنتاغون سابرينا سينغ، إن الإدارة الأميركية تنتظر انتهاء الجيش الإسرائيلي من تحقيقه في غارة يوم الأحد قبل الإدلاء بمزيد من التعليقات.

وردًا على سؤال عما إذا كانت تصرفات إسرائيل في رفح يمكن أن تضع بايدن في موقف صعب، قال كيربي للصحفيين إنه عوضًا عن ذلك هناك خطر حقيقي من أن تصبح إسرائيل أكثر عزلة عن المجتمع الدولي بالطريقة التي تدير بها عملياتها.

وقال كيربي: "من الواضح أن هذا يثير القلق، لأنه ليس في مصلحة إسرائيل. وليس من مصلحتنا أن تصبح إسرائيل معزولة بشكل متزايد على المسرح العالمي".

وقالت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، خلال حفل أقيم في واشنطن، إن "كلمة مأساوية لا يمكنها وصف" الغارة الجوية الإسرائيلية التي وقعت يوم الأحد، وأدت إلى اندلاع حريق في مخيم في مدينة رفح بغزة، مما أسفر عن سقوط 45 فلسطينيًا.