06-ديسمبر-2016

من إحدى المظاهرات النسوية المناهضة للعنف ضد المرأة (أنور عمرو/أ.ف.ب)

لن يزيد اجتماع لجنة الإدارة والعدل النيابية اللبنانية يوم غد الأربعاء شيئًا على "الحراك النسوي" اللبناني، إلا أن الآمال معقودة على "تمسك" بعض النواب بالمطالبة بـإلغاء المادة 522 من قانون العقوبات، التي تسقط العقوبة عن المغتصب في حال عَقد "زواجًا صحيحًا" مع ضحيته. لكن هذه الآمال لا تزال تحت مجهر الخلافات القائمة في اللجنة النيابية، التي تشهد سجالات ساخنة حول المادة وإن كان لزامًا إسقاطها أم لا.

يسمح القانون اللبناني للمغتصب بالزواج من ضحيته وإلغاء أي عقوبة في حقه

النقاش القانوني والمطلبي، يرتفع يومًا بعد يوم. خصوصًا أن بعض نواب لجنة الإدارة يطرحون تعديل المادة 522 لا إلغاءها. وهذا لوحده كفيل بزيادة الاحتجاج، حيث تطالب الجمعيات الأهلية والنسوية بالإلغاء حصرًا، بعد استشراء حالات تزويج المغتصبات من فاعلي الاغتصاب، تحت غطاء "تقليدي - ديني". ويتناسب توجه بعض النواب، مع ما تفرضه الأعراف الدينية وقوانين الأحوال الشخصية، القاضية بالسماح بتزويج القاصرات في أعمار من تسع سنوات وما فوق. وهي معايير يخضع لها النواب، وفق العقلية الدينية. ويرفضها أبرز أعضاء اللجنة النائب إيلي كيروز، الذي يقف إلى جانب مطالب المجتمع المدني.

اقرأ/ي أيضًا: مقدم "المنار": حدود المرأة مطبخها!

ويسعى المجتمع المدني إلى وضع قانون لتجريم التحرش الجنسي من أساسه ومنه التحرش في العمل والشارع والأماكن العامة وغيرها، ولا يزال القانون اللبناني يخلو من أي تعريف للعنف الجنسي بشكل عام، كما يسقط العقوبة عن المغتصِب في حال زواجه من ضحيته، برغم أن "الاغتصاب هو أسوأ أنواع العنف الجنسي"، وفق القوانين الدولية والحقوقية.

ويقود المجتمع المدني والنسوي في لبنان حملة لتنزيه القانون اللبناني من التمييز ضد النساء. ويرتكز النضال على ثلاث حملات يقودها كل من "التجمع النسائي الديمقراطي"، ومنظمة "أبعاد" و"الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة"، وتهدف إلى إلغاء المادة 522 الخاصة بالاغتصاب، وكذلك تأمين الحماية القانونية للنساء المعرضات للعنف الجنسي. وبعنوان "الأبيض لا يغطي الاغتصاب"، تتزامن حملة افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي متضامنة وداعمة للحراك القانوني المطلبي.

يرتكز النضال النسوي في لبنان على تعديل المادة 522 الخاصة بالاغتصاب وذلك بدعم من النائب إيلي كيروز

ويبرز التباين القانوني، في ما تم من تشويه لتجريم الاغتصاب الزوجي في قانون العنف الأسري حيث عُدّلت المادة الثالثة من مقترح القانون للتعاقب على الأذى الجسدي الناتج عن الاغتصاب الزوجي وليس على فعل الاغتصاب بحد ذاته، بالإضافة إلى إقرار عقوبات هي أقرب إلى الشكلية منها إلى العقابية.

أما العنف الجنسي الأهم فترتكبه قوانين الأحوال الشخصية الدينية بتواطؤ رسمي من الدولة عبر السماح بتزويج القاصرات من عمر تسع سنوات وما فوق وفقًا لطائفة القاصر. وحتى اقتراح قانون تعديل زواج القاصرات، الذي أعدته الهيئة الوطنية لشؤون المرأة وقدمه النائب غسان مخيبر، جاء ليراعي الأديان بنصه على إمكان تزويج القاصر في عمر معين بعد الحصول على موافقة قاضي الأحداث.

وعليه، وبرغم التقدم التشريعي الذي سجله لبنان إثر انفتاحه على المواثيق الدولية، ومنها تجريم البغاء في حالة الاتجار بالأشخاص والتعامل مع المرأة المُستغَلة كضحية وليس كمشارِكة في الجرم. وحيث ترجمت السلطات اللبنانية هذا المبدأ، الذي أقر مع قانون الاتجار بالأشخاص في العام 2011، للمرة الأولى خلال القبض على شبكة "شي موريس" للاتجار والتي تم استغلال 75 لاجئة سورية فيها وإرغامهن على ممارسة البغاء وعوملن قانونيًا وقضائيًا كضحايا.

ولكن ومع عدم وجود قانون خاص بالعاملات المهاجرات، لا تزال تلك الفئة عرضة للاستغلال الجنسي داخل المنازل، وهو ما أثبتته دراسات عدة تناولت أوضاعهن. ومع هذا السجال، هل يكون يوم غد يومًا منصفًا لحقوق القاصرات والبنات والمرأة اللبنانية بشكل عام، أم أن "الدفة" ستكون مرجحة للأعراف "الذكورية"؟.

اقرأ/ي أيضًا:

لبنان: لا أمومة باسم المحكمة الجعفرية

"جنسيتي حق لي ولأسرتي": أين حقوق أولادنا؟