24-سبتمبر-2016

تربينا على دروسٍ عن فوائد التّفاح، فتفاحةٌ يوميًا، كفيلة بإبقاء الطبيب بعيدًا، لا داعي لزيارة المستشفيات ولا العيادات، التّفاح هو الحلّ، وزير الخارجية اللبناني، دونكيشوت المعارك الوهمية، يريد من فرط حبّه للاجئين أن يُطعمهم تفاحًا لبنانيًا بلديًا، فكرمى لعيون اللاجئين، أعلنها باسيل حربًا ضروسًا للدفاع عن التّفاح ومزارعيه.

التّفاح كما أي سلعة في لبنان، أو أي خاصّية لبنانية، يخضع للتقسيم الطائفي المناطقي

التّفاح كما أي سلعة في لبنان، أو أي خاصّية لبنانية، يخضع للتقسيم الطائفي المناطقي، فزراعة التّفاح نشطت في أراضي ما يُسمى لبنان الكبير سابقًا، أي المناطق ذات الأغلبية المسيحية اليوم، ومنذ ذلك الحين، تشتهر المناطق السّاحلية والشّمالية كالبترون بهذه الزّراعة، وتنشط أسواق التّصريف إلى العالم العربي وأوروبا، فالتّفاح اللبناني استطاع أن يوجد لنفسه مكانًا على الرّفوف الأوروبية، الفرنسية خاصّةً. منذ الـ 2011، يواجه التّفاح ومزارعوه مصاعب في التّصدير للعالم العربي، بفعل الأزمة السّورية والتّوتر الحدودي، مما جعل من الـ 156 ألف طنّ المُنتج سنويًا، عبئًا على كاهل المزارعين وخسارةً سنويةً لهم.

من أكفأ من الوزير باسيل للدفاع عن الحقوق المسيحية، والتّفاح الميثاقي بوجه الموز الجنوبي والبطاطا البقاعية-العكارية، ومن الصّيد الأسهل لباسيل، اللاجئين طبعًا، بعد أن استغلّ وزير الخارجية أزمة اللاجئين لرفع أسهمه بصفته المسيحي الأوحد المدافع عن حقوق مظلومي الطّائفة، واعتباره وجودها خطرًا على الديمغرافيا اللبنانية وتوطينًا مقنّع، بحث باسيل عن وسيلةٍ أخرى لجذب أصوات النّاخبين في الانتخابات القادمة، فبعد ثلاث محاولاتٍ انتخابيةٍ فاشلة، يصبح لزامًا عليه استجداء الأصوات، والفئة المستهدفة هذه المرّة هم المزارعون، مزارعو التّفاح حصرًا، كون المزارعون الباقون بعيدين عن دائرته الانتخابية-المذهبية.

اقرأ/ي أيضًا: "الحالة الباسيلية".. باقية وتتمدد

تحوّل تصريح باسيل الكوميدي إلى قنبلةٍ هزليةٍ تُفقد تحرّك 28 أيلول مزيدًا من زخمه، ففي 28 أيلول، قرّر العونيون النّزول إلى الشّارع، وفرض عون رئيسًا للجمهورية بالإكراه، علمًا بأن خصمه فرنجية يحظى بأكثريةٍ برلمانية وعلى استعدادٍ لاستفتاءٍ شعبي، لكن عون ومن خلفه باسيل، يرفضون الاستفتاء لمعرفتهم مسبقًا بنتيجته. على أي حال، بعد تعطيلهم الحكومة وطاولة الحوار، ومقائعتهم البرلمان، يجهد العونيون اليوم في الهجوم على الجيش، فلا معيار منطقي يمكن أن يوقفهم عند حدٍ معيّن، طالما أن عون لم يسكن بعبدا بعد، لا مجال لتسيير عجلة الدّولة، ومساهمةً في شدّ العصب المسيحي، ولو أن أغلبية الفرقاء المسيحيين رفضوا ونصحوا عون بعدم اللجوء للشارع، لكن الأخير مصرٌّ في مسعاه، مع أن ما بعد 28 أيلول سيكون كما قبله.

ما يجري حاليًا في لبنان هو مراهقة سياسية، تعي الأطراف السّياسية جميعها عجزهم عن انتخاب رئيس، وضرورة التّسليم بواقع انتظار التّشكيل الجديد للخارطة الإقليمية، فلا اتفاق طائفٍ أو دوحةٍ يلوح في الأفق، الدّول الإقليمية المعنية بالملف اللبناني مشغولةٌ بالحروب في سوريا واليمن والعراق، ملف الرّئاسة اللبناني يحمل التّأجيل شرط الحفاظ على الأمن، والمظلّة الحامية للسلم الأهلي، وهذه المعايير هي المعايير التي يسعى باسيل لكسرها، وجرّ البلد تارةً لإشكالٍ إسلامي-مسيحي، وطورًا لإشكالٍ لبناني-سوري-فلسطيني. مراهقة باسيل السّياسية طرقت أبواب مزارعي التّفاح اليوم، وباب منظمات الإغاثة الدّولية المعنية بملف النّازحين على حدٍ سواء، لما لا تشترون تّفاحنا؟ مع أن اللاجئ إذا ما استهلك التّفاح اللبناني، سيقول باسيل إن اللاجئين يأكلون تفّاح اللبنانيين، وإن لم يأكل اللاجئ التّفاح، فسيصرخ باسيل كما يفعل اليوم، اللاجئون دمّروا اقتصادنا ومواسم تفّاحنا.

اقرأ/ي أيضًا:
رصاص بلا رصاص: التجربة البصرية المستقلة
المجازر ككوارث طبيعية