18-أغسطس-2023
خوان مانويل روكا ومختاراته الشعرية (الترا صوت)

خوان مانويل روكا ومختاراته الشعرية (الترا صوت)

خوان مانويل روكا كاتب وشاعر وروائي كولومبي من مواليد عام 1946. يُعد من أهم وأشهر شعراء كولومبيا وأمريكا اللاتينية، ويوصف بأنه: "شاعرٌ إنساني العمق، ملتزم بقضايا الإنسان، عفوي وحميمي في تعبيره عن القضايا التي يؤمن بها ويُدافع عنها"، وفق ما ذكره الشاعر والمترجم المغربي خالد الريسوني في تقديمه للمختارات التي أعدها وصدرت ضمن سلسلة "كتاب الدوحة" تحت عنوان "صانع المرايا" عام 2019.

وهي المختارات التي أخذنا منها القصيدة التالية "بين خرائب وتماثيل".


بين خرائب وتماثيل

وجدت نفسي صحبةَ مُنظِّرٍ

للأشكال الرمزية.

دون أن أسأله شيئًا

أثبتَ نظريّته عن التماثيل العاجزَة،

قال لي: "كلُّنا قد رأينا

حشدَ التماثيل الجريحة،

بلا أذرعٍ، بلا سيقانٍ

وفي أحيانٍ كثيرةٍ بلا رأسٍ"

كان يؤكد أن 90٪

من كلِّ تلك التماثيل المُعاقة

وصلت إلى هذه الحالة المزرية جدًا

بسبب الحروب.

قال لي إن تمثال المرأة بلا ذراعين

التي تبدو في الكتب

فقدت الذراع اليسرى

بخبطة فأسٍ بربريٍ

واليُمنى

بضربةٍ محتالةٍ لمقصلةِ البحرِ.

وثمة التي بلا رأسٍ،

حتى وإن كانت تمتلك تيجانًا وأكاليل

وبقيت قيد الحياة معطوبةً

أمامَ معارك الزمن.

 

بعضُها نجتْ، حزينة لكنها غير مهزومة،

من حصارات القراصنة ومن المتحف البريطانيّ.

تمثال الدكتور أتل،(1)

الرسام الأسطوري للرياح والبراكين،

له قدمٌ واحدةٌ وهو لا يمشي

رغمَ عكازته البرونز القويّة.

 

لربما أجمل التماثيل تتخفّى

من المطرقة دون منجل المزادات

وتضطجع مغمورة في متاحف البحر.

ثمة جيوشٌ من البرونز

يلفُّها المعماريون والهزّات

بالضّباب وبالخرائب.

 

يبدو أن الزمن

يرغب في منحها مظهر الشّحاذين،

وإن كانت لها قامة وجمال

المنحوتات الإتروسكانية والقبليّة

للديانة البولينيزية وللوثن الإفريقي،

لفَنٍّ كان يرغبُ في تحطيم البهاء

لكي يخرجَ من التهجين والسكينة.

 

ومثلما هو الحال دومًا يتوصّل إلى ذلك بشكلٍ أفضل

الأطفالُ

الذين يلعبون في الحديقة لعبة التماثيل:

يُغيّرون الإيقاعات والأشكال حسب نزواتهم

وينحتون حركاتهم في ورشات الهواء.



(1) هو خيراردو موريُّو (1875 – 1964) فنّان وكاتب مكسيكي.