19-مارس-2020

ضواحي القدس/ 1920

  • هذه القطعة تدين بتسهيل استجماع التعبيرات عن مفاهيم كثيرة، للموسوعة الباهرة ويكيبيديا العربية. أيضًا لأورغ وعتاد وجهد فرقة 47SOUL رفقة إيقاعها كاملًا.  

خاض الكثير من أصحاب الأثر في تقديمات استبسلت في تفكيك أو مراوغة الآزمات. هذا وسط ادعاء بشري رائج وصاحب ديمومة، خارج أضاليل التوقيت الزمني، أن كل أزمة، بالضرورة، هي أزمة حقًا. بل ربما هي أزمة العصر أيضًا. أسوة بـ"زفة" صفقة العصر/القرن مثالًا حيًا سمجًا جاهلًا ووقحًا، على الكيفية التي يحال فيها إلى تخليقات النهب وجعالته.

الدلعونا على مقدرة، أسوة بكل فن يتبناه الجمهور ويتواتره، أن تكون على صلة بكل شيء قد يبدو يهم أو لا يهم

كما أنتج الكثير، من ناحية البشر، عن تعبيراتهم هم أنفسهم، وعن تجاربهم وحاصلها، جمعيًا وفرديًا وهجينًا. هذا أيضًا، أقرب لأن يقال فيه ما يقال بلون من ألوان الفطرة التي تبغي الاستعراض ضمن مراحل تحقيق الذات، الجمعية أيضًا، ليبقى اعترافها بفعلتها من عدمه رهين وعيها وضرورته. لكن ما لا يتسع للتأويل يكمن في أن مفاعيل الاستعراض وما سبقه من عمليات إنتاج وانعكاسات تلتها قائمة فعلًا في أرض الممارسة والاجتماع البشري. ربما هذا ما يهم حقًا، أما ما دونه فزبد زائل ونوستالجيا نواحة. إلا لو كان انطلاقًا مستقبليًا مضادًا لأي نكوصية.

بذكر الآزمات، وطرح مسألة أزمة العصر، ومعها الدلعونا، وربما معهما حفلة وباء كورونا المتجدد والديناميكي والكاميكاز على ما يبدو. ربما من الضروري الاستعجال بسؤال وما للدلعونا وكل هذه الآزمات؟ أو كل شيء آخر؟. لأن الدلعونا على مقدرة، أسوة بكل فن يتبناه الجمهور ويتواتره، أن تكون على صلة بكل شيء قد يبدو يهم أو لا يهم.

لكن قبل تقويض مماحكة الدلعونا بكثير، استدعت أزمة الوقت الراهن، فيروس كورونا وتحويراته، التي يمكن للدلعونا أن تفاجئ الوقت بشيء متعلق يحمل امتاعًا في القول أكثر بكثير من الملاحظات الـ3 الجافة أدناه:

  1. الجلوس في المنزل/البيت/الشقة/السكنة/الخيمة/ المنعزل/ المستقر/ القمقم/ وحتى الزنازين يتنويعاتها، لا يعد صنعة ولا حرفة ولا عملًا، وبالضرورة ليس مهنة. وللدلعونا الكثير لتشغله وتقوله بهذا الصدد، الذي بدا وكأنه إعجاز تقوم به البشرية، ولأول مرة أيضًا. لكن من الضرورة تذكر كم هو شأن شخصي عندما يصل الحوار إلى نقطة ما تفعله البشرية في منازلها، كما أن ما تفعله ذات البشرية في منزلها/الكوكب، سؤال أبدى وأكثر أولية وأولوية وعمومية من سابقه على مركزيتهما.
  2. الخصخصة ليست لعبة للتلهي أساسًا، لكن يجب إيضاح كم الدمار الذي تخلفه عندما تطال الصحة والتعليم، سواء بنيوليبرالية أو دونها، كي لا "يزعل" أحد. وقت فيروس كورونا، اسودت سجلات صحية وابيضت أخرى!
  3. الكوكب الحالي قادر على ضبط نفسه، رغم سلوك البشرية. لكن يجب التحلي بالصدق إجمالًا، قيمة ومعنى، على الأقل في مسألة الإجازة عندما تكون منزلية.

عودة إلى ضيافة الفن الجبلي شرق المتوسطي المشاكس، ومن مشاكسته أن وجد في هذا العصر وفي كل عصر من ارتفع "بالراس" والكيف الذي تخلقه الدلعونا لأن يخلق عوالم موازية وأخرى نقيضة ومضادة وتقويضية للعوالم التي عرفها وأراد مشاكستها، كاتبًا وسيطًا، بالمفهوم التكويني/التوليدي، أو حافظًا وناقلًا ليقوم بمهمة الاستديو والأرشيف معًا، كثيرًا ما يكون خيار الـLive مضافًا متاحًا في باب الضرورة.

سادت قديمًا ومؤخرًا أقلامًا باهرة لخصت أفكارًا مؤسسة بشأن الدلعونا، وبشان ألوان فولكلورية متجددة وشعبية متوالدة أخرى. بالتأكيد مر الكثير بين من لخص وأفاد ممن نسخ وادعى واستقلب واستقلع وأعاد التركيب، لكن لم يفلح بشتى معاني الفلح.

لم يلحظ حتى في أعتى مرافعات الانحياز لخيارات الشارع وفنه ومزاجه وأحقيته بكل ما سبق، الاقتناع بأولوية على التأصيل والسند وحتى على المرافعات ذاتها، حقوقية وغير حقوقية، تتعلق بضرورة أن يقول الكائن ما لديه، فكيف لو أراد قوله تعبيرًا فنيًا وانعكاسًا بالإيقاع والنغم ومسافة الصمت معًا. كما أن لآلية القول وقنواته، أي المفهوم الواسع للفن الشعبي، قوة كامنة وشاخصة يدافع بها نفسه عن نفسه. إذ للأفكار  وتعبيراتها مقدرة باهرة على التوالد والتواتر والمشاكسة والهيمنة وتقويض الهيمنة على السواء.

في باب التدليل، على القوة الكامنة، وربما كل ما سبق، نقل أمين لأقوال عن أناس "منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر":

  1. "على دلعونا وعلى دلعونتين..كنا بحكومة صرنا بحكومتين". اعتقل قائلها عن المنصة من بين فرقته للفنون الشعبية وجماهيرها من قبل التشكيلات المبكرة للسلطة الفلسطينية سنة 1995.
  2. "على دلعونا وعلى دلعونتين ..السلطة من دين واحنا من دين..قالوا الناس ع دين ملوكهم.. قلنــا ملحديــن". نجل الرفيق السابق.
  3. أول طلب على لسان رفيق خارجًا من حاجز/محسوم الشياح، بعد قضاء 10 سنوات و6 أشهر في الحبس الإسرائيلي، سماع بهوايا تليها "دلعونة رحمة شفيق بأعلى صوت متوفر".

 

اقرأ/ي أيضًا:

مقامة الكورونا الأندلسية

الإنسان المعاصر ومآلات الفزع