21-فبراير-2018

غلاف الكتاب

يُعتبر أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحرّاني، ابن تيمية، من الشخصيّات الفاعلة والمؤثّرة في الفكر العربيّ الإسلاميّ، نظرًا لمؤلّفاته وفتاويه التي أثارت جدلًا واسعًا، وكميّة الكتب والدراسات التي تناولتها نقدًا وتأييدًا. المُلفت هنا أنّ الحديث عن ابن تيمية لا يدور في نطاقيه العربيّ والإسلاميّ، بل انتقل أيضًا إلى الغرب الذي شرعَ في دراسته ومؤلّفاته فكريًا وسياسيًا وتاريخيًا.

يعدّ "ابن تيمية وعصره" من أبرز الكتب التي تناولت ابن تيمية في الأكاديمية الغربيّة

يعدّ كتاب "ابن تيمية وعصره" الذي صدر للمرّة الأولى سنة 2010 عن (مطبعة جامعة أوكسفورد)، ونقله محمد بو عبد الله إلى العربيّة ليصدر حديثًا عن "الشبكة العربيّة للأبحاث والنشر"، بتحرير يوسف روبوبورت وشهاب أحمد؛ من أبرز الكتب التي تناولت ابن تيمية في الأكاديمية الغربيّة، لتنوّع الباحثين المساهمين فيه، والمختّصين في دراسة الفقه الإسلاميّ والعقيدة الإسلاميّة والتاريخ الفكريّ الإسلاميّ وسواها.

اقرأ/ي أيضًا: كتاب "الشرطة في مصر"..من أمن الرعية إلى أمن الحاكم

يضمّ الكتاب اثني عشر بحثًا جاءت كردودٍ الآخرين ممن تناولوا ابن تيمية في أبحاثهم ودراساتهم، ولا سيما في المجال العقدي، حيث ركّزت تلك الأبحاث على مدى أهميّة ومركزيّة العقل في التفكير العقدي والفقهي لابن تيمية. بالإضافة إلى محاولات تلك الأبحاث معالجة البحوث معالجة مفهوم معنى "السلفية" عندهُ. وتُبرز هذه الأبحاث ابن تيمية كمفكر براغماتي متسامح، مخالفةً الصورة النمطيّة والسائدة عنه أيضًا، إن كان ذلك في فتاويه العقدية أو الفقهية.

عالج الكتاب أيضًا مسألة تأثير ابن تيمية في محيطه، إن كان ذلك على المستوى الحنبلي، مذهبه، أو على مستوى المذاهب الثلاث الأخرى، راصدًا من خلال بحوثه مدى حقيقة تأثيره، لا سيما بعد وفاته وحتّى بداية حركات الإصلاح في العالم الإسلاميّ، وذلك من خلال رصدها، جغرافيًا ومذهبيًا، لهذا الحضور على امتداد العالم الإسلاميّ.

يقول المترجم المغربيّ محمد بو عبد الله إنّ ما دفعه لترجمة الكتاب هو إتاحة محتوياته للقارئ العربيّ، حتى يكون على بينة مما وصلت إليه الدراسات الغربية حو فكر ابن تيمية.

ابن تيمية من أكثر المفكرين المسلمين الذين يشغلون الناس الآن، بمختلف طبقاتهم وتوجهاتهم.

وفي حديثه لـ "ألترا صوت"، يضيف محمد بو عبد الله: "أظنّ أنّ الحديث عن ابن تيمية حديث لا يتوقف، وإذا توقف لفترة فإنّه سرعان ما يعود للظهور مرة أخرى. ولا نبالغ حين نقول إنه من أكثر المفكرين المسلمين الذين يشغلون الناس الآن، بمختلف طبقاتهم وتوجهاتهم. لكنّ الإشكال في هذه الدراسات، أنها متحيزة، فهي إما مناصرة لابن تيمية ومؤيدة له في كل ما يراه، وإما أنها معادية له ولا ترى في فكره شيئا ذا بال، بل منهم من يجنح حتى إلى تكفيره. أما الذي يقرأ ابن تيمية بحيادية وموضوعية فقليلون جدًا بين أكاديميينا ومفكرينا".

اقرأ/ي أيضًا: محمد أبو رمان.. سيرة مختصرة للسلفية الأردنية

يعتقد محمد بو عبد الله أنّ مثل هذه الدراسات التي تأتي من باحثين غربيين مهتمين بالدراسات التيميّة، ربما تفتح لنا نافذة على قراءة محايدة نوعا ما بعيدة عن التعصب والأيديولوجيا. لأن هؤلاء الباحثين –على الأقل- يكتبون عن ابن تيمية وهم خارج دائرة الصراع اليومية التي يعيشها الباحث العربي والمسلم، والذي يكون من الصعب عليه كثيرًا أن يكتب عن ابن تيمية متجردًا من هذه السياقات الجدلية التي يحياها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بحثًا عن جذور الجهاد في الغرب

طرابيشي في عباءة سلفية