07-أغسطس-2017

مقابر المماليك في القاهرة

إذا ذكرنا سيرة الشرطة المصرية، يتلازم معها بالضرورة ذكر القمع والتعذيب والرشوة والمحسوبية والفساد المؤسسي، وتظل تلك الكلمات مجرد رمال هائمة في صحراء واسعة إذا لم نستدل عليها بشكل محدد ونؤسس لها بالشكل اللازم ونعرف جذور الأزمة ومنبتها، نحاول في هذا الموضوع استعراض بداية الشرطة بشكلها المؤسسي في مصر منذ صدر الإسلام حتى عصر المماليك، ونقارن بين الأوضاع الحالية والأوضاع في حينها، وبين مسؤوليات الشرطة المتغيرة عبر التاريخ، ذلك بالاستعانة بكتاب "الشرطة في مصر: من صدر الإسلام إلى نهاية عصر المماليك" الذي صدر العام الماضي عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب"، من تأليف أستاذ التاريخ محمد الأشقر.

إذا ذكرت كلمة الشرطة في مصر، فإنه يتلازم معها ذكر القمع والتعذيب والرشوة والمحسوبية والفساد المؤسسي

يجب الإشارة إلى المجهود الكبير الذي بذله المؤلف محمد الأشقر في جمع المعلومات بهذا الشكل المكثف، ويظهر ذلك في العدد المهول لمراجع وهوامش الكتاب التي وصل عدد أوراقها إلى عدد قريب من صفحات الدراسة نفسها! وعلى الرغم من ذلك لم يضف الكاتب جديدًا، بل يمكن تصنيفه كقارئ جيد وباحث شغوف اقتطع أجزاء عدة من مراجع كثيرة ثم أعاد لصقها من جديد، وبسبب هذه الطريقة في جمع المعلومات وقع الكاتب في خطأ السرد غير المفيد والتكرار، فنجد جملاً وأفكارًا مكررة مرات كثيرة وكأنها كُتبت فقط كي تملأ الصفحات الفارغة، هذا بالإضافة إلى خلطه الواضح بين الأمور الدينية والأمور السياسية في أصول الحكم، فنجده في مواقف يتحدث برأي شخصي مقدمًا الشكر والعرفان لرجال الشرطة لحفظهم الآداب العامة، ومعاقبتهم لشاربي الخمر أو النساء المتبرجات أو الغانيات أو لقمعهم أعمال الشغب، كما يسميها، أو حتى معارضته للشرطة، في مواطن أخرى، بإجبارها في عصر المماليك على إلزام الزاني بنسب طفله وأن هذا ليس من الدين في شيء!

اقرأ/ي أيضًا: تاريخ كلمة Close وأصلها السرياني والعربي

يظهر أيضًا في لغة محمد الأشقر تحيزه الواضح إلى الشرطة المصرية، ويظهر ذلك منذ السطور الأولى في إهداء الكتاب الذي يهديه إلى رجال الشرطة، العيون الساهرة على أمان الوطن، على الرغم من استعراض الكتاب لتاريخ أسود وتهدور مستمر لمؤسسة الشرطة منذ نشأتها، وفي هذا تعارض واضح لا أجد له مبرر، كما أن الكاتب تعمد تحريضًا واضحًا على العنف والأعمال الوحشية بدعوى حفظ الأمن واستقرار الوطن، فنجده يبرر أعمال قتل الشرطة للمواطنين المشاغبين، كما أسماهم، أو محاولات الفتن، أو تنفيذ الأحكام القضائية الوحشية كالجلد والرجم وقطع الأيادي والأرجل!

الشرطة حاليًا.. العسس سابقًا

تُعرف الشرطة في الاصطلاح على أنها الهيئة المسؤولة عن حفظ الأمن وتسيير حياة الناس وتنفيذ الأحكام القضائية والقبض على المجرمين، ويختلف المؤرخون في تحديد بداية الشرطة بشكلها المؤسسي، فالمالكي يقول إنها بدأت في عصر النبي محمد، والمقريزي ينسبها إلى بداية عصر الخلفاء الراشدين وأن أبا بكر أول من طاف بالمدينة ليلًا لحفظ الأمن، والبعض الآخر يقول "عمر هو أول من عسّ"، وهناك الحادثة الشهيرة لابن الخطاب عندما خرج ليلًا بصحبة عبد الرحمن بن عوف، واقتربوا من منزل تصدر منه أصوات عالية، فقال بن عوف: إنه منزل ربيعة بن كعب، وهم الآن يشربون الخمر، فماذا ترى؟ فقال عمر: أرى أننا قد أتينا ما نهى الله عنه، "ولا تجسسوا"، ولقد تجسسنا، ثم انصرف عنهم وتركهم، ليكون ذلك الموقف بمثابة تفرقة بين اقتحام الحياة الخاصة للبشر وشياع الفاحشة في الشوارع وهو ما سيخلط بينهم من جديد في الفترات اللاحقة.

كيف كان الشرطي في البداية؟

كان للشرطي مكانة خاصة في فترة الأمويين تحديدًا، حيث كان شريفًا ينوب عن الوالي، ويكون مساعدًا له ومسؤولا مباشرًا عن حماية المواطنين ورعاية الأمن في البلاد، وهو ما سيناله الكثير من التغييرات في العصور اللاحقة كما سنرى، ويذكر الحجاج بن يوسف الثقفي الصفات اللازمة للشرطي عندما قال "أريد رجلًا دائم العبوس، طويل الجلوس، سمين الأمانة، أعجف الخيانة، لا يخف في الحق على حره، يهون عليه سباب الأشراف في الشفاعة"، وعلى نفس الدرب يقول الخليفة مروان بن محمد الأموي في وصيته لابنه "فول شرطتك أوثق قوادك وأظهرهم نصيحة وأنفذهم بصيرة وأقواهم شكيمة وأحدثهم عفافًا وأكفأهم أمانة، وأصحهم ضميرًا وأشدهم في دين الله وحقه صلابة". ولم يختلف الأمر كثيرًا في العصر العباسي فيذكر أن أبا جعفر المنصور قال "ما أحوجني إلى أن يكون على بابي صاحب شرطة ينصف الضعيف من القوي".

وبسبب حساسية هذا المنصب وأهميته، كان يتم بتعيين الوالي نفسه، وحسب رأيي كانت هذه النقطة بالتحديد بداية المشكلة، والتأسيس للمحسوبية والفساد والولاء للحاكم بدلًا من الشعب، فكان الوالي يعين قائد الشرطة ويملك حق عزله ويختار أكثرهم طاعة وولاءً له وتنفيذًا لأوامره، وأكثرهم قدرة على قمع الانتفاضات وعلى حماية عرشه، الأمر الذي دفع بعض الولاة بتعيين أبنائهم لهذا المنصب أو أن يكونوا هم أنفسهم في منصب والي الشرطة!

الشرطة العليا والشرطة السفلى!

يذكر محمد الأشقر في كتابه عن بعض المؤرخين، أن القاهرة قُسّمت إداريًا بداية من العصر العباسي إلى قسمين يُعرفوا باسم مصر العليا ومصر السفلى، وكذلك قُسّمت الشرطة إلى شرطة عليا وشرطة سفلى، لكل منها مهام مختلفة حسب المنطقة المسؤولة عنها، واستمر الأمر حتى العصر الفاطمي، وأصبحت القاهرة مسؤولة من الشرطة العليا، والفسطاط مسؤولة من الشرطة السفلى، ويرجّح بعض المؤرخين هذا التصنيف على أنه طبقي في الأساس، حيث الشرطة العليا تنظر في أحوال الطبقة العليا من المواطنين، أما الشرطة السفلى فتنظر في أمور العامة وتهتم بحفظ الأمن وتأمين الحاكم، ويستبعد محمد الأشقر هذا الرأي ويرجح أن هذا التصنيف مجرد تصنيف جغرافي ليس أكثر.

بمرور الزمن بدأت الشرطة كأي وظيفة أخرى في التطور والتوسع وإدخال المزيد من المهام، فأصبح لوالي الشرطة نائبًا يساعده المهام ويستشيره، كذلك وجد ما يُسمون بالخفراء، وأسندت إليهم مهام السعي ليلًا في الشوارع لحراسة البيوت ومطاردة اللصوص وقطاع الطرق، ووجد الجلادون، وتستشف وظيفتهم من لقبهم، ووجد أيضًا ما أطلق عليهم "المشاعلية"، وهم فئة تطوف في الشوارع ليلاً يحملون المشاعل، ويحذرون الناس بأصواتهم من الخروج من المنازل، كما أسند إليهم مهمة تنفيذ الإعدام بالسيف، وكان المشاعلي يفصل رأس المحكوم عليه بالإعدام من ضربة عنق واحدة، وإذا لم تنفصل ضرب الثانية والثالثة حتى تنفصل رأسه عن جسده، ويطوف بالرأس في أرجاء المدينة ليتعظ العامة، كما استخدمت المشاعل في أمور التعذيب  في العصر المملوكي، فكان يوضع رأس المحكوم عليه داخل المشعل ويغلق بعد إيقاده!

بمرور الزمن بدأت الشرطة كأي وظيفة أخرى في التطور والتوسع وإدخال المزيد من المهام

شرطة المماليك.. ما أشبه اليوم بالبارحة!

مع العصر المملوكي في مصر، أخذت الشرطة شكلاً أكثر مؤسسية، وأسندت إليها مهام جديدة، وكان العصر المملوكي بمثابة تحول كبير إلى همجية جهاز الشرطة وتوحشه وتفشي الفساد بداخله، كما بدأ يتخذ نهج القمع الممنهج للمعارضين، وصولًا إلى قتلهم وتعذيبهم إن لزم الأمر، فكان والي الشرطة هو ثانِ رجل بالولاية وينوب عن الوالي في حالة السفر أو المرض، كما أسند إليه إمامة المسلمين في الصلاة، وكثير من الولاة تولوا قيادة الشرطة قبل ولايتهم للبلاد، وفي أحيان أخرى جمع والي الشرطي بين وظيفتي القضاء والشرطة، وهو أمر تسبب بخلافات بين القضاء والشرطة، بالإضافة لمعارضة المنطق، فأصبح الشرطي هو الخصم والحكم بدلاً أن يخضع المتهم لجهة مستقلة للبت في أمره ويتولي الشرطي تنفيذ الحكم.

اقرأ/ي أيضًا: جبران مسعود.. رحلة في تاريخ الأدب العربي

ظهور شرطة الأخلاق!

نحن الشباب في مصر نستخدم لفظ شرطة الأخلاق، للسخرية من الأفعال غير المنطقية التي تقوم بها الداخلية المصرية في مراقبة البشر، وحياتهم الخاصة والتدخل في خصوصياتهم حتى داخل منازلهم ومراقبتهم للمعارضين وفضحهم أخلاقيًا –كما يظنون- بنشر صور خاصة أو مكالمات أو غيرها من الأشياء، بالإضافة لترصد أفعال الشباب والفتيات بالشوارع، أشبه لما يسمى بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمملكة السعودية، وعلى ما يبدو أن هذا الأمر ليس مستحدثًا، وإنما ظهر بشكل جلي في العصر المملوكي، فكانت الشرطة تتدخل حتى في نوايا الناس وتعاقبهم عليها.

استمرت مهام الشرطة في التزايد لتدخل تحت طائلتها مهمة "الحسبة"، أو ما يعرف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومراقبة الناس وتنفيذ أوامر الشريعة، السؤال هنا، من يحدد أوامر الشريعة؟ والي الأمر؟ السلطان؟ ولمن تخدم الشرطة؟ إذن هناك خلل ما، هم يطبقون الشريعة التي يريدونها، أو بتعبير أفضل، هم يختلقون الشريعة التي تناسب الظرف الزمني والتي تدعم بقاء الوالي في السلطة.

كان للشرطة حسب تأريخ ابن تيمية، مهام فضفاضة واسعة المعنى مثل نشر الفضيلة والمحافظة على الأخلاق وقمع أهل الفساد ومراقبة النساء، بالإضافة للنهي عن قراءة القرآن بالألحان والقبض على المخنثين ومطاردة شاربي الخمر والإشراف على غلق الحانات وإراقة الخمر، الأمر الذي امتد للقبض على بائعين الخمر وصلبهم وقتلهم في بعض الأحيان، وتعذيبهم حتى الاعتراف على زبائنهم من المشترين والاستدلال على منازلهم وتفتيشها وإراقة الخمور والقبض عليهم.

وامتد بطش الشرطة في ذلك العصر إلى منع الاختلاط بين الجنسين في الشوارع، ومنع النساء من الخروج في ساعات الليل، ثم منعهم من الخروج بعد العصر، ثم منعهم من الخروج من المنازل مطلقًا إلا في حالات الضرورة، ويكون ذلك بعلم الوالي وبإذن مسبق، ومن يخالف ذلك يتعرض للعقاب الشديد أو القتل، وشهدت الشوارع الكثير من حالات القتل وإراقة الدماء، وتشديدًا على النساء اللواتي كن يصنعن قمصانًا واسعة لهن في نوع من الدلال، قطعوا تلك الأكمام ونكّلوا بهن، وقتلوا عددًا منهن ووضعوا لهن تماثيلاً على سور القاهرة لكي يكنّ عظة للأخريات.

كل شيء متاح من أجل حماية الحاكم

هل تظن أن ما تقوم به الأجهزة الأمنية من انتهاكات ومجازر ضد الشعوب في الدول العربية كافة هو أمر مستحدث؟ لا أظن ذلك، سنرى كيف تحولت الأجهزة الأمنية أو بالأخص جهاز الشرطة من مهمة حماية المواطنين والعمل على سلامتهم إلى مهمة تأمين الحاكم وحماية النظام من الانتفاضات الشعبية والثورات التي يسمونها في قاموسهم الأمني تخريبًا أو فتنًا أو فوضى، أصبح لجهاز الشرطة مهمة أخرى وأولوية جديدة تترأس كل المهام، وهي حماية الحاكم وزرع هيبته داخل نفوس المواطنين وقمع أي انتفاضات محتملة، ويعاقبون بتهمة "محاولة الخروج على الحاكم" وتكون العواقب وخيمة، يُذكر في عام 694 هـ / 1294 م أن والي شرطة القاهرة سنجر المسروري قبض على اثنين أثارا الفوضى وقتلهما، ويُقال عن هذا الوالي بالتحديد أنه قاسي القلب للدرجة التي تجعله يقتل جنوده الجبناء! وفي حادثة أخرى بعام 801 هـ / 1398 م سبّ رجل أعمى الحاكم، فقبض عليه والي الشرطة عيسى التركماني، وضربه حتى الموت!

كان العصر المملوكي بمثابة تحول كبير إلى همجية جهاز الشرطة وتوحشه وتفشي الفساد بداخله

ولم تقتصر وحشية الشرطة في هذا العصر على تلك الأمور الظاهرية فقط والتي يراها العامة ويرهبون بها البشر، ولكن شهدت السجون أيضًا أشكالاً من التعذيب، وكأننا نتحدث عن عصرنا الحالي بالضبط، فيذكر المقريزي أن السجون في ذاك العصر كانت ضيقة ومظلمة وموحشة وكريهة الرائحة وكثيرة الوطاويط، وكان يحل بأهلها الكثير من البلاء والأمراض، وكان أفراد الشرطة يقودون المساجين مكبلين في الشوارع، ويبدأ المساجين في الصراخ من الجوع والشحذ من المواطنين، وما يتصدق به المواطنين يأخذه السجان ويستولي عليه ولا يعطي المسجون إلا ما يكفي معدته بالكاد، ومن لم يرضوا بصدقاته أخذوا في تعذيبه والمبالغة في عقابه، حتى أنهم ابتدعوا أنواعًا جديدة من التعذيب لم تكن موجودة فيما سبق، كالتسمير وقطع اللسان وفقع الأعين وقلع الأسنان.

اقرأ/ي أيضًا: تاريخ الصراع السني الشيعي قبل الإسلام

وكتفرقة منطقية بين عقاب سادة القوم وعامة الشعب، اخترعوا عقابًا جديدًا متمثلًا في مصادرة الأموال والأملاك، ما يشبه المصالحة مع الفاسدين في عصرنا الحالي مقابل حفنة من الأموال والمنح التي تُطال رجال الشرطة، واستخدم ذلك العقاب لمن لا يرضى عنه الحاكم من الأغنياء، أشبه بضرورة موالاة رجال الأعمال للنظام الحاكم كي تستمر أعمالهم في عصرنا الحالي.

في مصر على سبيل المثال، يحتاج المواطن إلى تصريح أمني لكي يسافر إلى عدد من البلاد حتى وإن حصل على تأشيرتها بالفعل، ظهر أمر مشابه في مصر المملوكية، فكان المواطنون محرومين من حق التنقل أو السفر بدون إذن مسبق ومسجل به أعداد المسافرين والمرافقين حتى إن كانوا عبيدًا، وكان رجال الشرطة يشرفون على أبواب الدخول والخروج من القاهرة لمنع أي معتد أو لص من التسلل إلى الداخل.

ولم ينج أصحاب الدين المسيحي من هذا البطش، فأشرف جهاز الشرطة على بناء الكنائس والعمل على تجديدها، أو التصدي لبناء الكنائس وهدمها في أوقات أخرى، حسب رغبته، وكانوا يشرفون على أعياد المسيحيين، ويأمرون المسلمين بعدم الاختلاط بهم، حتى لا يضيعون عليهم بهجة العيد!

شرارة التمرد في كل العصور

تلك التغييرات العديدة التي مرت بجهاز الشرطة حتى انتهت إلى صورتها الأخيرة، والتي في ظني، استمرت حتى عصرنا الحالي، تغيرت الأدوات والأساليب واستمرت الفكرة، بقت الجملة وتغيرت التفاصيل، وأدت إلى استبداد الولاة وتوحشهم، ويُذكر في العصر المملوكي أن ولاة الشرطة أصبحوا يتغيرون بسرعة كبيرة، وقد يتقلد أحد الولاة المنصب لأكثر من مرة، كأن يُعزل ثم يُعين من جديد، ثم يُعزل ويُعين وهكذا، وأصبحت مهنة الشرطي ذات سمعة سيئة مرتبطة بالقمع والظلم والفساد والرشوة، وانتفض المواطنين للاقتصاص من ولاة الشرطي بشكل شخصي فتعرض كثير منهم للقتل، ووصل الأمر للتمثيل بجثث ولاة الشرطة بعد قتلهم، كما حدث مع الوالي أغلوا في عام 748هـ / 1345 م، حيث قامت فئة الحرافيش بإخراجه من قبره وجره بحبل من رجله ثم أحرقوا جثته!

هل تظن أن ما تقوم به الأجهزة الأمنية من انتهاكات ومجازر ضد الشعوب في الدول العربية كافة هو أمر مستحدث

اقرأ/ي أيضًا: النهب المعرفي الإسرائيلي.. تاريخ من اغتصاب المؤلفات

أصبحت الرشوة والجشع ملازمًا لتلك المهنة، وأصبحت منبعًا للفساد والظلم بدلًا من إقامة العدل وحماية المواطنين، ويؤرخ السبكي في هذا الصدد، أن بعض الولاة في القرن الثامن الهجري استحلوا هتك أعراض النساء وأسرار الناس، وأخذوا الأموال بغير حق، وتنوعوا في إيلام المتهمين، ووصل الأمر إلى تجريد الرجل من ثيابه، فإذا شرع الجلاد في ضربه قام والي الشرطة للصلاة وأطال فيها حتى يستمر الجلاد في ضرب المتهم، ويمكن ختام هذا الجزء بما جاء على لسان المؤرخ ابن تغري بردي واصفًا رجال الشرطة في ذلك العصر "ليس لهم صناعة إلا نهب البضاعة، يتقون على الضعيف، ويشرهون حتى في الرغيف، جهادهم الأخراق بالرئيس، وغزوهم في التبن والدويس".

 

اقرأ/ي أيضًا:

العنف الطائفي في مصر.. تاريخ متجدد من الاشتعال

تاريخ المقاهي الشعبية في مصر.. بأقلام الجواسيس!