كشف تقرير أعدته وزارة الصحة اللبنانية، أن "أولاد لبنان يشربون مياهًا ملوثة جرثوميًا وكيميائيًا"، في المدارس الرسمية، والذي أثبت تلوثها بنسب تراوح ما بين 7 إلى 100%. فقد كشفت عيّنات مياه سحبتها وزارة الصحة من 162 مدرسة رسمية عدم مطابقتها للشروط الصحية والبيئية، بعدما دلّت نتائج التحاليل على نسب تلوث جرثومي في المدارس ما بين 8% (في المتن) إلى 100% في (راشيا). أما التلوث الكيميائي، فكانت معدلاته الأعلى في بعض مدارس الكورة بنسبة 63%، بينما بلغ 7% في مدارس كسروان.

كشف تقرير صادر عن وزارة الصحة اللبنانية أن تلامذة لبنان يشربون مياهًا ملوثة في المدارس الرسمية

وتأتي هذه النتائج مطابقة، لما سبق وأشارت إليه كلية الصحة في الجامعة اللبنانية (فرع البقاع) إلى وجود تلوث في مياه المدارس مع اهتراء البنية التحتية المائية لأغلب المباني الرسمية في ظل وجود صنابير(حنفيات) قديمة العهد وخزانات ملوّثة بالنفايات، ولم يحرّك أحد ساكنًا. ولم تستغرب جهات تربوية رسمية التقرير ونتائجه، واعتبرته "طبيعيًا" و"ينسجم وواقع المياه الملوّثة في كل لبنان ومن مصادرها الرئيسية في الينابيع والآبار".

الأمر غير الطبيعي أن تنحصر معالجة التلوث في غالبية المدارس بحدود لصق قصاصات ورقية بالقرب من صنابير المياه للتحذير من عدم صلاحيتها للشرب والاكتفاء باستعمالها للغسيل وللمراحيض، وكأن تلامذة الروضات يلتزمون بالتعليمات. ويكفي الدخول إلى أي مدرسة رسمية لرؤية الصدأ يتآكل من صنابير المياه فيما تعشش على أنابيبها وبالقرب منها الفيروسات والجراثيم.

اقرأ/ي أيضًا: 3 ملايين دولار لإصلاح التعليم في لبنان..ما الجدوى؟

التقرير رفعته وزارة الصحة إلى وزارة التربية، ومع ذلك لا تعلم به معظم الإدارات الرسمية المناطقية، التي لم تتبلغ بنتائجه المخبرية. وتكتفي إدارات المدارس بتطبيق تعميم صادر عن وزارة التربية يقضي بإلزامية فحص المياه مرتين في السنة الدراسية. ويتولى هذا الأمر ما يطلق عليه في المدارس الرسمية "مرشدًا صحيًا"، غير متوفر في غالبية المدارس الرسمية.

في المقابل، يتحدث أكثر من مدير مدرسة رسمية عن وجود عوائق في معالجة التلوث وخصوصًا في المدارس المستأجرة، التي غالبًا ما تكون عبارة عن أبنية قديمة وغير مطابقة للمواصفات. وعليه لا يمكن تطوير وتأهيل وصيانة البنى التحتية في هذه المدارس الفقيرة جدًا، ويتم التعامل مع التلوث كأمر طبيعي مثله مثل الجدران المشققة والأسقف التي يعتريها التشقق والاهتراء والرطوبة، وتتساقط منها الأمطار على رؤوس التلامذة.

تعاني المدارس الرسمية في لبنان من أبنية وبنى تحتية مهترئة ومتهالكة

من هنا، يبرز اليوم الدور الأكبر أولًا للجان الأهل في المدارس من ناحية الضغط المستمر على وزارتي الصحة والتربية للبحث عن أسباب التلوث ومعالجتها بأسرع وقت كي يحصنّوا أولادهم من المخاطر الصحية التي تنتج عن هذا التلوث. وقد أعلن سابقًا وزير الصحة وائل أبو فاعور عن اتفاق سيتم توقيعه بين وزارتي الصحة والتربية ونادي الروتاري بقيمة مليون دولار، من أجل تقديم فيلترات مياه لعدد كبير من المدارس الرسمية، داعيًا المراقبين إلى "إعداد لائحة بالمدارس التي تحتاج إلى هذه الفيلترات والموجودة في المناطق الأكثر فقرًا".

يشكّل إعلان أبو فاعور اعترافًا رسميًا واضحًا بالتمييز الحاصل في المدارس الرسمية الواقعة في المناطق الفقيرة، ما يؤكد سياسة التهميش التي تمارسها الدولة على هذه المناطق حتّى في ما يتعلق بنوعية التعليم الرسمي وحاجيات المدارس.

اقرأ/ي أيضًا:

في لبنان.. من ينصف الأساتذة الناجحين؟

العنصرية والطائفية كـ "نكتة مدرسية"