07-ديسمبر-2017

اتفاق دولي على استهجان القرار الأحادي من ترامب (سبنسر بلات/Getty)

تتسارع التداعيات الدولية عقب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، حيث ينتظر أن يتجه الوضع إلى مزيد من التصعيد ، وكان ترامب قد أمر، أمس الأربعاء، خلال خطاب ألقاه في البيت الأبيض، بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، القرار الذي وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "باليوم التاريخي".

أكد الإعلام العالمي وردود الفعل الدولية، إزاء قرار ترامب نقل السفارة الأمريكية للقدس، تصاعد الغضب الشعبي العربي ضد الولايات المتحدة وهو ما قد ينعكس بالضرر أمنيًا

فيما اعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخطوة الأمريكية بأنها "لن تغير من واقع المدينة"، مؤكدًا أن "القدس هي عاصمة دولة فلسطين الأبدية"، أما الفصائل الفلسطينية المختلفة فقد دعت إلى "أيام غضب شعبي" محذرة من الإقدام على المساس بالقدس.

اقرأ/ي أيضًا: على خلفية توظيف ترامب للقدس في أزماته الداخلية.. غضب شعبي وانتقادات للأنظمة

ردود دولية غاضبة مجملها من أحادية قرار ترامب

وخلف قرار دونالد ترامب ردود فعل عربية وعالمية واسعة، يتقدمها تصريح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس، الذي أكد أنه "لا بديل عن حل الدولتين". وأضاف "لقد عارضت دائماً الإجراءات الانفرادية التي يمكن أن تعرض عملية السلام للخطر".

هذا وطلبت كل من فرنسا وبريطانيا وإيطاليا والسويد ومصر وبوليفيا والسنغال وأوروغواي عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، كما يرتقب عقد مجلس جامعة الدول العربية، يوم السبت المقبل بالقاهرة، اجتماعًا طارئًا بشأن التحركات العربية الواجبة إزاء هذا التغير المفاجئ في الموقف الأمريكي، الذي يمس بالعاصمة الفلسطينية العريقة.

وفي هذا السياق، استدعى المغرب القائم بالأعمال الأمريكي للإعراب عن "القلق العميق" بشأن قرار واشنطن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبعث الملك محمد السادس، بصفته رئيس لجنة القدس، رسالة إلى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، يقول فيها إن "المساس بالوضع القانوني والتاريخي المتعارف عليه للقدس، ينطوي على خطر الزج بالقضية في متاهات الصراعات الدينية والعقائدية، والمس بالجهود الدولية الهادفة لخلق أجواء ملائمة لاستئناف مفاوضات السلام".

أيضًا نددت الحكومة الأردنية، وهي الوصية على الأماكن المقدسة الإسلامية في القدس، بالخطوة الأمريكية، واعتبرتها "انتهاكًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة". مردفة أن القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة يؤكد "ضرورة تحديد مركز القدس من خلال المفاوضات، ويعتبر أن جميع التدابير الانفرادية الرامية إلى فرض حقائق جديدة على أرض الواقع لاغية وباطلة".

ورفضت كل من قطر وتركيا قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووصفوه بأنه "غير مبرر وغير مسؤول"، مؤكدين مخالفته للشرعية الدولية، بينما قالت وزارة الخارجية الايرانية في بيان لها حسبما نقلت وكالة رويترز، إن هذا القرار يعد "استفزازًا وقرارًا لا معنى له من جانب الولايات المتحدة، من شأنه أن يثير انتفاضة جديدة ويدفع الى المزيد من السلوك الراديكالي والمزيد من الغضب والعنف".

اقرأ/ي أيضًا: القدس...أرملة عروبتكم

الصحف العالمية تغطي القرار بكثافة

وتناولت الصحف العالمية قرار الرئيس الأمريكي بكثير من الاهتمام، جريدة نيويورك تايمز رصدت التناقض الواضح في سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القضية الفلسطينية، حيث عنونت على صدر صفحتها الأولى، "ترامب يدعو إلى خطوة نحو خطة السلام، لكنه يضع الشرق الأوسط على حافة الأزمة"، مؤكدة أن إحراق العلم الأمريكي وصور رئيسها في شوارع غزة مقدمة للغضب الشعبي تجاه اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل حسب دونالد ترامب، ووصفت الصحيفة  قرار ترامب بأنه "سياسي، وليس دبلوماسيًا"، معتبرة أن "وضع القدس كان دائمًا ضرورة سياسية أكثر من معضلة دبلوماسية بالنسبة لدونالد ترامب، وهو ما قد يهدم مبادرة السلام لحل القضية الفلسطينية مبكرًا".

اعتبرت نيويورك تايمز أن قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية للقدس سياسي وليس دبلوماسيًا وقد يساهم في هدم مبادرة السلام لحل القضية الفلسطينية مبكرًا

في حين احتفلت الصحيفة الإسرائيلية "هآرتس" بقرار ترامب ونقلت ما أسمتها "أجواء الفرحة في الشارع الإسرائيلي"، وقللت من حجم التداعيات المترتبة عقب هذا القرار، معتبرة أن "توقعات الفلسطينيين الذين يعيشون في القدس منخفضة جدًا بحيث لا شيء يمكن أن يصدمهم فيما يخص القرارات الدبلوماسية"، وأضافت أن "اعتراف ترامب بالقدس عاصمة إسرائيل هو قرار أكثر شجاعة من سابقيه، يستحق أن تغامر إسرائيل من أجله بكل العواقب المترتبة عنه".

أما صحيفة "الغارديان" البريطانية فقد نشرت مقالًا لرشيد خالدي، بروفيسور الدراسات العربية في جامعة كولومبيا، يقول إن "خطوة ترامب الأخيرة خطأ وكارثة للعالم العربي والولايات المتحدة أيضًا، سوف تكون له عدة تداعيات سلبية" مؤكدًا أن هذا الفشل الدبلوماسي الأخير هو مثال آخر للإدارة الأمريكية "تظهر من خلاله ازدراء تامًا لآراء بقية العالم"، حيث لا يعترف بلد واحد بالقدس عاصمة لإسرائيل.

ونقلت صحيفة "لوموند" عن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون رفضه قرار الاعتراف الأمريكي بالقدس كعاصمة لإسرائيل، قائلاً إن "وضع القدس هو مسألة تهم المخاوف الأمنية للمجتمع الدولي بأسره، وينبغي تحديد وضع القدس من قبل الإسرائيليين والفلسطينيين في إطار المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة". داعيًا إلى الهدوء والمسؤولية وتشجيع الحوار بدل العنف في الوقت الراهن.

وذكرت الصحيفة الفرنسية أيضًا أن كلًا من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لا تؤيدان قرار دونالد ترامب، فيما أعربت رئيس الدبلوماسية الأوروبية، فيديريكا موغريني، في بيان لها، عن "قلق الاتحاد الأوروبي الشديد اتجاه الخطوة الأمريكية والأثر الذي يمكن أن تخلفه على مسار السلام"، وقال رئيس الوزراء الإيطالي، باولو جينتيلوني، أيضًا في هذا الشأن إن "مستقبل القدس، المدينة المقدسة الفريدة من نوعها في العالم يجب أن لا يحدد بفردية".

 

اقرأ/ي أيضًا:

تقدير موقف: أين سيتجه ترامب بالقضية الفلسطينية؟

المقاومة الفلسطينية واستغلال الحكومات العربية