18-ديسمبر-2020

ترجيحات متباينة بشأن خليفة خامنئي (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

أثارت تغريدات الصحفي الإيراني المعارض محمد مجيد أحواز المرتبطة بتدهور الحالة الصحية للزعيم الإيراني الأعلى أية الله علي خامنئي (81 عامًا) التساؤلات مجددًا بخصوص خليفته في المنصب الأعلى داخل إيران، وأعادت التكهنات المرتبطة بما يمكن أن ينشب من خلافات بين القادة الدينيين الإيرانيين والحرس الثوري الإيراني لاختيار خلفية خامنئي الذي يحكم إيران بقبضة من حديد.

أثارت تغريدات الصحفي الإيراني المعارض محمد مجيد أحواز المرتبطة بتدهور الحالة الصحية للزعيم الإيراني الأعلى التساؤلات مجددًا بخصوص خليفته في المنصب

تغريدات أحواز التي نقلتها لأول مرة صحيفة نيوزويك الأمريكية الأسبوع الماضي، مما عرضها لانتقادات لعدم تأكدها من المعلومة، أشارت إلى أن خامنئي ألغى اجتماعًا كان من المفترض أن يجمعه بالرئيس الإيراني حسن روحاني "بسبب تدهور الوضع الصحي" للزعيم الإيراني، مضيفًا بأن أسباب ذلك غير واضحة إن كانت ناجمة عن "مرضه بسرطان البروستات أو بمرض آخر"، وتابع لافتًا إلى أن تدهور الحالة الصحية لخامنئي استدعى من كبار الأطباء نقله إلى مستشقى مسيح دانشوري في طهران.

وردّت وسائل الإعلام الإيرانية على التغريدات بعد أيام من نشرها مؤكدة أن الزعيم الإيراني "بصحة جيدة"، فيما غرد العضو في مكتب الزعيم الإيراني مهدي فضائلي عبر تويتر نافيًا الشائعات المرتبطة بخامنئي بقوله إن الأخير "يقوم بتنفيذ خططه وفقا للجدول العادي"، فيما وصفت وكالة تسنيم الإيرانية المعلومات المتداولة بأنها "معلومة مضللة" نشرها حساب "يعود لمنشق (ناطق بالعربية) مقره لندن"، في إشارة لتغريدات أحواز.

اقرأ/ي أيضًا: المتشددون يسيطرون على البرلمان الإيراني.. هل بدأ التحضير لاختيار خليفة خامنئي؟

وتأتي التقارير المرتبطة بتدهور الحالة الصحية للزعيم الإيراني، في وقت تواجه فيه إيران حزمة من العقوبات الأمريكية وصفت بالأقسى في تاريخها المعاصر، فضلًا عن الضربة التي تلقتها مؤخرًا باغتيال المسؤول عن تطوير ترسانتها النووية، العالم محسن فخري زادة، مما زاد من حدة التوترات في المنطقة على خلفية إلقاء المسؤولين الإيرانيين باللوم على إسرائيل في اغتيال فخري زادة، وتحذيرات الحرس الثوري الإيراني من "الانتقام والعقاب الشديد".

لكن كيف يختار الإيرانيون زعيمهم الأعلى؟

تشير غالبية التقارير إلى أن الحرس الثوري، صاحب النفوذ الأوسع بدعم من خامنئي، يواجه في المرحلة الراهنة انقسامًا سياسيًا، في ظل محاولاته تعزيز أهدافه مستغلًا المشهد السياسي القابل للتغيير، خاصة بعد تلقيه ضربة كبيرة بعدما استهدفت الولايات المتحدة موكب قائد فيلق القدس قاسم سليماني بهجمات صاروخية، أثناء زيارة للعراق مطلع العام الجاري.

وعادةً ما يجري اختيار الزعيم الأعلى في إيران من قبل مجلس الخبراء المكون من 88 شخصية دينية يقوم الإيرانيون بانتخابهم كل ثمانية أعوام، ووفقًا لتقرير من إعداد رنا رحيم بور نشر في الموقع الإلكتروني لشبكة بي بي سي فإن مرشحي المجلس يجب أن يحظو بموافقة مجلس صيانة الدستور قبل ترشحهم لهذا المنصب، على أن أعضاء مجلس صيانة الدستور يتم اختيارهم بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل الزعيم الأعلى، مما يعني امتداد نفوذ خامنئي على كلا الهيئتين.

وتضيف رحيم بور في تقريرها لافتة إلى عمل خامنئي خلال العقود الثلاث الماضية على ضمان انتخاب المحافظين في المجلس الذين سيتبعون توجيهاته بشأن اختيار خليفته، وبالنظر للدستور الإيراني فإن خامنئي الذي يعرف بين الإيرانيين باسم "المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية" عندما اختير لهذا المنصب لم يكن يتمتع بمرتبة "آيات الله"، وهي المرتبة اللازم الوصول إليها قبل اختياره من المجلس، لكن تغييرًا في القوانين سمح له بذلك، لذا ليس مستبعدًا تغيير القوانين مرةً أخرى عند اختيار الزعيم الجديد للبلاد.

وكان عضو مجلس الخبراء ورجل الدين البارز محسن أراكي قد أكد في مقابلة مع وكالة أنباء فارس الإيرانية العام الماضي، أن لجنة من ثلاثة أعضاء لديها قائمة سرية بعدد من المرشحين المحتملين لخلافة خامنئي، ستعمل على اختيار الزعيم الجديد للبلاد في حال اقتضت الحاجة إلى ذلك فجأة، لكن رحيم بور شككت في تصريحات أراكي بوصفها "شائعات"، موضحة أنه "لا أحد يعرف من هم المدرجون فيها (القائمة) كما لم يدع أحد أنه يعلم بها".

الأسماء المرشحة لخلافة خامنئي

بحسب عديد التقارير التي نشرت خلال الأشهر الماضي والتي تتكهن بهوية الزعيم الجديد لإيران، فإن من الأسماء المرشحة لهذا المنصب مجتبى خامنئي، نجل الزعيم الإيراني الحالي، إضافة لرئيس مجلس القضاء إبراهيم رئيسي، ووفقًا لرحيم بور فإنه في حال صحة الشائعات المرتبطة باختيار رئيسي، فإن لذلك بعض الأهمية، نظرًا لما يمثله من موقف إيران المتشدد في السياسة الخارجية مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

  • مجتبى خامنئي.. حارس الزعيم الأعلى
Why The US Sanctioned Khamenei's Son
مجتبى خامنئي على اليمين مع وحيد حقانيان، نائب مكتب الشؤون الخاصة للمرشد الأعلى (وكالة تسنيم)

على الرغم من تردد اسم مجتبى خامنئي خلال حرب الخليج الأولى (1980 – 1988)، فإنه اسمه برز بشكل لافت بعد عملية القمع العنيفة التي تعرضت لها الثورة الخضراء الإيرانية في عام 2009، واستمرت لشهور وسط مزاعم بتزوير الانتخابات الرئاسية التي أفضت لفوز الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد على حساب مرشح المعارضة مير حسين موسوي، ويُتهم مجتبى بأن له دور كبير في حملة القمع العنيفة التي استهدفت الاحتجاجات حينها، وأسفرت عن سقوط مئات الضحايا، مع توثيق اعتقال السلطات الإيرانية للآلاف، فضلًا عن وضعها زعماء المعارضة الإصلاحية قيد الإقامة الجبرية.

وكانت صحيفة الغارديان البريطانية قد أطلقت على مجتبى لقب "حارس المرشد الأعلى لإيران" بعدما أصبح المسؤول عن حراسة مجمع بيت الرحبري، المعروف بمنزل الزعيم الأعلى في البلاد، مشيرةً إلى أنه عادة ما يُنظر إلى مجتبى على أنه أكثر تشددًا من والده، لما يُعرف عنه من مواقف متشددة في العديد من القضايا المرتبطة بالسياسات الإيرانية مع الغرب، وفي مقدمتها السياسة العدائية مع الولايات المتحدة.

وبحسب ما يشير تقارير فإن مجتبى من الممكن أن يحظى بموافقة الحرس الثوري، لكنه قد لا يحظى بموافقة مجلس الخبراء أو صيانة الدستور، التي تضم في عضويتها شخصيات دينية بارزة تتمتع بمرتبة "آيات الله"، وهي المرتبة التي لا يحظى بها مجتبى بسبب قلة خبرته.

  • إبراهيم رئيسي.. المرشح الأول لمنصب الزعيم الأعلى
Ebrahim Raisi: The cleric who could end Iranian hopes for change | Middle  East News | Al Jazeera
إبراهيم رئيسي أحد المرشحين البارزين لخلافة خامنئي (رويترز)

لا تختلف النظرة إلى رئيسي عن مجتبى من ناحية الموقف العدائي اتجاه الولايات المتحدة وإسرائيل، لكن التوقعات تشير إلى أن اختياره في منصب الزعيم الأعلى للبلاد سيكون له تداعيات كبيرة في المنطقة، وبحسب ما ينقل جيريمي بوب عن الخبير الإيراني راز زيمت فإن رئيسي منذ تعيينه رئيسًا للسلطة القضائية في آذار/مارس العام الماضي، عمل على إحداث تغييرات في النظام القانوني، وزاد من ظهوره الإعلام لتحسين صورته، كما سجل ارتفاعًا كبيرًا في تنفيذ أحكام الإعدام.

وعلى الرغم من خسارة رئيسي للانتخابات الرئاسية الإيرانية أمام الرئيس الحالي حسن روحاني في عام 2017، فإن خامنئي – وفقًا لزيمت– غير مهتم بهذه الخسارة، ويريد لرئيسي أن يكون "خلفًا له أو الاستمرار في ترقيته بصفته شخصية قيادية"، ويضيف إلى ذلك قائلًا إن "قرب رئيسي من المرشد الأعلى، وخبرته في السلطة القضائية، ومدة عمله رئيسًا لمؤسسة آستان قدس رضوي (العتبة الرضوية المُقدسة) وضريح الإمام الرضا في مدينة مشهد، ومواقفه المتشددة، إلى جانب جهوده المتزايدة لتحسين مكانته العامة، تجعله المرشح الرئيسي في هذه المرحلة من معركة الخلافة".

  • أسماء أخرى
تبقى فرص روحاني محدودة ومعقدة مع تراجع نفوذ الإصلاحيين (Getty)

كان تقرير من إعداد جنيف عبده نشر في موقع ناشيونال إنترست الأمريكي قبل عامين، قد قلل من التوقعات التي تحدثت عن تولي الحرس الثوري الحكم في إيران بعد وفاة خامنئي، وذلك لسبب انتهاك الحرس الثوري للدستور في حال حدوث ذلك، إضافةً إلى أنه ليس من مصلحة الحرس الثوري أن يحكم إيران، بقدر ما أن مصلحته تصب في خانة تعيين زعيم بدعمه أيديولوجيًا وعسكريًا واقتصاديًا.

فيما يستبعد جيريمي بوبلا حدوث مفاجآت عند اختيار الزعيم الجديد لإيران، عبر اختيار القادة الدينيين إحدى الشخصيات التي يطلقون عليها لقب "الحصان الأسود"، وهم من الشخصيات التي تحظى بمرتبة "آيات الله" أو شخصية من الحرس الثوري، لذلك يبقى السؤال يدور في إطار إذا ما كانت الشخصيات الدينية ستبقى تحكم في إيران؟ أم أن الحرس الثوري هو من سيحكم عبر انقلاب على الدستور الإيراني؟

كما أنه من بين الأسماء الأخرى المرشحة لتولي منصب الزعيم الجديد للبلاد، يبرز اسم الرئيس الإصلاحي حسن روحاني، والرئيس السابق لمجلس القضاة صادق لاريجاني، وعلى الرغم من أنهما لا يحظيان بالدعم الكافي من الشخصيات الدينية المتشددة داخل إيران، وبالأخص روحاني، الذي فقد سيطرة الإصلاحيين على البرلمان بعدما منع مجلس صيانة الدستور مئات المرشحين الإصلاحيين، من ضمنهم 80 بالمائة من نواب المجلس السابق، مما جعل المتشددين يسيطرون على البرلمان الحالي.

تأتي التقارير المرتبطة بتدهور الحالة الصحية للزعيم الإيراني، في وقت تواجه فيه إيران حزمة من العقوبات الأمريكية وصفت بالأقسى في تاريخها المعاصر

ويُنظر إلى روحاني من قبل التيار المتشدد على أنه أكثر انفتاحًا من مجتبى ورئيسي في قضية التعاون مع الغرب، والتي تأثرت بشكل سلبي بإعلان إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحابها الأحادي من الاتفاق النووي الإيراني، ما تسبب بتعرض سياسته الخارجية لموجة من انتقادات المتشددين، لكن صورة روحاني قد تتحسن إذا ما تمكن من إبرام صفقة جديدة مع الإدارة الأمريكية القادمة، ما يمنحه فرصة لإمكانية تولى المنصب.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

انتخابات شكلية في إيران.. خامنئي هو الناخب الوحيد