29-أكتوبر-2023
أحمد قدورة

كاريكاتير لـ أحمد قدورة/ فلسطين - السويد

تقول منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) إن الأسبوع الأول من الحرب، التي اندلعت مؤخرًا في شرق المتوسط، كان الأكثر فتكًا بالصحفيين مقارنةً بأي نزاع آخر في الآونة الأخيرة.

وفقًا لمدير المنظمة أودري أزولاي، لم تكن هذه المهنة قد دفعت هذا الثمن الباهظ في فترة زمنية قصيرة بهذا القدر.

الحرب التي تشنها اسرائيل مدعومة من الغرب الأوروبي والأمريكي على قطاع غزة في فلسطين المحتلة أسفرت عن استشهاد ما لا يقل عن 23 صحفيًا حتى الرابع والعشرين من شهر تشرين الأول/أكتوبر، وفقًا لتقرير من منظمة حماية الصحفيين الأمريكية.

كانت الحرب قد بدأت بعد إطلاق منظمة حماس الفلسطينية هجومها الذي أسمته طوفان الأقصى، في مفاجأة عسكرية كبرى هزت الكيان الصهيوني وشكلت صدمة للاستخبارات الاسرائيلية.

لقي ثلاثة صحفيين اسرائيليين حتفهم، واستشهد تسعة عشر صحفيًا فلسطينيًا، وصحفي لبناني واحد، بينما تعرض للإصابات ثمانية صحفيين، وقيل إن ثلاثة منهم في عداد المفقودين.

يجب أن نتذكر قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2222 الذي يؤكد أن الصحفيين الذين يقومون بتغطية النزاعات وغيرهم من المحترفين في المجال، يجب أن يُعاملوا ويتم حمايتهم كمدنيين

وفقًا لعائلته، وبحسب المنظمة السابقة، فقد أصبح المصور الإسرائيلي روي إيدان وابنته البالغة من العمر ثلاث سنوات رهائن عند حماس التي سبق وأن أفرجت عن عدد من المحتجزين، كبادرة طيبة لتحسين الصورة الإعلامية المضللة التي تبنتها وسائل الإعلام والصحافة الغربية، متهمةً حماس بقطع رؤوس الأطفال وممارسة الإرهاب بحق الرهائن، وهذا ما تم دحضه لاحقًا.

أما من ناحية الجيش الاسرائيلي فقد اعتقل المصور الفلسطيني نضال الوليد، في سلوك ليس بغريب على الاحتلال الذي درج على ذلك منذ زمن بعيد.

أدان كريستوف ديلوار الأمين العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" هذه الأحداث المأساوية، حيث لم يتم التأكيد مما إذا كان جميع الصحفيين قد لقوا حتفهم أثناء العمل.

ورغم تلك الإدانات الخجولة فقد بات واضحًا وجليًا أن الانحياز الغربي الوقح لصالح الكيان صحفيًا وإعلاميًا قد ضرب عرض الحائط بأبسط القواعد المهنية للصحافة الحرة والنزيهة.

تشدد منظمة حماية الصحافة، على أن الصحفيين هم مدنيون يقومون بعمل مهم في أوقات الأزمات، ويجب ألا يكونوا هدفًا للصراع، وفقًا لشريف منصور، المدير التنفيذي للمنظمة في المنطقة، غير أن حال الواقع يقول شيئًا مختلفًا.

وربما لا يصف هذه الوحشية الاسرائيلية التي لا تميز مدنيًا أو صحفيًا أي كلام، كالكلام الذي قاله المراسل المفجوع بابنه وابنته وزوجته نتيجة استهدافهم، وائل الدحدوح: "عم ينتقموا منا بأولادنا، معليش".

تمتلك منظمة حماية الصحافة معلومات غير مؤكدة عن مزيد من جرائم القتل والاختفاءات والاعتقالات والإصابات والتهديدات الموجهة ضد الصحفيين، بالإضافة إلى تلف منازل وأماكن عمل الصحفيين في فلسطين وإسرائيل ولبنان. وبحسب منصور، سوف يتم التحقيق بها في جميع الحالات.

يعمل الصحفيون في قطاع غزة في ظروف خطيرة للغاية، بينما تواصل إسرائيل غاراتها الجوية، وتم قطع خطوط الاتصالات وتعطيل الكهرباء بشكل دوري ممنهج، وهناك نقص حاد في المياه والوقود، مع البدء بشن الهجوم البري من قبل إسرائيل.

معظم الصحفيين الذين قتلوا كانوا يعملون لوسائل إخبارية فلسطينية أو عربية، الاستثناء الوحيد كان المصور اللبناني لوكالة رويترز عصام عبد الله، الذي استشهد عند الحدود اللبنانية بصاروخ أطلق من الجانب الإسرائيلي، وذلك بحسب شهود عيان لوكالة رويترز.

من الجدير بالذكر أن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2222 يؤكد أن الصحفيين الذين يقومون بتغطية النزاعات وغيرهم من المحترفين في المجال، يجب أن يُعاملوا ويتم حمايتهم كمدنيين.

الحرب ما زالت في أوجها، والخسائر لم تكشف عن نفسها وهولها بعد، وفي ظل كل هذا التزييف الإخباري والانحياز العالمي غير العادل لرواية الكيان الصهيوني وفشل الأمم المتحدة في تطبيق وفرض قرارها الأخير الذي وافق الأعضاء بأغلبيتهم على وقف النار وفرض هدنة وفتح مجال الإغاثة للمدنيين، لا يسعنا سوى الشجب المستمر والإدانة، والتذكير بأن الكلمة سلاح فعال في المعارك، ولولا أنها كذلك لما تم استهداف الصحافة والصحفيين.