25-نوفمبر-2015

جندي يمني أمام قلعة القاهرة في تعز (Getty)

ليس فقط المحيط الهندي وخليج عدن ما يجمع بين اليمن والصومال، ولا يقتصر التشابه بينهما على المناخ والطبيعة والجغرافية فقط، بل إني أزعم أن التجربة الصومالية التي حدثت في تسعينيات القرن الماضي وأسفرت عن تدمير الدولة آنذاك، تتجدّد بشكل يشبه التطابق في المعطيات والنتائج فيما يخص الأزمة اليمنية. 

ثمة خلافات كبيرة بين خالد بحاح، نائب الرئيس المدعوم من الإمارات، والرئيس منصور هادي المدعوم من السعودية

حتى أنه يمكنني مقاربةَ شخصية محمد سياد بري، الرئيس الصومالي السابق، وما فعله من إنهاء لوجود الصومال على الخارطة السياسية الدولية بشخصية علي عبد الله صالح وما أقدم عليه من إبادة لمكونات الشعب اليمني حفاظًا على مكتسباته، وما ينطبق بالمناسبة على محمد فرح عيديد، زعيم الحرب الأهلية الصومالية، يمكننا سحبه على عبد الملك الحوثي.

تسعة أشهر مرت على بداية ما يسمى بالتحالف العربي لدعم الشرعية، ذاك التحالف الذي تقوده السعودية لإرجاع عبد ربه منصور هادي، الرئيس الشرعي لليمن، إلى رأس السلطة، بعد ما أحدثه انقلاب الحوثيين وحليفهم صالح باستيلائهم على صنعاء وكافة المحافظات اليمنية. تحالف بدأ جوًا بقصف مواقع الانقلابيين، ثم تحوّل إلى حملة عسكرية بريّة تهدف إلى قلب الموازين وإعادة نصابها إلى ما كان عليه سابقًا. تلك العمليات التي ما زالت إلى هذه اللحظات عاجزة عن الوصول إلى تعز وليس إلى صنعاء، حيث يوصف تقدمها بالبطيء أحيانًا، وبالتخبط في أحايين أخرى، نظرًا إلى عمليات الكر والفر وزرع الألغام في أماكن تواجد الحوثيين وقوات صالح في مناطق عدة مثل لحج والضالع ومأرب، ناهيك عن الاستفادة من عامل معرفة الأرض التي لا تمتلكها قوات التحالف.

حالة التخبّط والاحتقان لا تقتصر على سير العمليات على الأرض، بل إنّ تسريبات متعددة أظهرت خلافات كبيرة بين خالد بحاح، نائب الرئيس المدعوم من الإمارات العربية المتحدة، والرئيس منصور هادي المدعوم من المملكة العربية السعودية. حيث ظهر الخلاف جليًا في بقاء الرئيس في عدن بعد عودته المفاجئة إليها، بينما توجه نائبه إلى مأرب دون اللقاء والتشاور، بل تعدى هذا الخلاف ليصرح بحاح بأن "الحكومة" ستكون قريبًا في صنعاء ولم يلمّح قط إلى رأس النظام الذي يعمل معه. يضاف إلى هذا وذاك تغوّل تنظيم القاعدة في المناطق التي "حررت"، حيث يسيّطر رجالها على أغلب المناطق الشرقية، خصوصًا شبوه وحضر موت، وتحديدًا عاصمتها المكلا. ناهيك عن وجود تنظيم الدولة الإسلامية هناك، وهو الذي أعلن مسؤوليته قبل مدة عن استهداف الفندق الذي كان مقرًا للحكومة المؤقتة في عدن، مما يضيف بعدًا آخر وخطيرًا للأزمة.

الحوثيون بطبيعة الحال ما زالو يمسكون بزمام الأمور في صنعاء والمحافظات الشمالية، وما زالت إيران تقف في صفهم كذلك، وهذا ما دلّت عليه زيارة المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى طهران للتباحث في المسألة اليمنية، ولإقناع الإيرانيين بالضغط على حلفائهم في اليمن بضرورة التوافق على الحل السياسي المطروح في جنيف بعد أيام قليلة. 

نحو ستة آلاف شخص قتلوا لغاية الآن في اليمن جراء عمليات التحالف، ناهيك عن عشرات الآلاف من الجرحى 

أما عن الحالة الإنسانية فقد وضّحت تقارير منظمات حقوق الإنسان أن نحو ستة آلاف شخص قتلوا لغاية الآن جراء عمليات التحالف، وأنّ هناك عشرات الآلاف من الجرحى نتيجة ذلك، هذا بخلاف شبح المجاعة التي أصبحت تهدد خمسة وعشرين مليون يمني مع قدوم فصل الشتاء في ظل انهيار الاقتصاد والزراعة والبنية التحتية.

ويبقى أمامنا على الطاولة عدة سيناريوهات مقبلة على اليمن في هذه الآونة، أولها شبح التلويح بالانفصال والعودة إلى اليمن الشمالي والجنوبي، أي إلى ما قبل عام 1990، وهو احتمال لايستهان به وقد نادى به الجنوبيون في بداية العمليات العسكرية هناك. السيناريو الثاني يشبه النموذج الصومالي تمامًا، ويتلخص بإنهاء مكونات الدولة وسيطرة الإسلاميين المتشددين على مقاليد الحكم في محافظات عدة. أمّا الاحتمال الثالث فهو الاتفاق بين الدول الإقليمية على إنهاء الصراع وعودة اليمن إلى الوضع الدستوري، وجمع الفرقاء على طاولة المفاوضات، وتجنيب البلاد مأساة استمرار القتل باسم الطائفة والكراسي.

ربما يعلم اليمنيون أن ليس باستطاعتهم تحديد مستقبلهم نظرًا لتفتتهم وعدم وضوح الرؤية لدى قياداتهم، ولكن لا بد لهم أن يفهموا ألَّا خاسر غيرهم في هذه الحرب.

اقرأ/ي أيضًا:

الفناء للعالم.. الخلود لتعز..!

الحوثيون والكلاب