لا نسمع عن هذه الجرائم في عالم كرة القدم إلا نادراً، تتوقعها أكثر من لاعبي الرياضات القتالية مثل كونور ماكغريغور وحادثته الأخيرة قبل نهائيات البلاي أوفز في الـ NBA وفلويد مايويذر عندما ضرب صديقته أمام أبنائهم، ولكن تجارة المخدرات والشروع في القتل تظل اتهاماتٍ غريبة على لاعب كرة قدم.
كوينسي بروميس، الذي كان يوماً ما هدفاً للكثير من الأندية الكبيرة في الدوريات الأوروبية الكبرى، صار هدفاً أيضاً للشرطة الهولندية، جناح أياكس أمستردام يواجه اتهاماتٍ لا تليق إلا ببابلو إسكوبار الذي أخذ صفحة من كتابه، وهذا لأنه متهمٌ بالشروع في القتل وبتهريب المخدرات.
أين كان كوينسي قبل كل هذه الأزمات؟
قبل هذه الحادثة بعامين، عاد كوينسي لبلاده من خلال بوابة أياكس أمستردام بعد أن قضى موسم للنسيان مع إشبيلية، موسم 2018-2019 لم يقدم اللاعب فيه أي شيء للنادي إلا ثلاث أهداف يتيمة، مما جعل النادي يتخلص منه في أقرب فرصة ممكنة، لينتدبه أياكس أمستردام مقابل 15.5 مليون يورو ويقضي موسمين مع أعرق نادي في هولندا.
موسم 2019-2020 كان أفضل موسم للاعب في مسيرته مع أياكس. أنهى هذا الموسم بـ 16 هدفاً في جميع المباريات التي لعبها، وبدا وكأنه سيكون من نجوم الفريق اللامعين في الموسم الذي يليه، لكن هذا اللمعان لم يدم طويلاً لأنه أحرز ستة أهداف في موسم 2020-2021، لكن تسديدته بالسكين في فخذ قريبه لم تخطئ الهدف.
البداية كانت بطعنة سكين
حفلة عائلية ضمت كوينسي وأحد أقاربه كانت هي مسرح الجريمة. كوينسي كان يجلس مع قريبه ويتحدثان سوياً أمام أفراد عائلتهم، ومن الواضح أن جميع الحاضرين يقضون وقتاً سعيداً حتى جاءت كلمة "مجوهرات". التفاصيل لا توضح إن كانت هذه المجوهرات في حيازة القريب وكوينسي يريدها أو العكس، ولا نعرف حتى إن كانت المشكلة تكمن في أن كوينسي يفاصل في سعر هذه القطعة، والتي كانت السبب في ما فعله كوينسي لاحقاً.
بدأت الأصوات تعلو وتعلو. الجو صاخب كحالة الحفلات الأوروبية، ولكن كوينسي لا زال في مناقشة محتدمة تغلبت على أعصابه التي جعلته يسحب سكينًا ويغرسه مباشرةً في قدم قريبه، والذي بدأ يصرخ للنجدة قبل أن يهرب بروميس من مسرح الجريمة الغريبة التي حدثت في يوليو 2020، أي في وقت يرتدي به قميص أياكس صباحًا في التمرينات.
ما حدث بعدها كان غريبًا
تم القبض على الجناح الدولي في شهر ديسمبر من عام 2020 على ذمة التحقيق في حادثة الطعن المذكورة، ولكنه لم يقضي وقتًا طويلًا مع الشرطة التي أطلقت سراحه، والتحقيق ظل جارٍ وقتها ولم تتوقف مسيرته بأي شكلٍ من الأشكال. ظل يمارس كرة القدم بشكلٍ دوري وينكر تورطه في هذا الحادث وكأن شيئًا لم يكن.
لكن الحكومة الهولندية لم تسكت على ما حدث، وظلت تنادي بالقبض على اللاعب المتورط في جريمة شروع في قتل قريبه. هذه المناداة كانت بعيدة عن أذان قوات الشرطة، وهذا لأن كوينسي بالفعل طار إلى روسيا لينضم إلى سبارتاك موسكو في فبراير 2021، والأسوأ لقريب كوينسي الذي بحث عن حقه أن المحاكمة كانت في مارس 2022 وتم تأجيلها حتى 19 يونيو 2023 ليحكم على كوينسي بالسجن لمدة عامٍ ونصف، مع العلم أن التهمة الموجهة له صارت تهمة اعتداء والحكم فيها سنة، ولكن تم مدها لأنه "شخصية عامة" بحسب المحكمة الهولندية.
لماذا قد يهتم كوينسي الذي يشكر روسيا على حربها مع أوكرانيا، والتي تسببت بقطع اتفاقيات تبادل المذنبين ومنهم بروميس نفسه؟ لا يوجد أي سبب. اللاعب في روسيا قدم أفضل موسم له في تاريخه ويحمل على الأعناق بعيدًا عن هولندا وأصفادها المعدنية. إذًا فاللاعب كان متهمًا في قضية وسافر واحترف في الخارج ولم يتم منعه من السفر وحياته تسير بأكمل وجه.
جريمة أخرى لا تضر بواحد، لكن بمجتمعٍ كامل
130 ألف كيلوجرام من الكوكايين؟ هذا ما يشارك كوينسي في تهريبه بحسب الجهات المختصة في هولندا. القصة كلها بدأت من دخول شحنتين من "الملح" إلى ميناء أنتويرب، الشحنة الأولى تزن 650 كيلوجرام والثاني تزن 713 كيلوجرام. بعد التحقيقات والتفتيش، ومن الواضح أن الشرطة كانت على علم بدخول هذه الشحنة، وجدوا داخلها الكوكايين بداخل الأكياس عوضًا عن ملح الطعام.
يظل بروميس شاكرًا لحرب روسيا وأوكرانيا التي جعلته يعيش حياته بشكلٍ طبيعي.
لنعد بالزمن قليلًا لما قبل حدوث حادثة الطعن، وسنجد أن الشرطة الهولندية تشك مسبقًا في كوينسي وتدعي أنه منضمٌ لتنظيم إجرامي مختص "بأنشطة تجارية غير مشروعة". راقبت الشرطة هاتفه الذكي، والذي يستخدم من خلاله منصات EncroChat وSky ECC المشفرة للتواصل مع بعض الأصدقاء.
بحسب ما نقلته صحيفة "ذا أثليتك" في تحقيقها بشأن هذه الواقعة، هذه الرسائل تخص كوينسي:"رفاقي في الطريق إلى أنتويرب."أُرسلت لأحد أصدقاء في نفس ميعاد تسليم الشحنة. "لقد جاءت على دفعتين…أرباحي هبطت إلى النصف." تتماشى مع نفس قسمة شحنة الكوكايين على دفعتين.
وأوضح المصدر نفسه بأن الشحنة التي استثمر فيها بروميس أمواله، معظمها كان سيدخل الأراضي الإنجليزية، وبعضها سينتشر في أوروبا. هناك شبهة أيضًا أن هؤلاء هم أصدقاء كوينسي القدام وهو من أخذوه إلى هذا الطريق المظلم، وقد وصل الأمر بقوات الشرطة بالذهاب إلى مدينة أياكس كل فترة لتذكير اللاعبين بالصغار بالابتعاد عن أصدقاء الطفولة اللذين ضلوا طريقهم في الحياة، خصوصًا وأن الحياة المرفهة تضم الأغنياء سواءً كانوا رياضيين أو مجرمين مثل حالة كوينسي.
كوينسي يعيش حياته ولا يبالي
يظل بروميس شاكرًا لحرب روسيا وأوكرانيا التي جعلته يعيش حياته بشكلٍ طبيعي. تراه كل يوم على ستوريز إنستغرام بمقطتفاتٍ من حياته الشخصية أو بصوره بعد المباريات مع سبارتاك موسكو الروسي الذي تحميه دولته بعد إيقاف تبادل الخارجين عن القانون.
اللحظة التي تطأ فيها قدم كوينسي مطار أمستردام الدولي ستكون نهايته على الأغلب. سيؤخذ للسجن مباشرةً ليقضي 18 شهراً بسبب حادثة الطعن وسيظل منتظراً الحكم القادم ضده في قضية المخدرات، إلا لو كانت الشحنة التي يتحدث عنها، بالصدفة، شحنة ألعاب فيديو وصلت بالوزن نفسه في الوقت نفسه.