15-نوفمبر-2015

ماريان كمنسكي

في ساعات الصباح الأولى، وبعد مرور وقت على الهجمات الإرهابية داخل العاصمة الفرنسية باريس، كان الدليل الأول لعملية تفجير بالقرب من استاد كرة القدم "باسبور سوري فوق جثة أحد الانتحاريين"، القنوات الفرنسية مثل "فرانس 24"، و"بي إف أم" و"تي إف 1"، ووكالات الأنباء مثل "رويترز" و" أ ف ب"؛ نقلت خبر إيجاد الدليل بدون أن توجه إصبع الاتهام بشكل مباشر، اكتفت بالقول أن باسبور سوري وجد فوق جثة أحد الانتحاريين، دونما تعليق أو معلومات تفصيلية تتعلق بالباسبور وصاحبه. 

ربما سيتسبب جواز السفر السوري بتغييرات تتعلّق بأوضاع المهاجرين، ويؤثر سلبًا على الرأي العام الفرنسي!

الحكومة الفرنسية من جهتها لم تعطِ معلومات موسعة عن هذا الدليل "الأولي" تتعلق بهوية صاحبه، أو حتى بالطريقة التي تم إيجاده فيها، أو إن كان الباسبور حقيقيًا، لتعلن فيما بعد "قناة فرانس 24" أنه قد استخدم للدخول إلى اليونان، وتؤكد بعد ذلك بالقول إن جنسية أحد الانتحاريين قد تكون غالبا سورية، نسبة إلى جواز السفر في رقعة الجريمة، مموهةً أي تفصيل يتعلق بصاحبه سوى أنه من مواليد 1990، وتجنّب الحديث عن جواز سفر آخر مصري تناقلت بعض القنوات مثل "بي بي سي" خبر إيجاده، بالقرب من جثة ثانية.

تبنت داعش العملية، وأكدت المصادر الإعلامية والأمنية تورّط مواطن فرنسي فيها، مستطردة بتفاصيل تتعلق بعمره (30 سنة)، وتاريخه كشخص متطرف كان تحت المراقبة الأمنية، لتعود القنوات الفرنسية والعربية إلى بث الخبر الأول والتركيز عليه، وهو إيجاد جواز سفر سوري بالقرب من جثة أحد منفذي الهجوم.

إن كانت داعش تبنت العملية فلن تكون جنسية الإرهابيين مهمة، خصوصًا أن هنالك فرنسيين متورطين، فالعمل إرهابي بغض النظر عن منفذيه. وجّه الكثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي أصابع الاتهام نحو المهاجرين، ليعتبرونهم العامل الأساسي والمسبب الأول لهذه المأساة غير المسبوقة في فرنسا، التي وصفت بأنها 11 أيلول/سبتمبر الفرنسي، وعلى إثرها أعلنت فرنسا حالة الطوارئ بعد ستين عامًا من إصدار هذا القانون، متناسين أن غالبية هؤلاء المهاجرين هربوا من داعش وقاسوا الأمرين من هول النظام السوري على مدى خمس سنوات، فتركوا مواطن حياتهم واتجهوا غربًا، آملين بمستقبل آمن.

بالعودة إلى جواز السفر السوري، الذي ربما سيتسبب بتغييرات تتعلّق بأوضاع المهاجرين، ويؤثر سلبًا على الرأي العام الفرنسي. تكاثرت الأسئلة حول ما إذا كان خبر وجود هذا الجواز صحيح أم لا، فنحن لم نشاهد أي دليل يثبت وجوده، أو معلومات تفصيلية تتعلّق به، كل ما نقله الإعلام أنه موجود ولكن، لم يقل لنا أين بالضبط وكيف ومتى ولماذا؟ بل هل من الممكن إيجاد جواز سفر أو أية وثائق شخصية أخرى بحالة سليمة مع شخص قام توًا بتفجير نفسه؟ هل وجد بالقرب منه أم معه، هل من الممكن أن يكون مزورًا، لماذا هو موجود مع منفذ العملية؟

هل من الممكن إيجاد جواز سفر أو أية وثائق شخصية أخرى بحالة سليمة مع شخص قام توًا بتفجير نفسه؟

هل هذا سيناريو مكرر عن أحداث 11 أيلول/سبتمبر، حينما تم الحديث عن جواز يخص أحد المشاركين في هجمات نيويورك، ولم يدقق الإعلام حينها بصحة المعلومة، علمًا أنه حتى الآن تتكاثر الشكوك حول مرتكبي 11/9.

هل تريد فرنسا خلق ذريعة لطرد اللاجئين أو عرقلة إجراءاتهم؟ ولكن حتى اللحظة لم يتم تأكيد هوية صاحب جواز السفر، أو إن كان هذا الجواز بالفعل من مقتنيات أحد منفذي الهجوم. إن كان مرتكب الجرم سوريًا أم لم يكن، فلا يختلف اثنان على أنّ ما قام به هو عمل إرهابي، ولكن من غير المجدي ربطه بكافة المهاجرين السوريين الذين إما هربوا من وحشية النظام أو من هول داعش، لكن يبدو أن مصير السوريين متشابه، ولعنة الحرب تلاحقهم حتى في سابع أرض، فلا الهرب من برميل ولا قذيفة ولاتفجير ينفع، ولا حتى مستقر جديد كانوا قد ظنوا أنه لربما يكون أملهم بغد أفضل.

اقرأ/ي أيضًا:

هجمات باريس.. تعليق على ما حدث

كلما هممت بالصعود إلى مترو الخيالات في باريس