01-سبتمبر-2015

البشير خطيبًا (أ.ف.ب)

في السودان، لا يكفي أن تعيش قصة حب مع فتاة لتتزوجها، إنما عليك أن تكون من أصحاب المال الوفير لتنال رضا عائلة العروس. وتدريجيًا لأسباب مادية صار الزواج من امرأة ثانية شبه مستحيل. لكن الرئيس السوداني عمر البشير لا يتوانى عن استغلال كل الفرص الإعلامية لتأكيد اهتمامه بترسيخ التعددية الزوجية كنمط حياة في البلاد.

من خلال خطاباته، يشجع البشير على تعدد الزوجات ويضرب المثال بنفسه ويذكّر بزواجه من امرأة ثانية ويعتبره حلًا لتأخر سن الزواج. في خطابه الأخير، رفع البشير مؤخر الصداق إلى مليار جنيه سوداني للحد من تزايد حالات الطلاق، حسب تعبيره. ويحاجج الرئيس السوداني لدعم موقفه بارتفاع نسبة "العنوسة" أو تأخر سن الزواج في الأوساط النسائية إلى 34% حسب دراسة إحصائية صادرة عن جامعة أم درمان الإسلامية قبل عامين.

يسخر البعض من قبول التيارات الإسلامية في السودان التعددية في الزوجات مقابل رفضهم هذه الفكرة في سياساتهم وتداولهم على السلطة

وتشير إحصاءات إلى أن عدد النساء في السودان خلال الأعوام الخمسة الأخيرة قد بلغ 15 مليون امرأة، فيما يقدر عدد النساء المتزوجات بـ6 ملايين و375 ألفًا، في وقت أعلنت فيه المنظمة الوطنية للأرامل واليتامى ارتفاع عدد الأرامل المسجلات في ولاية الخرطوم وحدها إلى أكثر من سبعة آلاف أرملة. وكشفت دراسة قامت بها ذات المنظمة رفض معظم الرجال الارتباط بأرامل وتفضيلهم المطلقات لأسباب نفسية.

ورافق خطاب الرئيس السوداني الأخير جدل واسع. في هذا الإطار، يقول حسن، صحفي سوداني، لـ"الترا صوت"، "المشكلة ليست مادية والحل لا يكمن في تعدد الزوجات، بل هناك عدم ثقة في نجاح الزواج أصلاً".

في سياق متصل، يقول الداعية الإسلامي يوسف الكودة إن "دعوة البشير رفع مؤخر الصداق تكرس المشكلة عوضاً أن تطرح الحل باعتبارها ستؤدي إلى رفع المهور". ويضيف الكودة لـ"الترا صوت"، "حديث رفع المؤخر غير حكيم وغير ملزم للأزواج، علاوة على أن الأمر ممكن إذا اشترطته الزوجة ولكن أن يفرض على الجميع بقانون فهو بلا شك غير مشروع".

وعن التعددية لحل مشكل تأخر سن الزواج، يرى الكودة أن "دعوات البشير ليست جديدة، وهي مباحة رغم ظروف البلاد الاقتصادية التي لا تشجع ولا تعين على تلبيتها".

وتنظر أمل هباني، كاتبة وناشطة في مجال حقوق المرأة، لدعوة التعددية باعتبارها "تعكس تأزمًا في المجتمع السوداني"، وتوضح أنه "في الوقت الذي وصلت فيه حركات حقوق المرأة في بعض الدول إلى منع التعدد، يتحدث الرئيس السوداني عنه  كحل وهو أمر لم تفعله حتى طالبان".

وتذهب أمل إلى أن الحديث عن التعدد امتدادًا لـ"مشروع مدمر للقيم الإنسانية لدى الحزب الحاكم"، وتدعو الرئيس للتفكير في حل مشكلة آلاف الشباب الاقتصادية والاجتماعية.

وينتشر تعدد الزوجات لدى قادة السودان منذ سنوات، ولم يشذ عن هذه القاعدة إلا حسن الترابي، الذي عرف بفتاويه لصالح النساء السودانيات في مواقف مختلفة. ويسخر جزء من الشعب السوداني من قبول التيارات الإسلامية في السودان تعدد الزوجات مقابل رفضهم هذه الفكرة في سياساتهم وتداولهم على السلطة.