شجرة من نبيذ

 

ليكن في الحسبان

الأفئدة التي التقمها الخوف

هي التي كُسرت على مضض

ذلك أنّها ليست كالنملة

التي لا تضيقُ ذرعًا

إذ توسّع ضيقًا.

 

لأوّل مرّة

تترهّل

المدن الّتي كانت تنعم بالصّمت

لن تغيّر وجهتها

لمجرد أن غزتها الرّياح

وحال دونها الضّباب الكثيف.

ثمّ لتتعثر الشّجرة بمياه الخريف

إذ اتكأت، بعمود كهرباء يدندن

ظنّت جارتي نبأ حب

اجتاح أرضي المهجورة

منذ قرن، والصبابة تعصف بي

في هذه البقعة الجرداء

بعدما ملأ فيها الخراب.

 

قلب اتصف بشجرة

 

يمخر الباب صوفيٌّ

ألْفَ حبالًا تشدّه

على عجلة كثيرة العطب

تُسقى بماء منهمر

مثل ساقية

ترتّب جردل شيخ في وارا

أيّام تلك الليالي.

لم يكن في الحسبان

أن أذكر قلبي الّذي اتّصف بشجرة

وافرة الظّل

ليشهد

كلما فيّ

لتلك الساقية التي

تأخذني مني إلي 

دون أن يلتقمها الخوف

أو تُكسر أمام الكؤوس.

 

 

وحيدًا بلا مخرج

 

أيام كانت الشمس

تطلع فجأة

على رؤوس الأشهاد

وبلا مقدمات

الشروق الثمل، إذ يبشّر

بقدوم شيء ما.

 

أيام كانت تخرج - هكذا

عارية الخطى - وبلا مخرج

يسبقه التلميح

كي يتسنى لنا التنبؤ والتنجيم

بحدوث شيء ما.

 

أيام كانت

الأيام التي تطلع فيها الشمس

بازغة

تومض الأعين المُندهشة

من فجأة نظرها

وهي تتمدد

كزرقاء اليمامة

في اقتباس الضوء.

 

أيام كانت تظهر، بلا مقدمات

تخلع عنها ذاك السحر العابق

وسط الجموع.

ترتبك من غزارتها

مياه الخريف الراكدة

في قلب الطين.

 

ما تبقى من القحط

 

السنون العجاف التي

ولدت ها هنا،

كانت تأكل

وجوه الأطفال وأقدامهم، حيث

أضاعوا الطرقات.

تقضم ما في

بطونهم، تلك النار التي تلتهب

أكثر من التهامها

للأيام والشهور 

على مر السنين.

والشارع الذي بدا

ضيقًا على المارة

لم يتسع نظره الممتد

في وجهي الذي لم ير يومًا

براكين مطوية،

أو زلازل ترجف القلب

حتى تساق كاملة

تراتيل قلبي

بين حنايا أرصفة كثيفة

ساعتئذ

أحصد ما تبقى من القحط.