25-مايو-2016

(Getty)

تجربة لا يتجاوز عمرها أربع سنوات، بزغ نورها مع الانتخابات التشريعية في الجزائر لسنة 2012، الساحة كانت مفتوحة على كل الاحتمالات وتنافس وتطاحن بين الأحزاب السياسية في القمة، بينما الشارع الجزائري كان يغلي على وقع احتجاجات هنا وهناك من أجل العمل والسكن، فكانت القنوات الخاصة واجهة لهؤلاء ومتنفسًا لهؤلاء.

ستون قناة، يأمر الوزير الأول الجزائري بغلق 55 منها، لنشاطها غير الشرعي في الجزائر، ويشهر سيف الحجاج في وجه موظفيها وعمالها

الساحة الإعلامية في الجزائر أثمرت في تلك السنة بعديد القنوات الخاصة، تملكها الصحف أو رجال أعمال، قنوات باتت تبهر الرأي العام سواء من خلال شده إليها باسم حرية التعبير وإطلاق العنان لما اصطلح عليه إعلاميًا "صوت الشعب" أو"صوت الشارع" أو"صوت لمن لا صوت لهم"، لكن تلك القنوات ظلت بدون قانون يراقبها أو يحميها أي يحمي موظفيها، على اعتبار أنها تشتغل في الجزائر وكأنها قنوات أجنبية لديها تراخيص كقنوات أجنبية.

اقرأ/ي أيضًا: قضية الخبز تفجر أزمة سياسية في الجزائر

إلى هنا الأمر كان عاديًا، فالجزائر كانت على صفيح ساخن مع احتجاجات الشارع من مختلف الشرائح والقطاعات في المدن، فضلا عن كونها في تلك الفترة باستحقاقات تشريعية 2012 ثم تلتها انتخابات رئاسية 2014، وهي الفترات المفصلية في الساحة السياسية في الجزائر بحسب المحلل السياسي محمد العربي بلخير لـ"الترا صوت" قائلا إن الاعلام كان يلعب دوره الدعائي والترويج لأجندات سياسية للعديد من الفاعلين السياسيين في الجزائر.

في هذه الفترة بدأت القنوات تظهر الواحدة تلو الأخرى، وبدأ طموح الجرائد يتعاظم والحلم يكبر في أعين الصحافة الخاصة في الجزائر بتأسيس قناة، كواجهة أخرى، يمكنها فرض منطقها الإعلامي والتجاري أيضًا.

إعلام القنوات الخاصة في الجزائر المغضوب عليها من طرف الحكومة الجزائرية، صار اليوم، في نظرها، يبث " السموم ويلوث العقول، على حد تعبير الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال وتنتهج مسار السب والشتم وتملك عقيدة "خالف تعرف".

اقرأ/ي أيضًا: لماذا اختلف الناس حول باسم يوسف؟

ستون قناة في ظرف أربع سنوات هي نتاج فوضى غير خلاقة في الوسط الإعلامي في الجزائر، يأمر الوزير الأول الجزائري بغلق 55 منها، لنشاطها غير الشرعي في الجزائر، ويشهر سيف الحجاج في وجه عمالها وموظفيها وملاكها وبلغة التهديد والوعيد يأمر بغلقها، فيما فلتت خمس قنوات معتمدة قانونيًا من السلطات الجزائرية من السيف الحاد الذي سيسلطه وزير الاتصال حميد قرين ضد هذه القنوات "الهجينة"، حيث تلقى أوامر من الحكومة قبل أيام بتنظيف الساحة الإعلامية من شوائبها.

سلال وجه انتقادات لاذعة للقنوات الخاصة في الجزائر التي برأيه تعتمد "أسلوب السب وتجاوز الخطوط الحمراء" في تناولها لعديد القضايا في المجتمع الجزائري، معتبرًا ذلك ب "غير المقبول أخلاقيًا ولا مهنيًا" مهددًا بعدم السماح لها بأن تتجاوز القانون.

ولفت سلال إلى أن كل القنوات العاملة بالجزائر يجب أن تمتثل لدفتر الشروط الجزائري لتلقي وثيق الاعتماد كقنوات جزائرية مقدمًا وعودًا بدعمها، متهما هذه القنوات تمارس الضغط على كوادر في الدولة وفي المؤسسات الحكومية وتفشي أسرار التحقيقات فضلا عن كونها تتهرب من دفع الضرائب وتقوم بتحويل العملة الصعبة نحو الخارج وغيرها من الممارسات التي يعاقب عليها القنوات، على حد تعبير الوزير الأول.

كثيرة هي الأسئلة التي تطرح اليوم عقب تصريحات سلال النارية ضد القنوات الناشطة في الجزائر، أهمها كيف يمكن السماح لمثل هذه القنوات بالتغطيات الإعلامية لنشاطات الوزراء والمسؤولين في الدولة، وتوجه لها الدعوات في وقت هي "غير شرعية"؟ ..كما أن هذه القنوات ظلت تبث أخبارها وبرامجها أمام أعين السلطة التي لم تحرك ساكنًا لمنعها أو إنذارها بالتوقف عن البث؟

كما أن الأهم في كل هذه هو كيف يمكن لدولة أن تمسح الغبار عن أسطوانة قديمة لتعيد سماعها من جديد بعدما غضت الطرف عنها خلال أربع سنوات؟

أسئلة جاءت على ألسنة محترفي قطاع الإعلام ممن أوجعتهم تصريحات الوزير الأول لأنها برأيهم في النهاية تهدد أمنهم الاجتماعي وتدفعهم إلى الخروج من الباب الضيق إلى البطالة في وقت وجد المئات من المتخرجين من معاهد الإعلام الجزائرية ضالتهم ولو بالخطأ تحت جناح هذه القنوات، أليست التجربة والخبرة تأتي من التعلم من أخطاء الماضي؟ .

اقرأ/ي أيضًا: 

عشرة أخبار لم تقرأ عنها الأسبوع الماضي

تفاصيل الاستغاثة الأخيرة للطائرة المصرية المنكوبة