14-مايو-2022
شيرين أبو عاقلة

"Getty" من وقفة احتجاجية في إسطنبول

مثلما أثارت حادثة اغتيال أبو عاقلة مشاعر حزن وغضب على مستويات عديدة عربيًا وعالميًا، فقد تفاعل أتراك مع خبر استشهادها بذات المشاعر المتضامنة والمنددة بانتهاكات الكيان الإسرائيلي وجرائمه، واستهدافه الصحفيين والمدنيين العزّل، في حالة من الحصانة التي لا تأبه لخرق كافة الأعراف والمواثيق الدولية.

جمعية الصحفيين الأتراك، اعتبرت اغتيال الصحفية الفلسطينية "جريمة ضد الإنسانية، وانتهاكًا لقرار حماية الصحفيين والمدنيين العاملين في المناطق، الصحفيون ليسوا طرفًا في الحروب أو النزاعات، وإنما يعملون من أجل حق الناس بتلقي المعلومات ومعرفة الحقيقة".

ونعت وسائل إعلام تركية أبو عاقلة، باعتبار أنها ارتقت شهيدة بنيران الاحتلال الإسرائيلي، ونقلت رواية تعمّد الأخير اغتيالها، الرواية التي ينفيها الاحتلال، ويؤكدها كل من عهد على هذا الكيان وحشيته وانتهاكاته.

بدورها، عنونت وكالة الأناضول التركية مقالًا يتحدث عمّن تكون "ابنة القدس"، بأنها آخر ضحايا العنف الإسرائيلي ورمز للمقاومة الفلسطينية أمام العالم، فيما وصفتها وسائل إعلام تركية أخرى بأنها الصحفية "المخضرمة" و"الخبيرة"، كونها بدأت العمل الميداني الصحافي منذ قرابة الـ25 عامًا، وتابعت أحداث الانتفاضة الأولى في فلسطين عام 2000، والغارات الإسرائيلية الكبيرة على جنين وطولكرم في عام 2002، وهجماتها على غزة في عمليات مختلفة، كما لفتت الانتباه لأول مرة في عام 2005 من خلال مقابلات مع سجناء فلسطينيين في سجن عسقلان الإسرائيلي.

مسؤولون ينعون الشهيدة

رغم عودة العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين البلدين كما كانت قبل توترها وانقطاعها لـ14 عامًا، إلا أن شخصيات رفيعة في حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم أكدوا على وقوفهم مع القضية الفلسطينية والتنديد بجريمة اغتيال شيرين أبو عاقلة بتصريحات شديدة اللهجة.

فقد قدم عثمان نور كاباك تبه رئيس حزب العدالة والتنمية في اسطنبول عبر تويتر، التعازي لأسرة شيرين وزملائها، قائلًا "الصحفية الفلسطينية لربع قرن والتي تعرف نفسها أنها ابنة القدس، استشهدت أثناء قيامها بواجبها، أتقدم بأحر التعازي".

من جهتها، كتبت مُشرّف برفين دورغوت نائب رئيس حزب العدالة والتنمية في إسطنبول في تغريدة لها، "الصهيونية شر مطلق، وقمع، أنا حزينة جدًا لاستشهاد مراسلة الجزيرة في القدس أحد الصحفيين المعروفين، صوت فلسطين.. على يد الجيش الاسرائيلي".

يلماز تونج مسؤول أيضًا بحزب العدالة والتنمية الحاكم، استنكر اغتيال جنود الاحتلال للصحفية أبو عاقلة، وعزّى أسرتها وزملاءها.

وعبر تويتر، قال أمر الله إشلار نائب رئيس حزب العدالة والتنمية في أنقرة، "عندما يتعلق الأمر بحرية الصحافة وحقوق الإنسان، فإن أولئك الذين لا يتركون رمادًا في الشواء، يواصلون لعب القرود الثلاثة كالمعتاد" في إشارة إلى صمت من يدّعون النزاهة عن محاسبة المجرمين، فهم لا يسمعون ولا يبصرون ولا يتكلمون، متمنيًا الرحمة للصحفية الفلسطينية.

بدوره، غرّد محمد أمين مولا أوغلو رئيس منطقة عمرانية لحزب العدالة والتنمية، عبر حسابه في تويتر، "أعزي أسرتها وزملاءها، الصحفية شيرين أبو عاقلة، التي لعبت دورًا رئيسيًا في إعلان القضية الفلسطينية للعالم، استشهدت على يد جنود الاحتلال، أثناء قيامها بواجبها".

وتحدّث مسؤولون كثر من حزب العدالة والتنمية الحاكم، من بينهم رئيس حزب العدالة والتنمية لمنطقة سلطان بيلي علي تومباش، عن وحشية جنود الاحتلال، والشرف الذي تحلّت به الصحفية الشهيدة، داعين لها الرقود بسلام.

أما محمد أشين، نائب رئيس منظمة هدى بار التابعة لحزب الدعوة الحرة فأدان اغتيال شيرين "التي أعلنت مجازر إسرائيل للعالم"، برصاصة متعمدة من قبل الاحتلال، مؤكدًا على إرهاب الكيان الصهيوني، وداعيًا المؤسسات الدولية إلى وقف هذا الإرهاب.

تضامن شعبي

تفاعل مواطنون أتراك مع حادثة اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة بكل أسف على رحيلها بنيران "الاحتلال الإرهابي" كما وصفوه، داعين الأمم المتحدة للوقوف إلى جانب الفلسطينيين ونصرتهم.

الصحفية اوزلام دوغان غرّدت عبر حسابها في تويتر، مستنكرة صمت العالم وازدواجية معاييره بالتجاوب مع الضحايا، "استشهدت شيرين أثناء تغطيتها لهجمات الجيش الاسرائيلي في جنين، بالطبع لن يهتم العالم بهذا القتل مرة أخرى لأن الصحافية ليست ذات بشرة بيضاء وعيون زرقاء"، بحسب رأيها.

فيما كتبت إحدى المغردات عبر تويتر، "إذا قال 40 شخصًا آمين للصلاة، فستتحقق هذه الصلاة، قولوا آمين، أيها الأصدقاء.. اللهم دمر إسرائيل بكل مناصريها والولايات المتحدة وأعدائها الداخليين والخارجيين"، واصفة الإسرائيليين بالغزاة الذين اغتالوا أبو عاقلة أثناء تغطيتها لهجماتهم في جنين.

من جانبه، شبّه مغردون مشهد اغتيال أبو عاقلة وبجانبها مراسلة موقع ألترا فلسطين شذا حنايشة التي فجعت بزميلتها ولم تستطع التحرك، لرصد القناص الإسرائيلي موقع شيرين، بمشهد الطفل محمد الدرة عام 2000، عندما احتمى بظهر والده الذي عاش، بينما رحل الطفل بمشهد صادم بنيران الاحتلال، وكتب مغردون "لقد نسينا كل الصور التي قلنا لن ننساها"، مرفقين صورة المشهدين.

وانتقد مظفر بشاران بدوره صمت الأمم المتحدة، قائلًا عبر تغريدة له، "عزيزي الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيوغوتيريس، إلى متى ستبقى صامتا أمام قسوة إسرائيل؟ مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة قُتلت بوحشية على يد القتَلة الغزاة".

فيما أكدت صالحة أوكور رئيس مجلس إدارة منظمة كضم، على شجاعة أبو عاقلة، التي حاولت شرح قسوة إسرائيل للعالم، مشيرة إلى أن عالم المكفوفين والصم عن القضية الفلسطينية الذي يشجع على استمرار الاضطهاد، لم ولن يتمكّن من تلاشي القضية، مع أي اضطهاد قاس".

وتجدر الإشارة إلى أن جنود الاحتلال الإسرائيلي اغتالوا الصحفية في قناة الجزيرة، شيرين أبو عاقلة صباح الأربعاء، أثناء تغطيتها اقتحام مخيم جنين، وأكدت شذا حنايشة، مراسلة الترا فلسطين، التي تواجدت مع الشهيدة، تعرضهما لوابل من الرصاص لم يتوقف حتى بعد سقوط شيرين أرضًا، إلى حد تعذر معه لبعض الوقت نقلها لتلقي العلاج، مضيفة شذا أنهما كانتا في منطقة واضحة للجنود، وجميع الزملاء كانوا يرتدون الزي الصحافي، فيما أصدرت قناة الجزيرة بيانًا حمّلت فيه المسؤولية عن مقتل الصحفية "عمدًا" للسلطات الإسرائيلية.