"لا يوجد عدل في الميراث، ولا توجد قوانين دينية ثابتة"، هكذا عبرت الطبيبة والكاتبة المثيرة للجدل، نوال السعداوي، عن موقفها تجاه قضية المساواة في الإرث بين الرجال والنساء، في مداخلة لها ضمن فعاليات مهرجان "ثويزا"، المنظم من قبل مؤسسة المهرجان المتوسطي للثقافة الأمازيغية بمدينة طنجة، حيث تمت استضافتها كضيفة شرف.

أثارت مداخلة لنوال السعداوي في المغرب موجة من الانتقادات بعد دعوتها المغربيات لـ"اقتلاع جذور العبودية وكسر حواجز الخوف"

وأثارت الناشطة النسوية بأفكارها زوبعة شديدة من ردود الفعل، لا تزال أصداؤها سارية إلى الآن على شبكات مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد لمواقفها ورافض.

اقرأ/ي أيضًا: المساواة في الإرث.. استحقاق للمرأة التونسية أم حقٌّ يُراد به باطل؟

نوال السعداوي تدعو المغربيات إلى ثورة ضد العبودية

اعتبرت الكاتبة المصرية نوال السعداوي أن الدين ليس سوى "أيديولوجية سياسية تقف أمام تحرر الإنسان وتمنعه من الإبداع"، مستدلة على ذلك بأن أوروبا لم تقفز نحو الإبداع والابتكار إلا بعد أن تحررت من سلطة الكنيسة، التي كانت تحكم خلال حقبة العصور الوسطى.

وبالرغم من كبر سنها، دعت نوال السعداوي بلهجتها الثائرة المعهودة النساء المغربيات إلى اقتلاع جذور العبودية وكسر حواجز الخوف، من أجل بناء شخصياتهن المستقلة عن سلطة الرجل، مردفة إليهن "الحرية لها ثمن، لقد رفعوا ضدي عشرات الدعاوى القضائية، وهددوني بالسجن والنفي والقتل؛ لكنني لم أستسلم".

وانتقدت نوال السعداوي بشدة خلال كلمتها أوضاع المرأة في الوطن العربي، حيث لا تزال تعيش القهر والفقر وعدم المساواة وجميع أشكال التمييز، التي تضع الرجل في مكانة أسمى من الأنثى، كما ذكرت، مرجعة ذلك إلى دور سلطة النظم السياسية والاجتماعية والتعليمية، مثلما حملت المرأة نفسها جزءًا من المسؤولية إذ "تتحول من مقهورة إلى قاهرة لذاتها بقبولها لعبودية الرجل".

وتُعدّ نوال السعداوي من المؤسسين الأوائل للحركة النسوية بالعالم العربي، فمن خلال عملها كطبيبة نفسية منذ الستينات، شاهدت عن كثب معاناة النساء الريفيات، وانخرطت مبكرًا في الدفاع عن حريات المرأة وحقوقهن ضاربة ثقافة مجتمعها المحافظ عرض الحائط، وألفت في ذلك كتبًا تدين فيها تسلط الرجل الشرقي على المرأة العربية.

انتقدت نوال السعداوي خلال كلمتها بالمغرب بشدة أوضاع المرأة في الوطن العربي ودعت إلى تفعيل المساواة مع الرجل في كل المجالات

الكاتب إدريس الكنبوري يهاجم السعداوي

لم تمر تصريحات نوال السعداوي المثيرة دون رد، حيث وجه لها الكاتب المغربي إدريس الكنبوري سيلاً من الانتقادات والأوصاف القاذعة فيها، وجرت على الأخير بدوره سلسلة من التعليقات المنفرة من طريقة نقاشه لأفكار نوال السعداوي. وقال الكنبوري أن السعداوي "تفهم الحرية بطريقة متحللة وتعاني من عقدة الرجال لكنها معافاة من الاستبداد السياسي"، على حد تعبيره.

لكن سرعان ما انهالت عليه الردود الغاضبة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي للنعوت التي كالها للكاتبة بدل الرد على أفكارها بالحجة، وطالبوه بتجنب شخصنة النقاش، فيما أيد البعض رد إدريس الكنبوري على الكاتبة المصرية التي اعتبروها أساءت للدين الإسلامي، وذلك قبل أن يعود الكنبوري في تدوينة أخرى له ليؤكد فيها عدم تعمده الإساءة للكاتبة نوال السعداوي.

 

اقرأ/ي أيضًا: منى برنس...رقص للحياة في بلد "خربانة"

نوال السعداوي تخلق جدلًا على الشبكات الاجتماعية

تباينت ردود متصفحي مواقع التواصل الاجتماعي من المغاربة تجاه أفكار نوال السعداوي التي ألقتها بمدينة طنجة، فمن جهة هناك من يؤيد مواقفها الداعية لتحرر المرأة، بينما من جهة أخرى هناك من يرفض أفكارها ويعتبرها مخالفة للدين. وهو نقاش قديم، لكنه في كل مرة تطرحه نوال السعداوي من جديد، يفجر زوبعة من الآراء ورد الفعل مما يؤكد أن المجتمعات العربية لم تتقبله بعد ولم تعتبره من المسلمات ولا تزال المرأة بكل قضايا، تشغل العرب قديمًا وحديثًا.

 

 

 

 

 

 

 

 

 



اقرأ/ي أيضًا:

إعادة نظر: فيلم"تحقيق عن الجنة".. السؤال النسوي حينما يكون لصالح المجتمع

الصدور والخصور كموقف سياسيّ