27-نوفمبر-2017

لا يقتصر إدمان الجنس عبر الإنترنت على الرجال (Thoughtcatalogue)

هل يقتصر إدمان الجنس عبر الإنترنت على الرجال؟ ولماذا يُربط عادة بالرجال؟ في هذا التقرير، المترجم عن موقع Psychology Today، نقدم نتائج دراسة حديثة حول مدى إدمان النساء للجنس الرقمي أو الجنس السيبراني إضافة إلى تمظهرات ذلك وخلفياته وآثاره الممكنة على الحياة النفسية والاجتماعية للفتاة.


أتاح انتشار المواد الإباحية على الإنترنت لملايين من الأشخاص الحصول على الإشباع الجنسي بسهولةٍ وباستمرار ودون لفت انتباه الناس. ولكن لأننا نربط الانجذاب إلى المواد الإباحية كثيرًا بالرجال، ولأن المواد الإباحية على شبكة الإنترنت في العموم هي ظاهرة حديثة نسبيًا، فلم يكن ثمة سوى قليل من التدقيق والفحص، سواء في البحوث الأكاديمية أو وسائل الإعلام المعروفة، بشأن النساء اللاتي صِرن مدمنات على ممارسة الجنس عبر الإنترنت.

سواء مع الذكر أو الأنثى، فإن الأشخاص الذين يستخدمون الإنترنت من أجل الجنس يفعلون ذلك لأنهم يجدون أن التصورات الجنسية عبر الإنترنت تُعزِز الإشباع لديهم

يُعرّف الجنس عبر الإنترنت تقنيًا؛ بأنه سلوك ذو دوافع جنسية ويستخدم الإنترنت. وعلى عكس أشكال الإدمان الأخرى، مثل إدمان القمار، واضطرابات تعاطي المخدرات، لا يُعترف بإدمان الجنس عبر الإنترنت رسميًا، ومن ثمّ لن يقدم خبراء الصحة العقلية تشخيصًا للأشخاص الذين تظهر لديهم أعراض هذا النوع من الإدمان.

لا تزال الأبحاث في مجال الجنس عبر الإنترنت في طور النشوء، ولكن استنادًا إلى ما هو معروف في الوقت الحالي، يبدو أن النساء أقل ميلًا للجوء إلى الجنس عبر الإنترنت من الرجال، وعندما يفعلن ذلك، فهن أكثر ميلًا للمشاركة في غرف الدردشة وتفضيلًا لها على مشاهدة المواد الإباحية. كما تعرض الأبحاث أيضًا أن النساء يُصبِحن أكثر تفضيلًا للجنس التفاعلي عبر الإنترنت عندما يتقدمن في العمر.

من أجل استقصاء هذه المساحة غير المستكشفة نسبيًا في عالم الجنس عبر الإنترنت، قرر الخبير النفسي، كريستيان لير، من جامعة دويسبورغ-إيسن وفريق من الباحثين الألمان أن يدرسوا طبيعة إدمان الجنس عبر الإنترنت لدى النساء وأن يفهموا المؤشرات التي تُنبِئ به. بدأت المجموعة بوجهة نظر تُعرف بـ (فرضية الإشباع)، التي تقترح أن الأشخاص يصبحون مدمنين للجنس عبر الإنترنت لأنهم يتنبؤون ثم يحصلون على الإشباع الجنسي. وعلى عكس الأشخاص الذين لا تتطور لديهم حالة إدمانية، فإن هؤلاء المدمنين للجنس عبر الإنترنت يصبحون مستثارين عبر التلميحات الجنسية على الإنترنت. فإذا لم تحصل الإثارة لدى أحد الأشخاص عن طريق الصور الإباحية على الإنترنت، فلن يكون مدمنًا للجنس عبر الإنترنت. وإذا حدث واُستثِرت لها، وإذا كنت تواجه مجموعة أخرى من عوامل الخطر؛ فقد تصبح مدمنًا.

انتدب لاير وفريقه مجموعة من 102 امرأة شابة من مجتمع تتراوح فئاته العمرية بين 18-29. أخبر الباحثون المشاركات قبل التجربة أنهن قد يشاهدن مواد إباحية لممارساتٍ جنسيةِ قانونية. قُسِمت الشابات إلى مجموعات استنادًا إلى ما قالوه حول استخدامهن للمواد الإباحية أو غرف الدردشة الجنسية عبر الإنترنت؛ وكانت هذه المجموعات عبارة عن: مستخدمات للمواد الإباحية عبر الإنترنت (إيبوس)، وغير مستخدمات للمواد الإباحية على الإنترنت (نيبوس)، مستخدمات لتطبيقات الجنس التفاعلي عبر الإنترنت فقط (إيكوس)، وغير مستخدمات لتطبيقات الجنس التفاعلي على الإنترنت (نيكوس). دخلت معظم المقارنات في نطاق فئتين هما: مستخدمات للمواد الإباحية عبر الإنترنت، مع غير مستخدمات للمواد الإباحية على الإنترنت.

عند المقارنة مع غير المستخدمات للمواد الإباحية على الإنترنت، كانت مستخدمات هذه المواد أكثر ميلًا لمشاهدة الصور والفيديوهات الأقل إباحية Soft Core، ولكنهن أيضًا كن أكثر عُرضةً لزيارة المواقع التي تعرض الصور والفيديوهات الأكثر إباحية Hard Core. لم تكن هناك اختلافات على مستوى المجموعة في عددٍ من الممارسات الأخرى، مثل الدردشة الجنسية، وممارسة الجنس عبر الكاميرا، واستخدام مواقع المواعدة، والدخول في عُروضٍ جنسية تُبَث مباشرةً، وشراء الألعاب الجنسية، وقراءة الأدب المثير جنسيًا، والبحث عن معلومات حول الأمراض المنقولة جنسيًا، والسعي وراء النصائح المتعلقة بالممارسات الجنسية.

أجاب المشاركون عن استبيان خلال الاختبار الذي استغرق ساعة داخل المعمل، والذي يشير إلى مدى إدمانهم للجنس عبر الإنترنت، والذي يُعرف بـ (اختبار إدمان الإنترنت) وتم تنسيقه ليكون قابلًا لتطبيقه مع الجنس عبر الإنترنت. يوجد مقياسان لاختبار إدمان الإنترنت: الأول يعكس فقدان السيطرة وإدارة الوقت، والثاني يتعلق بالرغبة والمشكلات الاجتماعية. أجاب المشاركون أيضًا على استبيان يقيس ميلهم إلى الإثارة الجنسية واستبيان آخر، وهو مخزون سلوكيات الشبق، لقياس السلوكيات الجنسية الإشكالية. كما قيّمن أنفسهن وفقًا لمجموعة من الأعراض النفسية والفسيولوجية خلال أسبوع مضى، وقدّمن معلومات حول عدد الأشخاص الذين مارسن معهن الجنس خلال ذلك الأسبوع وخلال الأشهر الستة الماضية.

تضمن الجزء التجريبي من الدراسة عرض 100 سيناريو متنوع يحفز التصور الجنسي لدى المشاركات. قُيمت الرغبة الجنسية لدى المشاركات قبل وبعد هذه المحفزات، بالإضافة إلى رغبتهن في الاستمناء.وقد حدث ما كان متوقعًا، إذ توصل لاير وزملاؤه إلى أن النساء المستخدمات للمواد الإباحية عبر الإنترنت كُنَّ أكثر استثارةً وكُنَّ أكثر شهوةً من غير المستخدمات للمواد الإباحية عبر الإنترنت. وجدت النساء الأكثر إدمانًا للجنس عبر الإنترنت أن الصور أكثر إثارةً، وشعرن بالشهوة، وكُنَّ أكثر حساسيةً للإثارة الجنسية، كما كان لديهن سلوكيات جنسية إشكالية أكثر من الأخريات، فضلًا عن الأعراض النفسية التي ظهرت لديهن أكثر من نظيراتهن أيضًا.

كانت نتائج الدراسة واضحة:  النساء اللاتي لديهن قابلية أكبر لأن يكنّ مدمنات للجنس عبر الإنترنت يجدن التصورات المتعلقة بالأنشطة الجنسية عبر الإنترنت أكثر إثارةً وتسببًا في الشهوة. ومثلما هو الحال مع الرجال، فإن النساء اللاتي يصبحن أكثر إدمانًا للمواد الإباحية على الإنترنت يبدو أنهن يفعلن ذلك رغبةً في تحقيق الإشباع. فهن لا يفتقدن للنشاط الجنسي في حياتهن، ولكن على ما يبدو فهن يعانين من مشكلاتٍ نفسية أكثر. خلال التجربة، كانت الصور بمثابة التلميحات أو التوجيهات إلى هذا السلوك، مثلما يحدث مع الأشياء الأخرى التي تستثير السلوك الإدماني، مثل التلميحات المتعلقة بالكحول والتي تستثير استخدام المواد الكحولية.

الارتباط بالجنس عبر الإنترنت قد يتعارض مع قدرة الشخص ليعيش حياة مرضيةً ومنتجة، وقد يخفي في حالات كثيرة مشاكل نفسية

الخلاصة أنه سواء مع الذكر أو الأنثى، فإن الأشخاص الذين يستخدمون الإنترنت من أجل الجنس يفعلون ذلك لأنهم يجدون أن التصورات الجنسية عبر الإنترنت تُعزِز الإشباع لديهم. ولكن ليس من الواضح السبب في أن تكون الصور المنتشرة عبر الإنترنت مُشبعة لهؤلاء الأشخاص، وكيف أن التلميحات المتعلقة بمشاهدة السلوكيات الجنسية عبر الإنترنت تؤدي إلى الرغبة.

قد يجادل أحد الأشخاص أنه على عكس السلوكيات الجنسية الخطيرة، فإن إدمان الجنس عبر الإنترنت ليس مزعجًا على نحوٍ خاص؛ لأن الأشخاص الساعين للحصول على الإثارة الجنسية عبر الإنترنت لا يؤذون أي شخص، وأن هذا السلوك قانوني. إلا أن الارتباط بالجنس عبر الإنترنت قد يتعارض مع قدرة الشخص ليعيش حياة مرضيةً ومنتجة.

على الرغم من أن النساء اللاتي شاركن في دراسة لاير، لم يكن لديهن علاقات جنسية أقل إشباعًا في حياتهن، فقد كان لديهن مزيد من الأعراض التي تشير إلى وجود مشاكل نفسية. كما كانوا أكثر عرضةً للتورط في سلوكياتٍ جنسية أخطر. على سبيل المثال، كن يستخدمن عبارات (أفكاري وتخيلاتي الجنسية تشتتني عن إنجاز المهام الهامة)، وأيضًا عبارة (أشعر أن سلوكياتي الجنسية تأخذني في اتجاه لا أرغب في الوصول إليه). كما وافقن على أنهن يفعلن (أشياء جنسية تعارض مبادئهن ومعتقداتهن).  

من الواضح أن كلا من الرجال والنساء يمكن أن يصبحوا مدمنين للجنس عبر الإنترنت. وفي حالة النساء، فإن التداعيات، على أقل تقدير، يمكن أن تؤدي إلى عواقب غير مرجوة، حتى أن بعضها قد يشكل خطورة على الصحة النفسية والجسدية. فإذا بدا لديك، أو لدى شخص تعرفه، انحراف نحو هذا الاتجاه، فمن المهم إدراك أن إدمان الجنس عبر الإنترنت يمكن أن يتسبب في مشكلات في حياتك الواقعية، وليس عبر العالم الرقمي وحسب.