26-سبتمبر-2023
الانتخابات الأمريكية

يتخلف حاكم فلوريدا رون ديسانتيس بنقاط عديدة أمام الرئيس الأمريكي السابق في السباق الترشح للرئاسيات الأمريكية (Getty)

أضاع حاكم فلوريدا رون ديسانتيس فرصًا نوعيةً متتاليةً لاكتساب زخم إضافي لحملته الرئاسية أمام المنافس الأبرز على نيل ترشيح الحزب الجمهوري دونالد ترامب. 

ومن بين الفرص العديدة التي تركها ديسانتيس تمر عليه تلك التي لاحت أمامه نيسان/أبريل عندما ركّز ترامب معظم هجومه على حاكم فلوريدا الذي كان يُعدّ حينها أقوى منافس محتمل لنيل ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها تشرين الثاني/نوفمبر 2024. حيث لم يستغلّ ديسانتيس ذلك الهجوم لتعزيز نقاط قوته، إذ كان حينها في اليابان ضمن جولة دولية في خطوة غالبًا ما يتخذها المرشحون للرئاسة لتلميع أوراق اعتمادهم في السياسة الخارجية. 

تحول حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، من أبرز منافس لترامب، إلى خاسر كبير أمامه

ونظرا لتضييعه فرص مواجهة ترامب وجهًا لوجه بنفس الحدة في الخطاب والثقة في نقاط قوته تقدم ترامب بمرور الوقت بفارق كبير أمام أقرب منافسيه ديسانتيس. 

وعندما سئل ديسانتيس أمام الكاميرا عن التخلف عن ترامب في استطلاعات الرأي، ردّ ديسانتيس بخجل بعينين مشتتتين ورأس مهتز أثناء محاولته تجنب الإجابة على السؤال، في مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع، معززًا الزعم الذي طالما ردده خصومه بأنه يفتقر إلى الكاريزما.

ويعترف الآن الحلفاء والمستشارون والأشخاص المقربون من حملة ديسانتيس بأن إحجامه في الأسابيع التي سبقت إعلان ترشحه عن التعامل مع ترامب خلال رحلة اليابان وأماكن أخرى  كان واحدًا من عدة أخطاء استراتيجية مكلفة.

getty

وفي هذا الصدد تحدثت وكالة رويترز إلى 16 من الناشطين السياسيين والمانحين المقربين من ديسانتيس لاستطلاع آرائهم  حول فترة الأسابيع العشرة الحاسمة التي أهدر فيها ديسانتيس فرصة إثبات نفسه كخصم قوي في مواجهة ترامب، وتمتد تلك الفترة من منتصف آذار/ مارس - قبل أول لائحة اتهام جنائية لترامب في نيويورك - حتى إطلاق ديسانتيس حملتَه في 24 أيار/مايو.

حيث تضافرت آراء الذين تحدثوا لرويترز على أن  تلك الأسابيع حاسمة لفهم السبب وراء تخلف ديسانتيس، الذي كان يُنظر إليه ذات يوم على أنه أفضل أمل للحزب الجمهوري للخروج من الاضطرابات والمآزق المحيطة بترشيح ترامب، الذي بات حاليًا يتقدم بفارق 40 نقطة عن ديسانتيس وفقًا لأحدث استطلاع.

وبعد أن قفز ترامب إلى السباق في أواخر العام الماضي، انتظر ديسانتيس أشهرًا قبل أن يدخل السباق، متهربًا من التحدث عن موضوع الترشح للرئاسة مع وسائل الإعلام ورافضًا أيضًا الرد على هجمات ترامب.

خلال تلك الأسابيع، اتسعت الفجوة بين ترامب وديسانتيس من حوالي 8 نقاط إلى 34 نقطة، وفقًا لموقع تحليل البيانات FiveThirtyEight ومع مرور أكثر من نصف وقت التنافس على ترشيح الحزب الجمهوري يتساءل العديد من حلفاء ديسانتيس وداعميه عما كان ينبغي لحملة مرشحهم أن تفعله بشكل مختلف؟

وردًا على هذا السؤال قال أحد الفاعلين في حملة المرشح ديسانتيس: "ما حدث هو أننا خلقنا هذا الفراغ من الضعف"، مضيفا أنه كان يتمنى "أن يعلن حاكم فلوريدا عن ترشحه للرئاسة في وقت مبكّر".

لكن ردّ حملة ديسانتيس الرسمية على أسئلة رويترز ركز على عدم رغبتهم في مناقشة أي قرارات استراتيجية سابقة، وأنهم يركزون حاليًا على التحضير لانتخابات الترشيح، والتي تبدأ مع التجمع الانتخابي في ولاية أيوا في 15 كانون الثاني/يناير 2024. كما يقول مساعدو ديسانتيس أنهم أجروا بعض التصحيحات في مسار الحملة.

getty

ترامب ملأ الفراغ

قال ثلاثة مستشارين شاركوا في صياغة استراتيجية ديسانتيس الانتخابية إنهم لو عاد بهم الزمن لدفعوا ديسانتيس للرد بقوة أكبر على هجمات ترامب في وقت مبكر، وأن ذلك الرد كان سيشمل تقديم موعد إطلاق حملته الرسمي، لكنّ الأوان قد فات، فلم يضيع ترامب ومساعدوه أي وقت في محاولة ملء الفراغ الذي خلقه ديسانتيس. بل وشرعوا في استراتيجية تهدف إلى إضعاف ديسانتيس في أعين الناخبين الجمهوريين، وخاصة من خلال تصويره باعتباره تهديدًا للضمان الاجتماعي والرعاية الطبية لأنه أيد إعادة هيكلة تلك البرامج عندما كان عضوًا في الكونجرس.

ومن بين الإعلانات التلفزيونية التي هاجمت بقوة ديسانتيس تلك الصادرة عن لجنة سياسية كبرى لجمع الأموال لصالح حملة ترامب، حيث يقول الإعلان: "لقد وضع ديسانتيس أصابعه القذرة على جميع استحقاقات كبار السن. مثل خفض الرعاية الطبية، وخفض الضمان الاجتماعي. وحتى رفع سن التقاعد".

getty

ووفقا لتحليل للمحتوى أجرته رويترز، فإن ترامب نفسه ضرب ديسانتيس بقوة فيما يتعلق بالضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، وذلك في الخطب والمقابلات وعلى وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من 40 مرة بين تشرين الثاني/نوفمبر، تاريخ إطلاق ترامب حملته، وإعلان ديسانتيس الترشح في أواخر أيار/مايو.

وقد أثرت دعاية حملة ترامب على المانحين المحتملين لديسانتيس الذي لم يكن حينها اسمًا كبيرًا.

ووفقًا للخبير الاستراتيجي الجمهوري في فلوريدا فورد أوكونيل، فإن"ما لا يقل عن 50% من المشاكل التي واجهتها حملة ديسانتيس جاءت بسبب رسائل ترامب". 

أخطاء عديدة في الحملة الانتخابات أدت إلى فقدان السياسي الجمهوري فرصة منافسة ترامب

حدث ذلك على الرغم من أن ديسانتيس يكرر ذات المواقف المحافظة والمتشددة التي يكررها ترمب بشأن التعليم أو الهجرة، فضلًا عن كونه حوّل ولايته فلوريدا إلى مختبر لأفكار المحافظين باسم المعركة ضد ما يعتبره "تفكيرًا سليمًا مزعومًا". وتزعم قاعدة الداعمين لديسانتيس أنه نسخة جديدة من ترامب لكن من دون دراما.

ومع ذلك يدّعي مساعدون في حملة ديسانتيس أنّ حملة مرشحهم سعت إلى إجراء بعض التعديلات الإستراتيجية. فبعد تجنب الظهور في وسائل الإعلام الرئيسية في البداية، أجرى ديسانتيس بانتظام مقابلات لرفع صورته والرد على ترامب.