10-يوليو-2023
gettyimages

محاولات سحب القارب من قبل خفر السواحل اليوناني أدت إلى غرقه (Getty)

رجحت صحيفة الغارديان البريطانية، تسبب محاولات خفر السواحل اليوناني سحب قارب المهاجرين في غرقه قبالة السواحل اليونانية، منتصف حزيران/ يونيو الماضي، بناءً على مقابلات شهود العيان، وباستخدام نموذج تفاعلي ثلاثي الأبعاد، بالإضافة إلى وثائق المحكمة اليونانية وخفر السواحل. 

قال أحد الناجين: "أشعر أنهم حاولوا إخراجنا من المياه اليونانية حتى تنتهي مسؤوليتهم"

وقال العديد من الناجين إن محاولات خفر السواحل اليونانية لسحب المركب تسببت في غرقها، فيما نفى خفر السواحل بشدة أنه حاول جر الزورق، وذلك وفق تحقيق الغارديان وعدة مؤسسات إعلامية أخرى، بالإضافة إلى مؤسسة (Forensis -Forensic Architecture) التي قامت بإعادة بناء النموذج التفاعلي ثلاثي الأبعاد.

وكشف التحقيق، عن القارب الذي انطلق من ليبيا وغرق جنوب اليونان في منطقة بيلوس، في 14 حزيران/ يونيو، عن تواجد سفينة خفر سواحل يونانية راسية في ميناء أقرب من تلك السفينة التي وصلت، ولكنها لم تتحرك إلى موقع الحادث، كما فشلت السلطات اليونانية في الرد ثلاث مرات على طلبات المساعدة من قبل وكالة الحدود وخفر السواحل في الاتحاد الأوروبي (فرونتكس).

زكي وزكية الصناعي

وبشكل حاسم، أظهر التحقيق أن سفينة الصيد المكتظة بدأت تتحرك غربًا عند مقابلة سفينة خفر السواحل اليونانية التي تم إرسالها إلى مكان الحادث. ووفقًا لشهادات الناجين المتعددة التي قُدمت إلى الجارديان والمدعين العامين اليونانيين، أخبر خفر السواحل المهاجرين أنه سيقودهم إلى إيطاليا، متعارضًا مع الرواية الرسمية بأن سفينة الصيد بدأت تتحرك غربًا من تلقاء نفسها. 

وأظهر التحقيق أن سفينة الصيد تحولت إلى الجنوب وكانت شبه متوقفة لمدة ساعة على الأقل حتى حدثت محاولة جر ثانية ومميتة، وفق روايات من تبقى على قيد الحياة من ركاب القارب.

اثنان من الناجين، استخدموا النموذج ثلاثي الأبعاد، لوصف عملية القطر، فيما تحدثت مقابلات أخرى عن "دفع المركب للأمام مثل الصاروخ، لكن مع توقف المحرك".

getty

وقال ناجٍ آخر، إنه سمع أشخاصًا "يصرخون حول ربط الجيش (خفر السواحل) اليوناني المركب بحبل، وتحدثوا عن جره لمدة 10 دقائق قبل غرق سفينة الصيد بقليل". وقال أحد الناجين بعد النظر في خريطة الأحداث: "أشعر أنهم حاولوا إخراجنا من المياه اليونانية حتى تنتهي مسؤوليتهم".

وقالت المحامية من المجلس اليوناني للاجئين ماريا بابامينا، لـ"الغارديان": إن هناك محاولتي سحب رُويت لفريقها. وتظهر وثائق المحكمة أن سبعة من أصل ثمانية ناجين قدموا روايات للمدعي المدني عن وجود حبل وجر وسحب قوي، في إفادات أجريت يومي 17 و18 حزيران/ يونيو.

وتضيف الغارديان: "لا يمكن إثبات الظروف الدقيقة للغرق بشكل قاطع في غياب الأدلة المرئية. شهد العديد من الناجين على مصادرة السلطات اليونانية لهواتفهم، وذكر بعضهم أنهم صوروا مقاطع فيديو قبل لحظات من الغرق".

getty

وفي السياق نفسه، تقول الصحيفة البريطانية: "لا تزال هناك أسئلة حول سبب عدم تسجيل سفينة خفر السواحل اليونانية الحديثة، مكان الحادث على كاميراتها الحرارية"، مشيرةً إلى أنه "تم تمويل السفينة، المسماة 920، بنسبة 90% من قبل الاتحاد الأوروبي لتعزيز قدرات فرونتكس في اليونان وهي جزء من العمليات المشتركة لوكالة الحدود الأوروبية في البلاد".

وقال خفر السواحل اليوناني في تصريحات رسمية إن العملية لم تسجل لأن الطاقم كان يركز على عملية الإنقاذ. لكن مصدرًا في خفر السواحل قال إن الكاميرات لا تحتاج إلى تشغيل يدوي مستمر وهي موجودة على وجه التحديد لالتقاط مثل هذه الحوادث.

ووصف أحد مصادر "الغارديان" عدم حشد المساعدة بالقرب من الحادث بأنه "غير مفهوم"، وكان قد تم تنبيه خفر السواحل اليوناني و"فرونتكس" بوجود المركب صباح يوم 13 حزيران/ يونيو، مع التقاط صور له من الجو، لكن لم يتم إجراء أي عملية بحث وإنقاذ، لأن القارب رفض المساعدة، وفق المزاعم اليونانية.

getty

وتكشف الغارديان، عن وصول رسالة استغاثة عاجلة للسلطات اليونانية، قيل إنه تم نقلها إليهم في الساعة 5.53 مساءً بالتوقيت المحلي عن طريق الخط الساخن للطوارئ، الذي كان على اتصال بالأشخاص الموجودين على متن المركب.

وقال اثنان من خفر السواحل لصحيفة "الغارديان" إنهما يعتقدان أن السحب كان سببًا محتملاً لانقلاب القارب.

وتشير الصحيفة البريطانية، إلى أن ما حصل لم يكن سابقة لخفر السواحل اليوناني، ففي عام 2014 تسببت محاولة لسحب قارب للاجئين قبالة سواحل فارماكونيسي في مقتل 11 شخصًا. وبرأت المحاكم اليونانية خفر السواحل، لكن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قامت بإدانة خفر السواحل اليوناني في عام 2022.

تلاعب بالشهادات

ووفق "الغارديان" فقد تم تقديم الشهادات للناجين من الغرق على جولتين، الأولى نفذها خفر السواحل اليوناني، والثانية للمدعي العام اليوناني، وتظهر من خلالها فروقات واضحة، قد تكشف عن تلاعب في الشهادات والأقوال.

من

وتقول الصحيفة البريطانية: "الشهادات المقدمة لخفر السواحل من قبل اثنين من الناجين المنفصلين من جنسيات مختلفة هي نفس الكلمات عند وصف الغرق: ’لقد كان هناك الكثير من الناس على متن القارب، والذي كان قديمًا وصدئًا.. ولهذا السبب انقلب وغرق [المركب] في النهاية".

تقول الصحيفة البريطانية: "لا تزال هناك أسئلة حول سبب عدم تسجيل سفينة خفر السواحل اليونانية الحديثة، مكان الحادث على كاميراتها الحرارية"

وتتابع الغارديان، قائلةً: "تحت القسم أمام المدعي المدني، بعد أيام، وصف نفس الناجين حوادث القَطر، بشكلٍ مختلف، مع إلقاء اللوم على خفر السواحل اليوناني في الغرق. نفس الناجي السوري الذي ذكر في شهادته لخفر السواحل أن السفينة انقلبت بسبب عمرها وازدحامها سيشهد لاحقًا، بالقول: ’عندما صعدوا على المركب، وأنا آسف لذكر ذلك، غرق قاربنا. أعتقد أن السبب كان سحب القارب اليوناني".