01-أغسطس-2016

جنود من الجيش اللبناني (/باتريك بازGetty)

يظهر الجيش اللبناني مرة أخرى بإعلاناته السنوية خلال عيده الكريم كالمثل الأفضل لاستغلال الـ"مسوقين" وشركات التسويق لأي حدث أو عيدٍ رسمي أو مناسبة بهدف البيع. البيع العشوائي وغير المنظم، كأي رأي أو موقفٍ سياسي يتناثر على صفحات الصحف العربية أو المواقع الاجتماعية والإخبارية في لبنان. جيشًا بكل ضعف ترسانته وتنظيمه العسكري أصبح "سلعة" في المجتمع اللبناني.

أي مشكلة أكبر من أن يتحول عيد الجيش اللبناني إلى فرصة لتسويق سلع منتهية الصلاحية؟

أيعقل أن نمزج بين رجولية وشهامة وشجاعة العسكري اللبناني بأريكةٍ في إحدى صالات عرض المفروشات في بيروت؟ هكذا بدأت رحلتي الإلكترونية خلال عيد الجيش على صفحات معظم المؤسسات والمتاجر والشركات التي استغلت يوم عيد الجيش للتسويق.

اقرأ/ي أيضًا: الجولاني ينفصل عن القاعدة، إلى أين؟

نبدأ بأريكة تحمل تصميمًا عسكريًا من الزي العسكري المرقط وتحمل الأريكة شعارًا في الصورة الرسمية لهذا اليوم والمتطور كان من المفترض أن يكون مسؤولًا بما فيه الكفاية كي يلاحظ أن الجندي المستخدم للتسويق في إعلاناتهم "المحبّة" "تنضل مرتاحين" (لنبقى مرتاحين). إن أخذنا الأمر بسذاجة فإن الجيش بتأمينه لأمن المواطن في هذه البلاد يُعادل الأريكة المريحة المصنعة في مدينة المفروشات "فلان".

وبالطبع لم يقتصر الأمر للمبيعات كالمشاوي والكباب، الأحذية، العطورات، فأشهر من سوَّق للجيش في عيده هو "Virgin Megastore" وبالتحديد قسم تذاكر الحفلات، ولكي يضع اللمسة الأخيرة، فقد كُتب على الإعلان التالي: "خلي عينك علينا يا بطل".

اقرأ/ي أيضًا: مصر..النظام يختبئ خلف ميج-35

وبغض النظر عن أحاديث هيبة الجيوش، وبغض النظر عن كل الانتقادات التي يمكن توجيهها للجيش اللبناني وقلة أفعاله الجدية لإنقاذ الناس (على الأقل منذ ولادتي في أوائل التسعينيات)، ورغم كل شيء، أتضامن مع هذا الجيش بكل إنسانية، فمن المعيب أن يتحول موظف رسمي، سواء كان عسكريًا أو مدنيًا، لأداة جذب لا يهمها سوى جر المستهلكين إلى المتاجر، حتى لو كان بإعلانٍ مهين. فن الإعلان جميل ولكن أحيانًا قاتل، وهذا ما لم يتعلمه المسوقون ورجال الأعمال اللبنانيون، وهذا ما اتضح لنا خلال الأول من آب/أغسطس 2016.

المأكولات، المشروبات، النراجيل، المفروشات، الأحذية، الملابس وكل ما يحتوي على رأسمال يحتفلون بالجيش اللبناني. وأتخيل العسكري الذي يقف في شوارع بيروت لـ 18 ساعة يحرس ويشتم اللحظة التي قرر فيها الالتحاق بالجيش. الضجر، الحر، البرد، وكل المواقف البشعة التي يتعرض لها العسكري تتفاقم مع إعلانات مطاعم "كبابجي" التي عايدت الجيش بجزمةٍ ستشوي الأعداء، واستغلال وجه طفلٍ على إعلان "خطوط الشرق الأوسط الجوية-MEA" للتسويق لتذاكر سفرٍ لا يمكن لعسكري أن يدفع ثمنها.

أي مشكلة أكبر من أن يتحول عيد الجيش اللبناني إلى فرصة لتسويق سلع منتهية الصلاحية، كما هو واضح من غضب اللبنانيين من الإعلانات في الأول من آب؟ ..أم أن المشكلة الأسوأ هي قلة الحرفية والإبداع في الإعلانات اللبنانية؟!

اقرأ/ي أيضًا: 

النازحون في العراق..مخيمات الموت المهملة

2016..النظرية التي تفسر عامًا سيئًا للغاية