06-مايو-2017

مشهد احتفالات طلاب لبنان بنهاية العام الدراسي (موقع الليدي كوين)

يوصّف المثل اللبناني المعروف "كل فرنجي برنجي" كيفية مقاربة اللبنانيين عامة لكل ما يأتي به الغرب لجهة السلوك الاستهلاكي للأفكار والسلع، العادات المكتسبة "عن بعد"، التقاليد المقلَّدة، والقيم التي لا تُقيم بالضرورة اعتباراً للموروث الاجتماعي والثقافي المحلي. فإذا ما أخذنا التفسير المتناقل للتعبير الشائع أعلاه، نرى أنه يختصر تعابير الدهشة والانفعال والتفاعل والذي يصل إلى حدّ الانقياد التام أمام ما هو "أجنبي"، أي غريب عن البيئة اللبنانية وكل ما هو سائد فيها.

ظاهرة المواكب السيارة التي تنطلق بصخب في الشوارع احتفاءً بانتهاء مرحلة الدراسة الثانوية تنتشر بكثرة في لبنان

وعملًا بظاهر المثل ومضمونه، فإن أكثر من ينبهر بالعادات الغربية وسلوكياتها هم المراهقون في لبنان. وقد ساعدت محركات البحث الإلكترونية في السابق و"فورة" وسائل التواصل الاجتماعي في الوقت الراهن في اكتشافهم لسلوكيات غريبة عنهم والسعي إلى تقليدها، ما يعني المساهمة في تكريسها عبر الممارسة والمواظبة عليها كعرف طارئ لا يلبث أن يتحوّل إلى عادة محليّة دون أن يعني ذلك استساغتها من قبل الجميع.

اقرأ/ي أيضًا:  تلاميذ "بكالوريا تونس".. بين صدام وإيلان والنازية

إحدى السلوكيات "الفرنجية" التي تلمّست طريقها في الأعوام الأخيرة إلى طقوس عدد كبير من المراهقين اللبنانيين الاحتفالية حتى تحوّلت بالتكرار إلى ظاهرة تُعاد مشهديتها في هذا الوقت من كل سنة وبمناسبة انتهاء العام الدراسي، تتمثل بظهور عدد من المواكب السيارة التي تنطلق بصخب في الشوارع والطرقات احتفاءً بانتهاء مرحلة الدراسة الثانوية مع توقف الدروس في صفوفها على بعد أيام من الامتحانات الرسمية، التي تفرز، بعد ما يقرب الشهر أو أكثر، الناجحين فيها إلى الكليات والمعاهد الجامعية بمختلف اختصاصاتها.

تقتضي الاحتفالات بنهاية العام الدراسي في لبنان مظاهر بذخ مبالغ فيها مع أعمال متهوّرة تهدد السلامة

وتترافق غالباً مشهدية الموكب "الهائج" الذي يقود قافلة سياراته طلاب لا يحملون في المجمل رخص قيادة، مع أعمال متهوّرة كجلوس المحتفلين على أسقف السيارات وخروجهم من نوافذها وإطلاق الأبواق المزعجة والصراخ في الملأ وترداد الأغنيات الحماسية في أجواء من الفرح و"الجنون"، الأمر الذي يَعجب له المارّة في الشوارع وينزعج منه سكان الأحياء التي يدخلها الموكب ليعود ويخرج منها بعد تلقيه سيلًا من السباب والشتائم.. فيما تبقى سلامة المحتفلين على المحك حتى وصولهم سالمين إلى منازل ذويهم.

المدارس التي يشجع بعضها هذه الاحتفالات من خلال مشاركة أساتذتها الطلاب في حلقات الرقص والدبكة، "تبرئ ذمتها" من أي مكروه قد يصيبهم عبر التشديد والحرص على ضرورة المتابعة الأمنية للموكب وحضور إحدى سيارات الإسعاف لمواجهة أي طارئ. بينما تنتقد مدارس أخرى مثل هذه "التظاهرات" نظراً لما يكتنفها من خطورة ولما تتسببه من إزعاج فضلاً عما تتطلبه من نفقات يتكبدها الأهل.. والأهم في "منطقها" أن انتهاء العام الدراسي لا يعني النجاح ووحده الامتحان الرسمي هو الفيصل وعنده يكرم التلميذ أو يُهان.     

الاحتفالية لم تنتهِ هنا، فكثيرة هي المواكب التي تختتم مسيرتها عند أحد المطاعم الفخمة، ما يعني تكاليف مضاعفة ليس على الحفلة وما تتضمنه من مأكولات ومشروبات فحسب، بل على بدلات الشبان وفساتين الشابات ومتطلبات زينتهن والتي بحكم "المنافسة" تبلغ تكاليفها مرة أخرى آلاف الدولارات.

اقرأ/ي أيضًا:

لماذا سرّب "حزب الله" صور عرضه العسكري في القصير؟

طلاب لبنان في معرض الكتاب: كتب و"كزدرة" وغرام