15-أبريل-2016

أقر نصار منع النقاب داخل مستشفيات جامعة القاهرة، ومنع أفراد هيئة التدريس من ارتدائه(فيكتوريا هزو/أ.ف.ب)

لم يؤمن السلفيون في أي يوم من الأيام بقضية وطنية، يفضَّلون المسائل الدينية للاشتباك، حتى عندما دخلوا السياسة من الباب الواسع، باب الفوضى، رفضوا أن يتحرَّروا من مظاهر الدين، النقاب واللحية والمساجد الضخمة والفخمة، والقنوات الإسلامية المتشدّدة، لكن هذه المرة، لم يكونوا هم من فجّر الأزمة.

طالب رئيس جامعة القاهرة مجلس النواب بإصدار قانون يحرم النقاب في الأماكن العامة نظرًا للظروف الحرجة التي تمرّ بها مصر حاليًا

الأزمة انفجرت بين أيديهم بقرار من جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، بمنع النقاب داخل مستشفيات جامعة القاهرة، ثم حرمان أفراد هيئة التدريس من ارتدائه، وهو القرار الذي دفع ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، إلى التدخل قائلًا: "قرار جابر نصار مخالف لقرار القضاء الإداري". وهو الرد الذي لقي رفضًا من قانونيين ودستوريين كان لديهم تحفظ على قرار "نصار"، وفي الوقت ذاته، أكدوا أن تصريحات "برهامي" غير دقيقة.

اقرأ/ي أيضًا:  الأخوات السلفيات.. الجنس الشرعي دربك إلى الجنة!

من جانبه، واجه "نصار" المعركة بعدة تصريحات مبكرة، مطالبًا مجلس النواب المصري بإصدار قانون يحرم النقاب في الأماكن العامة نظرًا للظروف الحرجة التي تمرّ بها البلاد حاليًا، مؤيدًا وجهة النظر التي تقول إن منعه يجفّف بنية التطرف التي تخطف عقول الشباب.

وسرعان ما هدأت المعركة قليلًا في انتظار حكم قضائي للفصل في مدى قبول قرارات "نصار"، التي اعتبرت محاولة من الدولة، للتضييق على السلفيين. ودعم تصور رغبة الدولة في مضايقة السلفيين تصريح "السيسي" في خطابه الأخير: "مش هبقى إخواني ولا سلفي.. أنا مسلم بس".

وأقيمت منذ يومين 6 طعون قضائية جديدة أمام المحكمة الإدارية العليا للمطالبة بإلغاء الحكم الصادر بتأييد قرار "نصار" بمنع التدريس بالنقاب. وأكدت الطعون أن هناك محاولات مستمرة للنيل من النقاب والمنتقبات، وذلك يتضح من قرار رئيس جامعة القاهرة، الذي جاء منفردًا، حين رفض رؤساء بقية الجامعات إصدار قرار مماثل.

قرار "نصار" صدر بعد مناوشات ونقاشات مع أجهزة الأمن، التي توقعت موجة تظاهرات تضرب جامعة القاهرة، احتجاجًا على "منع النقاب"، وأكدت مصادر لـ"ألترا صوت" أن القرار بالفعل جاء فرديًا من جانب نصار بعدما رفض الأمن الموافقة عليه.

ووفقًا للمصادر، المقرَّبة من مجلس جامعة القاهرة، فإن "نصار" حاول إقناع ضابط الاتصال المسؤول عن الجامعة بأهمية منع النقاب لمنع الإخوان من تهريب الأسلحة داخل الجامعة، حيث إنه تمّ ضبط عدة حالات تهريب أسلحة ولافتات داخل نقاب طالبات الإخوان. وبالفعل، وافق ممثل "أمن الدولة" مع تحفظه على تبعات القرار المتوقّعة.

كانت التوقعات تشير إلى أن القرار مفروض على جابر نصار من جهات أمنية تحاول التخلّص من بقايا الإخوان داخل الجامعة، أو تحجيم ظهورها. وقد تواصلت "ألترا صوت" مع جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، لكنه رفض التعليق على ذلك. فيما أكدت مصادر لـ"ألترا صوت" أنه صاحب القرار الأول، مرجعًا السبب إلى عداء سابق وقديم بينه وبين الجماعة، بالإضافة إلى رصده لتوغّل الأفكار السلفية داخل الجامعة. الأمر الذي يتعارض مع إقراره منح الدكتوراه الفخرية لسلمان بن عبد العزيز، ملك السعودية، وقوله: "سلمت يا سيدي ملكًا يحمي البلاد"، خاصة أن السعودية الآن مركز تصدير النقاب للعالم.

اقرأ/ي أيضًا: "سودانيات ضد الحجاب".. اغتيال المعارِضات بالفبركة

"امنعوا النقاب".. مبادرة العلمانيين

تدريجيًا، خرج جدل النقاب من أسوار جامعة القاهرة إلى المجال العام، حيث تمّ تبادل نقاش برلماني حول قانون يجرّم ارتداء النقاب في الأماكن العامة والمصالح الحكومية، ودار نقاش ساخن على القنوات الفضائية بين آمنة نصير وسعاد صالح وأسامة الأزهري، الرافضين للنقاب، وعدد من مشايخ الأزهر، الذين تتراوح آراؤهم بين مؤيد ومعارض.

أطلقت حركات علمانية مصرية مبادرة "امنعوا النقاب"، التي اعتبرها البعض انتهاكًا لحرية المرأة فيما يراها آخرون حلًا لعديد الجرائم

فيما أطلقت حركات علمانية مبادرة "امنعوا النقاب"، التابعة لحملة "لا للأحزاب الدينية"، التي اعتبرها بعض نشطاء حقوق الإنسان انتهاكًا لحرية المرأة في ارتداء ما تقرره، بينما يعتبرها أمنيون حلًّا لعدة جرائم ولا تقتصر فقط على جرائم الإرهاب. بينما يظل الموقف القانوني حبيسًا في أدراج قضاة المحكمة الإدارية العليا.

ويعلق المحامي حسين حسن، المقرر القانوني لحملة "لا للأحزاب الدينية"، على الموقف القانوني للمبادرة قائلًا: "سبب المبادرة يعود إلى الحكم الذي أصدره مجلس الدولة والذي يؤيد كلام الدكتور جابر نصار في منع عضوات هيئة التدريس من ارتداء النقاب داخل الجامعة في العملية التعليمية". وأوضح "حسين" أن "المبادرة تحاول دعم الجهات والمصالح الحكومية في تطبيق القرار القضائي بمنع النقاب".

ومن من الناحية القانونية تستند المبادرة، حسب قوله، إلى "المادة الثانية في الدستور، وتقول إن الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للتشريعات في مصر، والنقاب ليس فرضًا، وبالتالي فإن أي قرار يصدر لن يكون مخالفًا لنص الماده الثانية. وثانيًا الماده السابعة في الدستور تعتبر أن الأزهر هو المرجعية العليا للشؤون الإسلامية، وبالتالي لفتوى الأزهر التي تقول أيضًا إن النقاب ليس فرضًا، يجوز تنظيم ارتدائه".

"دعم النقاب".. محاولة الإسلاميين

أطلق عدد من قيادات الدعوة السلفية حملة جديدة بعنوان "دعم النقاب"، ردًا على الحملة الأخيرة التي أطلقها عدد من السياسيين لمنع النقاب في مصر، وذلك خلال مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي. وأكد الشيخ سامح عبد الحميد، القيادي السلفي، أنه بدأت بعض المستشفيات بعمل تخفيض لثمن الكشف للمنتقبات، وبعض المدرسين للطالبات المنتقبات، مشيرًا إلى أن الفكرة ممتدة لعمل تخفيضات للمنتقبات بمحلات الأغذية ومحلات المفروشات وغيرها، للتشجيع على النقاب والدعوة للاحتشام والصيانة والحياء.

وراجت المواقع التابعة للدعوة السلفية وحزب النور، والصفحات التابعة لهما، بالدعوات المطالبة بالترويج للحملة، وتقدم أعضاء الحزب والدعوة من أصحاب المحلات والمراكز الطبية والعيادات الخاصة والمكتبات، وأصحاب مراكز الاتصالات والملابس بتقديم الخصومات للمنتقبات التي وصلت إلى 50 في المئة لهن، و20 في المئة للمحجبات.

وفي السياق نفسه، أعلن مكتب "المفوض" للخدمات الحكومية، الخاص بتسهيل عمل شهادات الميلاد وبطاقات الرقم القومي، تقديم خصم 50 في المئة للمنتقبة واستقبال 10 من المنتقبات مجانًا يوميًا، بجانب شركات "العالمية للتجارة" و"الفتح للمواد العازلة" وعشرات الشركات والمراكز الأخرى، التي انضمت لحملة "متضامن مع حملة خصم للمنتقبة".

وتابع الشيخ "عبد الحميد" في تصريح صحفي له، أن "كل هذا يأتي لأن الدستور والقانون يكفلان للمرأة حرية ارتداء النقاب، والنقاب لا يُعيق الفتاة عن التعلم في المدارس والجامعات والعمل في مختلف الوظائف، والقائمون على حملة منع النقاب يُخالفون الدستور والقانون وحقوق الإنسان، وقد فشلت حملتهم وفشل مؤتمرهم، ويُمكن توفير موظفات على بوابات المستشفيات والجامعات وغيرها للتأكد من شخصية المنتقبات اللاتي يدخلن هذه الأماكن".

اقرأ/ي أيضًا:

عشرون رسالة غير محجبة

اعرف شخصيتك من لحيتك