29-فبراير-2016

إنفانتينو في دارة الفيفا بزيوريخ (Getty)

فاز السويسري جياني إنفانتينو في انتخابات الفيفا وتفوق على الشيخ سلمان بن ابراهيم آل خليفة البحريني، وذلك بحصوله على 115 صوتًا في الجولة الثانية مقابل 88 صوتًا للشيخ سلمان.

التفوق الذي أحرزه إنفانتينو لا يعكس بالضرورة عهدًا جديدًا مليئًا بالإنجازات المنتظرة، لكنه يعكس عهد تسوية أتت به إلى رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم.

لم تقم أي دولة عربية باستضافة أي من بطولات كأس العالم بعد

الفوز المتوقع لإنفانتينو تصاعدت معه أصوات تتهم العرب بأنهم فوتوا فرصة تاريخية للوصول إلى رئاسة عالم المستديرة، وذلك بتصوير أن الانقسام بين الشيخ سلمان والأمير علي أضرّ بالعرب وحال من دون وصول أي منهما لرئاسة الفيفا.

هذا التصوير لسقوط العرب في مواجهة الغرب بسبب عدم تكاتفهم بوجه "المرشح الأوروبي" يؤدي إلى طرح سؤال أكثر عمقًا: أين العرب من كرة القدم ليحكموها؟

اقرأ/ي أيضًا: 

الوسطاء..غول صناعة كرة القدم

قديسون وخونة في المستطيل الأخضر

تقترب الفيفا من الذكرى 112 لتأسيسها وحكمت أوروبا قلب اللعبة وروحها رئاسة الصرح الكروي الأول طيلة 88 عامًا فيما حصلت البرازيل على الرئاسة لمدة 24 عامًا، وتمثلت أفريقيا في الأشهر الخمسة الأخيرة بعيسى حياتو كفترة انتقالية بعد إقالة بلاتر وقُبيل الانتخابات.

لم يقدّم العرب برنامجًا صلبًا متكاملًا يقودهم لمقارعة المرشّح الأوروبي إنفانتينو

طيلة هذه السنوات لم تقم أي دولة عربية باستضافة أي من بطولات كأس العالم، أما في الحديث عن المستوى الفني، فإن الدوريات العربية تصلح لضخ الأموال لعجائز أوروبا في السنوات الأخيرة، حيث باتت تشكل محجًا للاعبين الذين انتهت حياتهم الكروية ليجنوا بعض المال، كذلك فإن قسمًا كبيرًا من الدوريات العربية ما زال هاويًا ولم يرقَ بعد إلى المستوى الاحترافي.

على الصعيد الانتخابي لم يقدّم العرب برنامجًا صلبًا متكاملًا يقودهم لمقارعة المرشّح الأوروبي إنفانتينو، فالأمير علي بن الحسين أقام مشروعه على العاطفة المعارضة لبلاتر، إلا أن مخاطبة العاطفة والتلويح بنشر تقرير غارسيا (تقرير التحقيق بفساد الفيفا) كاملاً لم يؤمنا له أي من الأصوات الأوروبية الداعمة، كذلك فإنه طيلة الفترة الماضية لم ينجح باستقطاب أهم المعارضين لبلاتر إلى موقعه وهي إنجلترا.

بدوره المرشّح العربي الآخر الشيخ سلمان والذي حاز على 88 صوتًا لم يكن لينجح بأي حال من الأحوال، فلا يمكن أن يأتي لرئاسة "الفيفا" رجلاً متهمًا باعتقال وتعذيب رياضيين لمجرد خروجهم بمظاهرة ضد نظام ينتمي هو لعائلته المالكة، خاصّة في فترة يحتاج فيها الصرح الأول لكرة القدم لاستعادة الثقة مع العالم بدلاً من خلق مزيد من المشاكل، كذلك فإن هدف الشيخ سلمان بتحويل رئاسة "الفيفا" إلى منصب فخري وتحويل نفسه إلى راعٍ للعبة بدل أن يكون مديرًا لها لم يكن يحصد الكثير من التصفيق.

قسمًا كبيرًا من الدوريات العربية ما زال هاويًا ولم يرقَ بعد إلى المستوى الاحترافي

الصراع في كرة القدم هو جزء من الصراع الروسي-الأمريكي في الفترة الأخيرة وجياني إنفانتينو جاء ليكون مرشّح تسوية في الفترة الحالية، فمشروعه برفع عدد منتخبات كأس العالم إلى 40 منحه أصوات الكثير من الفرق الفقيرة، وإشارته في أكثر من مناسبة إلى أنه يريد إعادة الثقة بملفي ‫‏قطر و‏روسيا، منحه ثقة البلدين القادمين لاستضافة كأس العالم، إضافة إلى الدول المقربة منهما، أمّا كونه اليد اليمنى لبلاتيني في الاتحاد الأوروبي فإنّ ذلك جعل أوروبا القلب المالي والفني لكرة القدم تقود حملته الانتخابية وعلى رأسه إنجلترا المقرّبة من الولايات المتحدة الأمريكية والتي بدأت منذ إعلان النتائج بإعداد ملف استضافة كأس العالم 2030.

التسوية التي كان بطلها إنفانتينو باتت اليوم أمرًا واقعًا بين أروقة "الفيفا" التي ستبحث في الفترة المقبلة عن العمل مبتعدةً عن القنابل الإعلامية التي تهزّ ثقتها، وفي الوقت الذي تسير التسويات باللاعبين الكبار في السياسة والمال، لم يكن ممكنًا وصول أي عربي إلى رئاسة "الفيفا" التي تبحث عن الثقة وكان مُلزمًا على الأوروبيين -الذين هم قلب اللعبة- المجيء برئيس تدرّج بهيكليتهم الإدارية والمالية والتقنية والفنية، فأين هم العرب من كرة القدم ليحكموا "الفيفا"؟

اقرأ/ي أيضًا: 

الفائض المالي يدفع كرة القدم الصينية للأمام

استعادة ثقة الفيفا.. 5 مرشحين في الميزان