أَسماءٌ لَيست بالكثيرة تَركَت بصماتٍ ذَهَبيّة في عالمِ الكُرةِ الصَّفراء على مدى السنوات. الأمرُ هُنا يعودُ إلى احتكار العائِلات الغنيِّة في أوروبا وأمريكا في القرنِ الثامنَ عشر وبداياتِ القرنِ التاسع عشر لكرة المضرب، في وقتٍ كانت كرةُ القدم لعبةَ الفقراءِ الأولى حول العالم.
في أواسِط القرنِ التاسعِ عشر وصولًا إلى اليوم، دَخَلَت كرةُ المَضربِ بقوّة إلى مُختلف المُجتمعات، وانتشرت مدارسُ تدريبِ التِنِس والأكاديميَّات الرياضيّة في مُختَلَف دولِ العالم خاصةً في أوروبا وآسيا. وبدأت من وقتها عمليّةُ "إنتاجِ اللاعبين"، كما توسَّعَت عمليّةُ تنظيمِ البطولاتِ في مُختلفِ الدولِ وأبرزها البطولات الأربع الكبرى "غارند سلام".
خِلال العَشرِ سنواتٍ الماضية بَرز اسمُ الإسباني القويّ رافاييل نادال كواحدٍ من أهمّ وأقوى اللاعبين في عالم الكرة الصفراء، حقَّقَ خِلالَها أربعة عشر لقبًا في البطولات الأربعِ الكُبرى مِنها اثنان في بطولةِ "ويمبلدون" وتِسعةَ ألقابٍ في بطولةِ "رولان غاروس" على الملاعب الترابية - بطولتان في "أمريكا المفتوحة" وبطولةٌ واحدة في "أستراليا". سُمِّيَ الـ"ماتادور الإسباني" بمَلك الملاعب الترابيّة نظرًا إلى مستواه الّلافت على هذه الأرضيّة وتَسَيُّده للبطولات التي تُنَظَّم على الأراضي الترابيِّة لسنوات.
اعتمد نادال خلال سنوات تألقه على قوّته البدنية الهائلة لقتل خصومه
لم يَعُد "رافا" كما يُلَقِّبَه عُشّاقه ذلك اللاعب المخيفَ اليوم... تراجعَ مستواهُ بشكلٍ كبير، وهو أَمرٌ عزاهُ معظمُ المراقبين إلى كَثرة الإصابات التي ألمَّت به، ولكن ما حَصَلَ مؤخّرًا بعدَ خسارتِهِ في بطولة "رولان غاروس" في فرنسا أمام الصربي نوفاك ديوكوفيتش، وبعدها توديعُ بطولةِ "شانغهاي الصينية" على يد الفرنسيّ جو ويلفريد تسونجا، جعلَ الجميع يتحدَّث عن نهايةِ أسطورةِ "رافاييل نادال" لأسبابٍ عدّة.
اقرأ/ي أيضًا: الشقيقتان وليامز.. هكذا بدأت الحكاية
- تراجُعُ مستوى نادال بشكلٍ تراجيدي، يعودُ بالدرجةِ الأولى إلى خسارتِهِ لقوَّتِهِ البدنيّة التي ساعدتهُ كثيرًا على تخطي خصومَه، فهو يتمتَّعُ ببنيةٍ قويّة جدًّا خاصةً في اليدين والقدمين وهو ما راهن عليهِ لسنوات. واعترفَ نادال خلال إحدى مقابلاتِهِ التلفزيونيّة أنّ عامِلَ الزَمن وتراجُع قوَّته البدنيّة كان سببًا أساسيًّا في خسارته للبطولات، خاصةً على الملاعب الترابيّة التي تحتاجُ لقوّةٍ كبيرة على مستوى القدمين.
- كَثرَةُ الإصاباتِ التي ألمَّت باللاعبِ وخاصّةً على مستوى المِعصَم وعضلةُ الفخذ أدّت أيضًا إلى تراجُعِ مستواه، وساهمت بالحدِّ من قُدرتِه على تنفيذِ "الإرسالات" بالشكل القويّ الذي كان يُنَفذه به. كما أنّ مشاكلَ عضلة الفخذ حدّت من قدرتِهِ على ممارسةِ الهجوم الضاغط والصعود إلى الشبكة في المباريات، وهو ما كان يمتاز به أيضاً خاصةً على الملاعب الترابيّة.
كَثرةُ الإصابات على مستوى المِعصَم حدّت من قوّة إرسالاته
بنى نادال مسيرتَهُ الرياضيّة معتمِدًا على بنيتِهِ الجُسمانيّة، ويبدو أنه قد اكتشف متأخرًا، أنَّ التركيزَ على القوّة بالدرجةِ الأولى سيقطعُ الطريقَ عليهِ باكرًا ويُنهي مسيرتَهُ بشكلٍ سريع، وهو ما حصلَ له بينما لا يزال في بدايةِ العقدِ الثالث من العُمر. فبعدَ إصابتِهِ في المرّةِ الأولى باتَ واضحًا أن جسده نتيجة الضغط الكبير الذي قدّمهُ خلالَ أربعة عشرَ عامًا "أي منذ بدء مسيرتِهِ الاحترافيّة في العام 2001" لم يَعُد قادِرًا على العطاءِ ومقاومةِ هذه الإصابات سريعًا، فتراجَعَ المستوى وخَسِر الإسبانيّ القويّ في آخر ثماني بطولات رسميّة، كما تراجَعَ في تصنيفهِ العالميّ بعد أن تربَّعَ لوقتٍ طويلٍ على صدارةِ قائمةِ لاعبي الكرةِ الصفراء.
أمِلَ "رافا" لسنواتٍ بأن يُحطِّمَ رقمَ الأسطورة السويسري روجير فيدرير بعدد مرات الفوز بالبطولات الكبرى "سبع عشرة بطولة"، ولكنّ الأمرَ لم يحُصل ويبدو أنه لن يحصل، فالجميعُ باتَ تقريبًا شبهَ مُقتنع بأن أسطورةَ "ملك الملاعب الترابيّة" قد انتهت، أقلّه حتى يثبت نادال العكس وينتَهج مبدأ الإعتماد على التكتيك إلى جانب القوّة البدنيّة وذلك من أجل إنقاذِ ما يمكن إنقاذُه خلال ما تبقى من مسيرته الاحترافيّة.
ديوكوفيتش على عرش العالم
كان نادال معتادًا على هزيمةِ المصنف أوّل عالميًّا اليوم الصربي نوفاك ديوكوفيتش، إذ انتصرَ عليه في ست مناسبات على ملاعبِ "لوران غاروس" في فرنسا. كما أَنّه كان مرشحًا فوق العادة ليكونَ أبرزَ لاعبٍ في تاريخِ الكرة الصفراء بحسب العديد من المراقبين ونجوم اللعبة، لكن ما حصلَ له في النهاية وضع حدًا لكل هذه الأقوال بانتظار قادمِ الأيامِ.
اقرأ/ي أيضًا: دييغو مارادونا ومايك تايسون.. مفلسان!