في مراسلة له مع موقع الوطن الجزائري، الذي يصدر بالفرنسية، علق المفكر التحرري وعالم اللسانيات الأمريكي، نعوم تشومسكي، عمَّا تعرفه البلاد في الأيام الأخيرة من احتجاجات معارضة لترشح الرئيس بوتفليقة لولاية جديدة، أو ما بات يعرف بانتفاضة العهدة الخامسة.

يوضح نعوم تشومسكي، أن محاولة الرئيس بوتفليقة وشركائه تأبيد بقاء نظامهم، بفرض ذات الوجه الرئاسي، مهزلة طائشة تتبعها عواقب وخيمة

يوضح الموقع الجزائري في مستهل تقديمه للحوار، أن أول طلب لإجرائه يعود إلى شهر كانون الأول/ديسمبر من السنة الماضية، غير أن المفكر أرجأ رده لغاية الأول من هذا الشهر، فيما واكب هذا الرد تصاعد موجة الاحتجاجات الشعبية التي تعرفها بلد المليون شهيد. معبرًا عن دعمه لها، ومحللًا أصول المشكلة الجزائرية في علاقتها مع الجيوسياسة الدولية، فيما لا يوفر تشومسكي كعادته،  كل مساحات النقد المتوفرة لأطروحات الإمبريالية العالمية، خاصة بنسختها الأمريكية، موضحًا فضائحية مساعيها اليوم في أكثر من بلد.

اقرأ/ي أيضًا: 3 سيناريوهات جزائرية معلّقة بين الشارع و"الدولة العميقة"

تشومسكي مع حراك الجزائريين

مقدمًا تضامنه الخالص مع الاحتجاجات التي تعرفها الجزائر، ودعمه اللامشروط لحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره باستقلالية وحرية. هكذا يبتدئ نعوم تشومسكي خطابه للموقع المذكور، موضحًا أن هذا الشعب قد عانى طويلًا تحت جور نظام من الأنظمة الأكثر قمعًا وفسادًا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. نظام حاضن ومصدر للإرهاب، يقول ذات المتحدث، مشبهًا إياه بالولايات المتحدة الأمريكية، التي لطالما وصفها بـ"دولة للإرهاب".

كما يوضح المفكر الأمريكي المعروف، فإن محاولة الرئيس بوتفليقة وشركائه لتأبيد بقاء نظامهم، بفرض ذات الوجه الرئاسي بالرغم من قدراته الصحية المتردية، مهزلة طائشة تتبعها عواقب وخيمة. لكن ما يبعث للاطمئنان والبهجة، هو مشاهدة هذا الكم من المقاومة الشعبية التي أخذت في التصاعد على طول السنوات الماضية، محدثة دينامية نضالية من شأنها أن تحقق للجزائر، وشعبها، ما يطمح له من ازدهار اجتماعي واقتصادي ويعبر كذلك عن إعجابه الكبير بالحركة الشعبية التي يعرفها الشارع الجزائري، منذ 22 شباط/ فبراير الماضي، متمنيًا لها تحقيق كل آمالها في الحرية والعدالة والديموقراطية.

هل ما يقع حصيلة لربيع عربي محترق؟

ما هي حصيلة الربيع العربي اليوم، بعد ما عرفه من التفاف حول مطالب الشعوب الثائرة، وتأسيس لأوتوقراطيات أكثر قمعًا من سابقتها التي أطاحت بها ثورات الـ 2011؟ يطرح السؤال صحفي موقع الوطن. غير أن المفكر الأمريكي قد امتنع عن الإجابة، متحفظًا على طريقة طرح السؤال، التي لم تكن صحيحة في نظره. في حين يقول إن أمريكا سعت إلى إدارة مرحلة الربيع، بنفس الشكل الذي تدير به الحالة الفنزويلية الآن. أي عبر التدخل الأجنداتي ومحاولة حرف الحراك الشعبي والتأمر عليه ليصب في مصالحها.

اقرأ/ي أيضًا: جمعة الغضب في الجزائر.. شارع موحد أمام ارتباك النظام

نعوم تشومسكي الذي استنكر في مرات عديدة التدخل الإمبريالي الأمريكي في الشؤون الداخلية للشعوب، يحافظ على موقفه اتجاه أي تدخل في سيادة أي شعب. وقد عرج على ذكر حالة التدخل القائمة حاليًا في تقرير مصير الشعب الفنزويلي. موضحًا أن أمريكا أعلنت الحرب على الدولة البوليفارية أول ما اعتلى هوغو تشافيز سدة الحكم فيها، ولا رادع للإمبريالية الأمريكية بقدر اليقظة الشعبية.

لا خلاص من الهيمنة الإمبريالية وتدخلاتها بمصائر الشعوب إلا بالقطيعة الثورية التاريخية للإنسانية جمعاء ضد  هذا الوحش  وما يجلبه من تبعية واستبداد

من هنا يخلص المفكر نعوم تشومسكي، إلى أن الحرب الأمريكية المعلنة على فنزويلا، توضح بجلاء الكراهية الإمبريالية والإرهاب الطبقي الذي تشنه  واشنطن على الشعوب. بما يحيل إلى الفهم القائم باخذ حصيلة الربيع العربي، في باب فهمه من خلال عين الصراع المادي، حيث لا خلاص من الهيمنة الإمبريالية وتدخلاتها إلا بالقطيعة الثورية التاريخية للإنسانية جمعاء ضد وحش الإمبريالية وما يترتب عليها من تبعية واستبداد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

السلميّة سيدة موقف الجزائريين ضد عهدة خامسة لبوتفليقة

إخوان وشيوعيو الجزائر ينسحبون من "انتخابات بوتفليقة"