ألترا صوت – فريق التحرير

يقف الكاتب ميخائيل نعيمة (1889 - 1988) في موقع شديد التميز بين أدباء النهضة والتجديد. هو شاعر وقاصّ وناقد. ولد في قرية بسكنتا في لبنان. درس فيها بمدرسة روسية. ثم انتقل إلى مدينة الناصرة عام 1902، وفي سنة 1906 حصل على منحة دراسية في أوكرانيا فذهب وتعرّف على الأدب الروسي عن قرب، وبعد عودته عام 1911 إلى لبنان لم تطل إقامته فيه فغادره إلى واشنطن. وهناك أصبح عضوًا في الرابطة القلمية التي ضمت أدباء المهجر من أمثال جبران خليل جبران ونسيب عريضة وإيليا ابو ماضي... وغيرهم. له العديد من المؤلفات، من أبرزها كتابه "الغربال"، وهو عبارة عن مقالات نقدية حاول فيها غربلة الأدباء، وقد أثار ضجة كبيرة منذ صدروه.

شعريًّا لم ينشر نعيمة سوى ديوان واحد هو "همس الجفون"، وقصيدتنا "أخي" منشورة فيه، وهي قصيدة تحكي عن الوضع بعد الحرب العالمية الأولى التي كان نعيمة فيها شاهد عيان من موقعه كجندي، ولهذا يخاطب أخاه العربي الذي سِيق إلى حرب لا شأن لهما فيها، ولم تترك في هذا العالم سوى العار والموت.


أخي! إنْ ضجّ بعد الحرب غرْبيٌّ بأعمالهْ

وقدّس ذكْر منْ ماتوا وعظّم بطْش أبطالهْ

فلا تهزجْ لمن سادوا ولا تشمتْ بمنْ دانا

بل اركعْ صامتاً مثلي بقلبٍ خاشعٍ دامٍ

لنبكي حظّ موتانا

*

 

أخي! إنْ عاد بعد الحرب جنديٌّ لأوطانهْ

وألقى جسمه المنهوك في أحضان خلاّنهْ

فلا تطلبْ إذا ما عدْت للأوطان خلاّنا

لأنّ الجوع لم يتركْ لنا صحْباً نناجيهم

سوى أشْباح موْتانا

*

 

أخي! إنْ عاد يحرث أرضه الفلاّح أو يزرعْ

ويبني بعد طول الهجْر كوخًا هدَّهُ المدْفعْ

فقد جفّتْ سواقينا وهدّ الذّلّ مأوانا

ولم يتركْ لنا الأعداء غرْسًا في أراضينا

سوى أجْياف موْتانا

*

 

أخي! قد تمّ ما لو لم نشأْه نحْن ما تمّا

وقد عمّ البلاء ولو أردْنا نحْن ما عمّا

فلا تندبْ فأذْنُ الغير لا تصْغي لشكْوانا

بل اتبعني لنحفر خندقًا بالرفْش والمعْول

نواري فيه موْتانا

*

 

أخي! منْ نحن؟ لا وطنٌ ولا أهْلٌ ولا جارُ

إذا نمْنا، إذا قمْنا ردانا الخزْي والعارُ

لقد خمّتْ بنا الدنيا كما خمّتْ بموْتانا

فهات الرّفْش وأتبعني لنحفر خندقاً آخر

نواري فيه موتانا

 

اقرأ/ي أيضًا:

إيليا أبو ماضي: الطلاسم

جبران خليل جبران: المواكب