في مقبرة الجنود 

لا ينعم الموتى بهدوء أو سكينة

هم في بحث وجدال محتدم

كل يوم يعرضون عظامهم

يعدون ما تبقى منها 

خوفًا من توهم الدفان

من

أن يضع عظام مسروقة من جندي آخر

يوم أمس

شاهدت من بعيد

جنديين أحدهما بساق واحدة

يضع أحدهما يده على ياقة الآخر 

يتهمه بسرقة ساقة

التي بترتها الشظية

وطارت بها إلى مكان ناء

الموت حتى الموت

لا يخلق السكون في مقبرة الجنود.

*

 

لأجل أن تبرد روحها

قالوا لها وجدنا جثة ابنك

كانت تراقب التلفاز

وتنادي كل أفراد العائلة

حينما يكتبون في شريط الأخبار

خبر عاجل: "العثور على مقبرة جماعية".

وضعوا العظام أمامها

وقالوا ها هو

هم يدركون أن ذاكرتها

 تآكلت مثل تفاحة فاسدة

تحسست عظامه      

وضعت يدها على قلبها 

من دون تفكير أو اكتراث 

هكذا خلق الله ذاكرة الأمهات

قلوب دليلها اتقاد جمرة لا أكثر.

*

 

ماذا يصنع الله بمخلفات الحروب؟

يعجنها بقليل من طينه

ويخلق منها الشعراء

يرفو شرايينهم

من نشيج الأمهات الثكالى

لذلك لا تبتسم الحرب

ألا بموت شاعر.

*

 

ما يفعل الجنود في آخر الليل

يفتحون صناديق جراحهم

ينثرونها في وجه القمر

تحلق بعيدًا مثل طيور مهاجرة

ثم تعود

كأن خوذهم أعشاش

لأفراخها!

*

 

ماذا يفعل الليل

بقلوب أطفال الشهداء؟

يتسرب إلى قلوبهم الصغيرة

ويخنق في جوفها طفله القمر.

*

 

الحربُ

ترسم خطوطًا على جباه الأمهات

حتى تغدو مثل دفتر الملاحظات

يكتب فيه الرب قصة حزن

تبين بشاعة هذا العالم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مُثقل الخطوات

بيوغرافيا الحب