06-فبراير-2016

أفراد من الشرطة المصرية خلال مواجهة إحدى المظاهرات المعارضة للنظام (Getty)

"أمين شرطة يصفع ممرضة في البحيرة"، "أمين شرطة يعتدي على شاب في المترو بالسب والضرب"، "أمين شرطة يصفع فتاة في المترو"، "أمين شرطة يطلق النار على جيرانه ويصيب ثلاثة"، "أمين شرطة يطلق النار على مواطن بسبب الخلاف على أولوية المرور".

تجاوزات أمناء الشرطة في مصر لم تعد فردية، والمصريون يتابعون وقائعها يوميًا على شاشات التلفاز وصفحات الجرائد، بما هي ممارسة ممنهجة

 مثل هذه التجاوزات لم تعد فردية، اعتاد المصريون متابعة وقائعها يوميًا على شاشات التلفاز وصفحات الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي، فيما يشبه الممارسة الممنهجة. لكن هذه المرة الأمر لم يمر مرور الكرام؛ هذه المرة وقع الاعتداء على أطباء في مستشفى المطرية التعليمي، فانتفضت النقابة للدفاع عن حقوق وكرامة أعضائها، وأعلنت الإضراب الاضطراري عن العمل في المستشفى، ودعت إلى عقد جمعية عمومية طارئة.

الواقعة رقم ...

في الساعة الثانية من صباح يوم الخميس الموافق 28 كانون الثاني/يناير الماضي، قام اثنان من أمناء الشرطة باﻻعتداء بالضرب على طبيبين من طاقم مستشفى المطرية التعليمي؛ وذلك بعدما رفض الطبيب أحمد محمود كتابة تقرير طبي مزور وإثبات إصابات غير حقيقية ﻷمين شرطة، ليقوم بعدها أمين الشرطة، مع أحد زملائه، باﻻعتداء بالضرب على الطبيب أحمد وزميله الطبيب مؤمن عبد العظيم، الذي تدخل للدفاع عنه.

كما قام أمين الشرطة بتهديد الطبيب أحمد محمود بتلفيق قضية له، واستخدم سلاحه الميري ﻹرهاب الطبيب ما أدى إلى ترويع العاملين بالمستشفى، ثم استدعى الشرطي بعضًا من زملائه، الذين حضروا في سيارة ميكروباص، وقاموا باقتياد الطبيبين إلى قسم شرطة المطرية، لكن مأمور القسم عندما علم بالواقعة أمر باﻹفراج عن الطبيبين وإعادتهما إلى المستشفى. بحسب بيان نقابة اﻷطباء، وتصريحات عضو مجلس النقابة العامة، الدكتور هاني مهنا.

واحتجاجًا على اﻻعتداء على زملائهم، قام أطباء مستشفى المطرية التعليمي باﻹضراب عن العمل، وهو اﻷمر الذي لقي دعمًا كاملًا من النقابة العامة للأطباء، التي أكدت حق اﻷطباء في اﻻمتناع اﻻضطراري عن العمل لحين اتخاذ اﻹجراءات القانونية تجاه أمناء الشرطة المذكورين وحماية المستشفى بشكل حقيقي. كما قامت النقابة بتحرير محضر تعدٍّ باسم مستشفى المطرية التعليمي، وتقديم الدعم القانوني للطبيبين المعتدى عليهما للحصول على حقهما.

سبقني واشتكى

أعلنت وزارة الداخلية المصرية إيقاف أمناء الشرطة -الذين قاموا باﻻعتداء على طبيبي مستشفى المطرية التعليمي- عن العمل لحين انتهاء التحقيقات. لكن الوزارة نفسها ترى الواقعة بشكل آخر؛ فبحسب تصريحات اللواء أبو بكر عبد الكريم، مساعد وزير الداخلية للعﻻقات العامة واﻹعلام، فإن الواقعة كانت "مشادة كلامية بين الأطباء وأمين الشرطة المصاب تطورت إلى تشابك بالأيدي".

وفوجئ الطبيبان المعتدى عليهما، عند إدﻻئهما بأقوالهما في محضر التعدي عليهما واختطافهما من داخل المستشفى، أن أمين الشرطة، المتهم الرئيسي في الواقعة، حرر محضرًا رسميًا اتهم فيه اﻷطباء باﻻعتداء عليه بالضرب وإصابته بكسور وعاهات مستديمة، معتمدًا على تقرير كتبه طبيب بمستشفى هليوبولس. واضطر الطبيبان إلى التنازل عن محضر اﻻعتداء عليهما، مقابل تنازل أمين الشرطة عن محضر اتهامهما بإصابته بكسور وعاهات مستديمة.

ثم ظهرت مفاجأة أخرى حين تأكدت النقابة العامة للأطباء، باﻷوراق الرسمية المختومة من مدير مستشفى هليوبولس، أن التقرير الطبي الذي قدمه أمين الشرطة المتهم إلى النيابة، خاص بتعرضه لحادث دراجة بخارية وليس له أي علاقة من قريب أو بعيد بإصابته بواسطة الأطباء.

وأكد الدكتور هاني مهنا أن الطبيبين وإن كانا قد تنازﻻ عن حقهما، إﻻ أن هناك حقين آخرين، وهما؛ حق المنشأة الطبية المعتدى عليها، والتي حررت محضرًا باﻻعتداء، وحق النقابة العامة للأطباء في الدفاع عن أعضائها.

وعليه فقد قررت النقابة العامة للأطباء استمرار الإغلاق الاضطراري لمستشفي المطرية التعليمي، لحين إعلان قرارات واضحة بضبط وإحضار أمناء الشرطة وإحالتهم للمحاكمة أو لحين ميعاد انعقاد الجمعية العمومية للنقابة -أيهما أقرب-. كما توجه نقيب اﻷطباء، على رأس وفد نقابي، إلى مكتب النائب العام لمقابلته وطلب انتداب قاض للتحقيق في الواقعة، وندب لجنة ثلاثية لتوقيع الكشف الطبي على أمناء الشرطة، الذي اعتدوا على الأطباء، لتحديد سبب إصابتهم التي ادعوا أن الأطباء تسببوا فيها.

نواب الشعب يهاجمون اﻷطباء

خلصت جلسة الصلح التي دعا إليها البرلمان المصري، ﻹنهاء الأزمة بين نقابة الأطباء ووزارة الداخلية، إلى إقرار كل الأطراف بتجاوزات أفراد الشرطة ضد الأطباء، وتأكيد ممثل وزارة الداخلية بأنه تم تحويل أمناء الشرطة إلى المحاكمة التأديبية وتعهده بموافاة مجلس نقابة اﻷطباء بنتائج التحقيقات في أسرع وقت، في حين رفضت نقابة اﻷطباء إعادة فتح مستشفى المطرية التعليمي لحين محاسبة المسؤولين عن اﻻعتداء.

وشن عضو مجلس النواب، إيهاب عبد العظيم، هجومًا حادًا على نقابة الأطباء قائلًا: "دول ناس معندهمش إخلاص ولا أمانة، وينفذون أجندات"، ووصف النائب محمد المتولى، الشروط التي وضعتها نقابة الأطباء من أجل إنهاء إضرابها وإعادة العمل في مستشفى المطرية بـ"القاسية".

وطالب اللواء علي الدمرداش، عضو مجلس النواب عن دائرة المطرية ومدير أمن القاهرة الأسبق، بفتح مستشفى المطرية واستئناف العمل فيه، لأن إغلاقه ستترتب عليه آثار سلبية، الوطن في غنى عنها، مضيفًا "أن كل الجهات بها انتهاكات وتجاوزات، وكلها تصرفات فردية”.

ولم يقتصر اﻷمر على نواب البرلمان فقط، ولكن النائب العام المستشار نبيل أحمد صادق، أصدر قرارًا بفتح مستشفى المطرية العام، لتقديم خدماتها الصحية والعلاجية للمواطنين. وأمر بسرعة التحقيق في واقعة غلق المستشفى وصولًا إلى المتسبب في ذلك، واتخاذ الإجراءات القانونية تجاه من تثبت مسؤوليته عن تعطيل هذا المرفق العام عن أداء خدماته للمواطنين.

وذكر بيان صادر عن مكتب النائب العام اليوم الخميس، أن تحقيقات النيابة العامة في الواقعة المعروفة إعلاميًا بـ"أحداث مستشفى المطرية العام" كشفت عن أن هذه المنشأة الصحية، توقفت عن تقديم خدماتها للمواطنين. مؤكدًا أن غلق المستشفى وامتناع القائمين عليها عن تقديم الخدمات العلاجية للمواطنين، يمثل جريمة قائمة دستوريًا ومعاقب عليها قانونًا.

مطالب اﻷطباء

يمارس أمناء الشرطة جرائمهم ضد العامة مستخدمين سلاح الدولة ولباسها

قررت نقابة اﻷطباء عقد جمعية عمومية طارئة يوم 12 شباط/فبراير، للدفاع عن أمن وكرامة الطبيب. ودعت النقابة جميع أطباء مصر لحضور الجمعية العمومية حرصًا على كرامتهم واسترداد حقوقهم.

وأكدت النقابة أن مطالبها تتمثل في؛ البدء الفوري في الإجراءات القانونية للتحقيق مع المعتدين على اﻷطباء، وأن يكون هناك ضمانات لأن لا تتكرر الإهانات والمخاطر التي تعرض لها اﻷطباء والعاملون في المستشفى، حتى يتمكنوا من أداء مهامهم. وتساءلت اﻷمين العام لنقابة اﻷطباء، الدكتورة منى مينا، عن سبب عدم اتخاذ اﻹجراءات القانونية اللازمة لمحاسبة الجناة، رغم مرور عدة أيام على تقديم البلاغات للنائب العام.

وقرر أطباء مستشفى المطرية التعليمي، في تصويت مفتوح، وبنسبة 58%، إعادة تشغيل الاستقبال والطوارئ فقط، ثم استكمال العمل بباقي أقسام المستشفي فور ضبط وإحضار الجناة الذين اعتدوا على اﻷطباء. وقرروا أيضًا تقديم استقالات جماعية مسببة لنقابة الأطباء لتقديمها إلى وزير الصحة وذلك بعد الجمعية العمومية.

اقرأ/ي أيضًا: 

مصر..من قتل الإيطالي "جوليو ريجيني"؟

سفارات مصر.."في كل حتة مخبر"