22-يوليو-2016

ما السر في قلوب الأمهات؟(رينا أفندي/Getty)

كثيرًا ما سمعنا ورددنا أن للأمهات قلوبًا تفيض حنانًا وأفئدة تتمزق دون أكبادها وكنت شاهدًا على ثلاثة مواقف تؤكد ذلك. الموقف الأول كان في يوم صيفي حار وأنا برفقة أحد الأصدقاء، مر بنا شاب عشريني على متن دراجة نارية وكأنه يبحث عن موت محقق، سرعته الخيالية توحي بطيشه وعدم مسؤوليته ولا مبالاته حتى بالنفس التي بين جنبيه، وحدث أن فقد سيطرته على الدراجة ليجد نفسه وجهًا لوجه مع سيارة تسير في الاتجاه المعاكس وعلى طريقة أفلام بوليود تتعانق السيارة والدراجة ويطير هو مسافة أمتار ليسقط على حافة الطريق مغمي عليه والدماء تنز من رأسه، وصلت رفقة صديقي لمحاولة إسعافه وبصعوبة تمكنا من حمله على متن سيارة أحد سكان الحي وقد هب مسرعًا لينقله للمشفى.

كثيرًا ما سمعنا ورددنا أن للأمهات قلوبًا تفيض حنانًا وأفئدة تتمزق دون أكبادها وكنت شاهدًا على ثلاثة مواقف تؤكد ذلك

اقرأ/ي أيضًا: للأمومة ثمن!

بقيت معي محفظته التي تحتوي على قطع نقود حديدية وهاتف لم يتوقف عن الرنين لكن من المتصل؟ أخرجت الهاتف من المحفظة ونظرت لأجد المتصل مسجل باسم "أمي"، ترددت قليلًا في البداية ثم قررت بعد اتصالات عديدة أن أرد وأشرح لها الأمر دون تهويل وإذا بي أسمع مباشرة بعد ردي على المتصل ذلك الصوت المندفع الخائف "محمد وش بيك وليدي؟"، لم أجد ما أقول لحظتها ارتبكت ووجدتني أغلق الخط بيننا خشية أن يحدث لوالدته مكروه إن تفوهت بكلمة. بعد مرور 10 دقائق، وصل بعض أفراد عائلة المصاب، سلمتهم محفظته، وسألت مستغربًا كيف اتصلت أمه في لحظة الحادث ومن سابع المستحيلات أن يكون الخبر قد وصلها في ثوان؟ قيل لي إن أمه شعرت فجأة بخوف شديد عليه واتصلت ليزداد خوفها ويقينها من حصول شيء سيئ لفلذة كبدها بعد عشرات الاتصالات دون رد.

الموقف الثاني، الذي كنت شاهدًا عليه وترك أثرًا عميقًا داخلي هو وفاة شاب في مقتبل العمر فجأة وأمام صعوبة تصديق الخبر وأنه كان قبل لحظات يضاحك أحبابه ويمازح كل من يمر به وكان لطيفًا معروفًا بروحه الخفيفة وبحب الجميع له. حقًا وفاته كانت فاجعة تحل بالجميع، أيام فقط تمر لأعلم أن والدته قد زارت الطبيب يوم وفاته لمرات، كانت تخبرهم أن قلبها منقبض وأنها تحس بأعراض غريبة، قلبها كان يحضر نفسه لفراق أغلى ما لديها.

اقرأ/ي أيضًا: وإني سميتها كرامة

أما الموقف الأخير، فكان في عشية صعبة فقدت بها واحدًا من أعز أصدقائي وكان قد دعاني لمرافقته في سفر عاجل بعد ساعات واعتذرت لأن الوقت المتبقي لا يكفي لأرتب أموري، لكن إلحاحه المتواصل وإصراره على أن لا أتركه يسافر بمفرده جعلاني أوافق مجبرًا على طلبه وأؤكد له مرافقتي له، وبالفعل عدت للبيت استأذنت والدي وحضرت نفسي لمرافقته.

اتصل بي مجددًا قبل حوالي نصف ساعة من موعدنا وكنت على يقين أنه اتصل ليتأكد من استعدادي لمرافقته أو أنه في طريقه إلي، لكن المفاجأة أنه اتصل ليبلغني أن سفره قد ألغي وكان يقولها بنبرة غاضبة وحين استفسرت عن السبب أخبرني أن والدته طلبت منه أن لا يسافر لأنها تشعر بشيء ما، وفعلاً ألغيت الرحلة لكنني لم أر صديقي بعدها وكانت تلك آخر مكالمة بيننا، توفي في اليوم التالي دون أن يودع أحدًا في حادث مرور مروّع. كلها مواقف جعلتني أتساءل دائمًا: ما السر في قلوب الأمهات؟؟

اقرأ/ي أيضًا:

قصة أم.. في سن المراهقة!

5 هدايا تسعد بها أي أم مستقبلية